بعض الناس يتعرقون بشكل مفرط رغم أنهم لم يبذلوا أي مجهود ورغم انخفاض درجات الحرارة! ويتسبب ذلك في حرج بالغ لهم قد يدفعهم للعزلة. لكن لا داعي للقلق فالأمر هنا يتعلق بخلل في بعض الغدد العرقية، وهو مرض له عدة حلول للعلاج. تعرق الجسم عملية ضرورية فبها يقوم بالتكيٌّف مع محيطه والحفاظ ِعلى درجة حرارة صحية وسليمة له. لكن يوجد أشخاص يكون معدل العرق عندهم أكبر من المعدل الطبيعي بشكل ملفت. فتقوم أجسامهم بإفراز الكثير من العرق حتى وإن لم يكن الجو حارا أو أنهم لم يبذلوا مجهودا. ويعتبر الأطباء هذه المسألة حالة مرضية، تسمى "الافراط في التعرق". حياة المصابين بمرض الافراط في التعرق ليست سهلة، فكثيرون منهم يشعرون بالحرج وتشكل هذه المسألة عبئا نفسيا كبيرا بالنسبة لهم، مثلما هو حال الشاب محمد أكزكي الذي اكتشف أنه مصاب بهذا المرض وهو في سن الـ 16. فقد كان العرق يتصبب من ابطيه بشدة. وحاول بشتى الوسائل أن يحل مشكلته مع العرق، لكن دون جدوى القمصان الممتصة للعرق، ومزيلات ومضادات العرق كلها لم تكن حلا بالنسبة لمحمد. فجلده لا يتحمل المواد التي بها أملاح الألومنيوم. الهروب من لقاء الناس ردود أفعال الأشخاص حول التعرق المفرط لمحمد أكزكي جعلته وحيدا بعدما كان ابن الـ 19 مفعما بالحياة. يحكي محمد أن الآخرين كانوا يرونه ولا يريدون الاقتراب منه. وحتى عندما كان يلعب الرياضة كان زملاؤه يتحاشون معانقته على عكس ما هو مشهور في الفرق الرياضية. كان أكزكي لا يغادر المنزل إلا حين يحل الظلام حتى لا يرى أحد ما به، وعاش أسوأ فترة في حياته قبل أن يجد العلاج. وهو مثل كثيرين غيره لم يكن يعرف أن من الممكن معالجة الإفراط ِفي التعرق، بل إنه لم يعرف أنه مرض أصلا إلا عندما زار الطبيب. ويؤكد طبيب الأمراض الجلدية الذي زاره محمد أن المرضى يعرقون أكثر من المعدل الطبيعي، وبأشكال مختلفة، فهناك من يتعرق عن طريق الابطين ويتسبب هذا في وجود بقعة في تلك المنطقة. وهناك من يعرق من يديه، أو من رجليه، والحالة الأصعب هم المرضى الذين يفرزون العرق من مناطق متعددة من الجسم، حسب ما ذكر لمحمد طبيب الأمراض الجلدية. التمهيد لتحديد نوع العلاج في البداية هناك اختبارات عديدة يجريها الطبيب على مريض التعرق المفرط. أولا يتم الكشف عن كمية التعرق فيقوم الطبيب بتثبيت ورق ترشيح تحت إبط المريض إذا كان مثل محمد يعرق من تحت إبطيه. وبعد دقيقة يزن الورق. وتبين أن محمد يعرق مئة مرة أكثر من الشخص السليم. بعد ذلك يأتي اختبار اليود الذي يكشف المناطق الأكثر تعرقا. يوضع محلول اليود على منطقة جافة من جلد المريض ثم يرش فوقها نشا الطعام. عند التعرق يمتص النشا اليود ويتلون. ومن هذه اللحظة يبدأ العلاج. .طرق علاج مختلفة توجد خيارات مختلفة لعلاج فرط التعرق. البداية تكون بتجنب عناصر تتسبب في التعرق، كالقهوة والسجائر. واذا لم ينجح هذا فيمكن محاولة استخدام وسائل مانعة للعرق توضع على الجلد. وبالنسبة لتعرق اليدين والقدمين فهناك علاج كهربائي خاص. فاذا لم تنجح كل هذه المحاولات، يمكن المحاولة باستخدام مادة البوتوكس التي تشل الغدد العرقية. في الحالات المستعصية تكون العملية هي الحل الوحيد، كما هو حال محمد اكزكي. وفي هذه العملية يتم شفط الغدد العرقية، طريقة تستخدم فقط لمنطقة الإبطين، حيث تفتح فيها ثقوب صغيرة، ولا تستغرق العملية أكثر من ساعة. عند عملية شفط الغدد العرقية يتم البحث عن الغدد المتواجدة بين الأنسجة الدهنية والجلد ثم ازالتها، وفي خطوة أخرى شفطها. وهذه العملية تحاول الحد من التعرق المفرط وجعله طبيعيا للأبد. بعد العملية تكون هناك متابعة منتظمة للتأكد من الشفاء. وفي المتابعة الأخيرة لحالة محمد بعد تسعة أشهر من العملية ظهر أن سيل العرق لديه توقف، ما سبب راحة كبيرة بالنسبة له. ويقول محمد عن شعوره بعد هذه المعاناة: "شعوري لا يمكن وصفه، ولن يعرفه إلا شخص أصيب بما أصبت به. أنا ببساطة مرتاح، وأصبحت إنسانا مختلفا حقا." بعد مرور قرابة عام على العملية، يستطيع محمد أن يقوم بكل شيئ حُرم منه طيلة سنوات، ممارسة الرياضة مثلا، والآن يستطيع أن يعانق رفاقه أيضا.
مشاركة :