تدور قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى العام الجاري حول أزمات كبرى، بداية من حرب أوكرانيا مروراً بأزمات الجوع وصولاً للاحتباس الحراري. والتوقعات المعقودة على اجتماع رؤساء دول وحكومات المجموعة، في مدينة إلماو بولاية بافاريا، كبيرة مثل المشكلات التي سوف تتم مناقشتها. وتستضيف ألمانيا القمة خلال الفترة من 26 حتى 28 يونيو الجاري في قصر «إلماو»، ويشارك فيها إلى جانب المستشار الألماني أولاف شولتس، قادة دول وحكومات باقي دول المجموعة، فرنسا وإيطاليا، واليابان وكندا، والولايات المتحدة وبريطانيا. كما يعتزم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المشاركة في القمة، وكذلك قادة الهند وجنوب إفريقيا، والسنغال وإندونيسيا، والأرجنتين. أهمية القمة بهجومها على أوكرانيا عزلت روسيا نفسها دولياً إلى حد ما. وهذا يجعل التعاون على المستوى الدولي أكثر صعوبة، ليس فقط في الأمم المتحدة. من هنا أصبحت مجموعة السبع أكثر أهمية، حيث يمكن للقمة أن تضع مبادئ توجيهية حاسمة لقمة مجموعة الـ20 ومؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ، وكلاهما سيعقد في نوفمبر المقبل. وتقول مديرة منظمة «غلوبال سيتزن» في ألمانيا، فريدريكه مايستر، وهي منظمة تعمل على مكافحة الفقر المدقع: «ربما تكون مجموعة السبع هي المنتدى الوحيد متعدد الأطراف، والمتجاوز للأقاليم، الذي لايزال قادراً على التعامل مع الحرب في أوكرانيا.. لذلك فإن مجموعة السبع تكتسب أهمية خصوصاً العام الجاري، وأيضاً باعتبارها تحالفاً لأهم الدول المانحة». ويقول مدير معهد «بوتسدام» الألماني لأبحاث تأثيرات المناخ، أوتمار إيدنهوفر، إنه على عكس مؤتمرات المناخ الدولية الكبرى، فإن مجموعة السبع هي «شكل محدود نسبياً، تتجمع فيه البلدان الأكثر أهمية اقتصادياً، وكذلك أيضاً العديد من البلدان ذات الانبعاثات العالية.. هذا يجعل مجموعة السبع مكاناً جيداً لاتخاذ قرارات شجاعة بشأن المزيد من حماية المناخ لأنها تستطيع ذلك، ولأن هذه القرارات لها تداعيات عالمية». أزمة الغذاء لفترة طويلة أحرز المجتمع الدولي تقدماً في مكافحة الجوع. لكن أزمة المناخ وجائحة كورونا والصراعات كانت لها عواقب وخيمة على الأزمة. وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، هناك 50 مليون شخص على شفا المجاعة. وتقدر منظمة الأمم المتحدة الوضع في إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن وأفغانستان والصومال بأنه كارثي، وتقول إن 750 ألف شخص في البلدان المتضررة بشكل خاص مهددون بالمجاعة. وتؤدي الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا والتغيرات المناخية المرتبطة بالجفاف إلى تفاقم الوضع. فأسعار المواد الغذائية في ارتفاع. ومن المفارقات أن أوكرانيا وروسيا هما أكبر مصدري القمح في العالم، وعادة ما تغطيان نحو ثلث الطلب العالمي. ووفقاً للأمم المتحدة، قد يواجه 1.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم نقصاً في الغذاء، حيث تغلق روسيا الموانئ الأوكرانية، وبالتالي تحول دون تصدير المنتجات الزراعية عبر البحر الأسود. مطالب مكافحة الجوع ■ التحالف من أجل الأمن الغذائي العالمي شكل هذا التحالف في مايو الماضي وزراء التنمية في مجموعة السبع بالتعاون مع البنك الدولي استجابة لتداعيات الحرب في أوكرانيا. وتشكو الخبيرة لدى فرع منظمة «وورلد فيجن» التنموية في ألمانيا، فيونا أولندال، من أنه «من غير الواضح تماماً حتى الآن كيف سيتصرف هذا التحالف على نحو محدد»، وتقول: «أي كيف سيكون التطبيق على وجه التحديد، وكيف ستبدو الركيزة المالية؟»، مؤكدة ضرورة إشراك المجتمع المدني والدول الفقيرة على وجه الخصوص، وهي الأكثر تضرراً من نقص الغذاء الجاري. ■ المال وفقاً لـ«غلوبال سيتزن»، يجب توفير مليارات عدة إضافية من الدولارات على المدى القصير لمكافحة أزمة الجوع. وتطالب مايستر قائلة: «يجب أن يتبع ذلك المزيد من الاستثمارات طويلة الأجل لتعزيز الأمن الغذائي العالمي». ■ إعادة تنظيم النظم الغذائية وتقول أولندال: «المساعدات الطارئة وحدها لا تكفي لإنهاء هذه الأزمة.. يجب تدعيم صغار المزارعين في الجنوب العالمي بشكل أكبر، ويجب منحهم وصولاً عادلاً للأسواق»، موضحة أن هذا من شأنه أيضاً تقليل الاعتماد على كبار المصدرين. أزمة