لا يساورنا شك في أن كلاً من خطاب سمو الأمير وخطاب سمو ولي العهد- حفظهما الله- خطاب مميز، وجاء بتوجهات غير معهودة ولا مسبوقة في الخطابات التي توجه من القيادة السياسية، فقد اتسم الخطاب بالمباشرة والوضوح في تشخيص مسببات الحالة الراهنة للبلاد، وأن مردها للخلل والتقصير المتمثل في ضعف وتخبط أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية وفقدان التعاون بينهما، وكذلك بسبب غياب الدور الحكومي في المتابعة والمحاسبة، وعدم وضوح الرؤية المستقبلية، وأن ذلك قد عرقل مسيرة التنمية. كما أشار الخطاب إلى أن قرار حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة هو عودة للشعب لإعادة اختيار ممثليه، وحمل دعوة صريحة للشعب بأن يحسن الاختيار؛ لكي يتحقق الغرض الذي من أجله يتم الاحتكام إليه، وليكن اختياره متجرداً من الطائفية والقبلية والفئوية أو أي عصبية حتى لا نعود إلى مربع الخلل ذاته. وقد أسهب سموه في تأكيد التمسك بالدستور، وأنه العهد الذي يعتبر أساساً لشرعية الحكم وهو مصدر سلطة الشعب بالمشاركة في إدارة شؤون الدولة، وفي هذا الصدد جاءت جملة من التأكيدات الجوهرية ومنها أننا لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعليقه، ولا حتى المساس به، وهو تأكيد غير مسبوق إطلاقاً. ومن ذلك أيضاً الاحتكام للدستور وحل مجلس الأمة حلاً دستورياً والدعوة لانتخابات عامة، وأنه لن تتدخل السلطة في اختيار رئيس مجلس الأمة القادم ولا في اختيار لجانه، وحمّل الشعب مسؤولية الاختيار الصائب لممثليهم، وأهمية التفاهم والتعاون من قبل السلطتين مستقبلاً لما فيه مصلحة البلاد واستقرارها. ولا شك لدينا في أن خطاباً كهذا يدشن مرحلة جديدة للحكم في الدولة، وهو ما كان الشعب يتوق إليه، بل كان يترقبه نظراً لما كان يتردد في أروقة الحكم من توجهات في هذا الصدد من مؤشرات تؤكد ذلك، ولئن أبدينا ما حمله الخطاب من مبشرات وتطمينات، فإننا أيضاً نود التأكيد على أهمية الحرص على الضوابط والإجراءات الدستورية في ترتيبات الحل والانتخابات لتجنب المثالب والطعون، وتوفير ضمانات مهمة تعزز نزاهة الانتخابات وتجاوز التأثيرات السلبية المعروفة لضمان انتخابات نزيهة وحرة استكمالاً لتوجهات القيادة السياسية الرشيدة، وكذلك عدم التأخر في حل المجلس وإجراء الانتخابات حتى يتم تجنب أية معوقات أو معضلات تنال من سلامة الانتخابات قانونياً، ولعله من نافلة القول أن يأتي في إطار توجه سموه في الخطاب اختيار رئيس وزراء ووزراء مميزين ممن يكونون قادرين على تحمل مسؤوليات المرحلة القادمة، مع منحهم ثقة القيادة السياسية لممارسة مسؤولياتهم بثقة واقتدار واستقلالية، وعدم النزول عند الرغبات النيابية والشعبية الضارة التي تُفقِد الحكومة نديتها، بل أن تكون مصلحة البلد حاضرة أمام أعينهم، بلا تردد أو خوف من المسؤولية.
مشاركة :