المناخ وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، كانت الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري بين عامي 2010 و2019 أعلى من أي وقت مضى في تاريخ البشرية. ومن دون إجراء تخفيضات فورية في الانبعاثات، لن يعود من الممكن تحقيق هدف الحد من زيادة الاحترار العالمي عند 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن متوسط درجة الحرارة السنوية في العالم قد يتجاوز1.5 درجة لأول مرة بحلول عام 2026. ووفقاً لتقرير الجفاف الصادر عن الأمم المتحدة، فقد زاد عدد فترات الجفاف ومُددها بالفعل بنسبة 29% على مستوى العالم منذ عام 2000. مطالب حماية المناخ ■ نادي المناخ أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس في يناير الماضي عزمه استغلال رئاسة ألمانيا لمجموعة السبع لجعل المجموعة جوهراً لنادٍ دولي للمناخ، مؤكداً ضرورة أن يكون هناك «نقلة نوعية» في السياسة الدولية للمناخ، وقال: «ليس من خلال انتظار الأكثر بطئاً والأقل طموحاً، بل من خلال تقديم نموذج جيد»، مضيفاً أن نشطاء حماية المناخ يريدون الآن رؤية هذه الكلمات مليئة بالحياة، ومترجمة إلى قرارات ملموسة. وقال خبير الاقتصاد المناخي إيدنهوفر، إنه في أفضل الحالات ستكون الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي ممثلة في هذا النادي، ويمكن على سبيل المثال تطبيق أسعار منسقة دولياً لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي ضريبة تجعل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أكثر كلفة. ■ المال تعهدت الدول الصناعية بدعم الدول المتضررة بشكل خاص من تغير المناخ بمبلغ 100 مليار دولار سنوياً. وتطالب مايستر، من منظمة «جلوبال سيتزن»، بتنفيذ هذا الوعد. ■ التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري تدعو منظمة «غرينبيس» المعنية بشؤون البيئة بإنهاء استخدام الغاز الطبيعي الأحفوري بحلول عام 2035 والفحم بحلول عام 2030، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100% في توليد الكهرباء بحلول عام 2035. تأثير حرب أوكرانيا في القمة تقول مايستر: «هناك قلق من منح مساحة أقل لقضايا السياسات التنموية»، موضحة أن جعل العالم أفضل وأكثر عدلاً، لا تحسمه فقط مسألة الحرب أو السلام، وتضيف: «نرى مدى ارتباط الجوع في العالم بالحرب في أوكرانيا وكذلك أيضاً بأزمة المناخ». الأموال المخصصة لأزمات أخرى وتقول مارفين ماير من منظمة «وورلد فيجن»: «نحن قلقون للغاية بشأن ميل بعض الدول المانحة إلى إعادة تخصيص أموال المساعدات الطارئة للأزمة الأوكرانية بدلاً من حالات الطوارئ الجارية، مثل تلك الموجودة في سورية أو أفغانستان أو إثيوبيا.. نداء الأمم المتحدة لتمويل أوكرانيا كان ناجحاً في وقت قصير للغاية، حيث جُمع أكثر من 60% من الأموال المطلوبة مقارنة بجمع 18% في المتوسط من مطالب خطط تمويل طوارئ أخرى»، مضيفة أنه سيتعين على مجموعة السبع زيادة التزاماتها بالمساعدات حسب الحاجة. حماية المناخ أسعار الغاز ترتفع بوتيرة أسرع من أسعار الفحم، كما يقول خبير الاقتصاد المناخي إيدنهوفر، و«نتيجة لذلك يقوم العالم ببناء محطات طاقة تعمل بالفحم مرة أخرى. وفي ضوء مخاطر المناخ، لا يجوز لنا القيام بذلك». إمدادات الغذاء في العالم يقول إيدنهوفر إن صادرات القمح الأوكرانية آخذة في الانخفاض، إلى جانب وجود مضاربات في المواد الغذائية، ما يؤدي إلى أزمات جوع في شمال إفريقيا على وجه الخصوص، ويضيف: «هنا يجب أن يكون الهدف هو إطعام كميات أقل من الحبوب للماشية وزيادة استخدامها للناس، فهذه ستكون سياسة زراعية مستدامة». وفقاً للأمم المتحدة، قد يواجه 1.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم نقصاً في الغذاء. وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، هناك 50 مليون شخص على شفا المجاعة. تقدر منظمة الأمم المتحدة الوضع في إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن وأفغانستان والصومال بأنه كارثي، وتقول إن 750 ألف شخص في البلدان المتضررة بشكل خاص مهددون بالمجاعة. ربما تكون مجموعة السبع هي المنتدى الوحيد متعدد الأطراف، والمتجاوز للأقاليم، الذي لايزال قادراً على التعامل مع الحرب في أوكرانيا. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :