الحضور الخافت لبروس ويلز في فيلمه الأخير «الثأر» ربما كان مقدمة لما أصابه فيما بعد من احتباس صوتي جعله يعلن اعتزاله للتمثيل، فقد كان في هذا الفيلم أشبه بالممثل المساعد، مشاهده محدودة وتكاد تخلو من الحركة والأكشن، مما يرجح أن يكون الدور محددًا سلفًا لكي يناسب قدراته الصحية في ذلك الوقت. ففي فيلم «الثأر» يقوم جندي سابق من مشاة البحرية الأمريكية بالانتقام من المجرمين الذين قتلوا ابنته، مما يتسبب في سلسلة دموية من العنف والقتل.. فهو أحد تلك الأفلام التي تشاهدها بدافع الفضول أكثر من أي شيء آخر، لأن فيلم الحركة الذي يضم طاقم الممثلين مثل بروس ويلز ومايك تايسون سينال الاهتمام، الفيلم يحكي قصة انتقام رجل يدعى ويليام دنكان (كلايف ستاندين) يسعى للانتقام بعد وفاة ابنته، يتتبع دنكان (كلايف ستاندين، «الفايكنج») الذين أعدموا ابنته المراهقة (مادي نيكولز) خلال البدء في طقوس خاصة. عندما تُقتل ابنته بوحشية ويبدو أن العدالة القانونية غير متحققة، ينفذ ويليام دنكان القانون بيديه، ويبدأ السعي للانتقام، لكنه بعد أن قتل سفاح الشارع الذي كان مسؤولاً بشكل مباشر عن موتها، وجد نفسه في خضم حرب مع شقيق السفاح روري فيتر وعصابته. لكن انتقامه يغضب دوني فيتر (بروس ويلز)، وهو زعيم عصابة مسيطرة على الشوارع فيأمر ابنه روري (ثيو روسي) بالتخلص من ويليام وزوجته (جاكي مور)، يتدخل المحقق الكسول محذرًا من انتشار دائرة العنف لكن الوضع يخرج عن نطاق السيطرة، كما هو الحال دائمًا في أفلام الإثارة الانتقامية من هذا النوع، حيث يبدأ عدد الجثث في الارتفاع، لدفع ملل المشاهدين لا أكثر. يتخذ الكاتب والمخرج جاريد كوهن، قرارًا جيدًا لقد سمح للممثل توماس جين الذي يلعب دور تاجر أسلحة بأن يساعد ويليام في انتقامه من القتلة، يدخن توماس غليون كبير بشكل يصرف الانتباه ويتشبث دائمًا بزجاجة بيرة بغض النظر عن الوقت من اليوم، جين هي العضو الوحيد في فريق التمثيل الذي يفهم نوعية الفيلم الذي يصنعه، إنه لا يأخذ أي شيء على محمل الجد أبدًا، حتى عندما يكون في منتصف مطاردة سيارة يتعرض للرشق بطلقات نارية، ومعظم مشاهده تتعارض تمامًا مع بقية الفيلم. يظهر مايك تايسون باعتباره سارق سيارات محترف بدون سبب واضح سوى منح منتجي الفيلم عذرًا لإضافة وجهه إلى الملصق، يمتلك تايسون خمس دقائق من مدة الفيلم، لكنه يعرف نوعية الفيلم الذي يشارك به، ويبدو سعيدًا لإتاحة الفرصة له لكسب أجر ضخم دون مبرر درامي لوجوده في الفيلم. رغم القصة الفاترة فالخط الدرامي الأساسي مطابق تقريبًا لـ»عقوبة الإعدام»، 2007 التي تم التقليل من شأنها وقتها، من بطولة كيفن بيكون وإخراج جيمس وان، لكن امتاز بسمتين الحرية في تقويض التوقعات وتجربة شيء مختلف، وهما شيئان لم يهتم صناع هذا الفيلم بفعلهما، والفيلم بطولة: بروس ويلز، كلايف ستاندين، ديريك روسو، جاكي مور، كورت يو، مادي نيكولز، مايك تايسون، راندي غونزاليس، ثيو روسي، توماس جين.. والمخرج: جاريد كوهن. أما بروس ويلز، فمن السهل مراقبة أدائه المشتت والفارغ وصعوبة الاقتناع بأنه الشخص الثقيل الرئيس أو الزعيم الذي يحرك الأحداث، يقضي ويلز معظم مشاهده جالسًا خلف مكتب، ويبذل جهدًا كبيرًا لكي يتذكر حواره الضئيل، والذي جاء كسولًا أكثر من اللازم، إنه أمر محزن، لأن بروس ويلز قد أصيب عقب هذا الفيلم بفقد النطق وكتبت أسرته بيانًا، عبر حسابه الرسمى بموقع «إنستجرام»، قالوا خلاله «أردنا حشد معجبيه، لأننا نعرف مقدار ما يعنيه هذا بالنسبة له».. بهذه الكلمات أعلنت أسرة النجم الأمريكى بروس ويلز عن اعتزاله الفن نيابة عنه، بعد فقدانه القدرة على الكلام، لمعاناته من مرض الحبسة.. وأضاف البيان :«إلى أنصار بروس، كعائلة أردنا إعلان أن حبيبنا بروس يعاني من بعض المشكلات الصحية، وتم تشخيصه مؤخرًا بالحبسة الكلامية، مما يؤثر على قدراته المعرفية». وتابعت الأسرة: «نتيجة لهذا، يبتعد بروس عن المهنة التي كانت تعنى له الكثير. هذا وقت مليء بالتحديات لعائلتنا، نحن نقدر بشدة استمرار حبكم وتعاطفكم ودعمكم، نحن نتحرك كوحدة عائلية قوية، وأردنا جذب معجبيه لأننا نعرف مقدار ما يعنيه هذا بالنسبة له»، وتجدر الإشارة إلى أن الحبسة، التي أصيب بها النجم صاحب الـ67 عامًا، هي حالة مرضية، تسلب قدرة الفرد على التواصل، وتؤثر سلبًا على التحدث والكتابة، وفهم اللغة الشفوية والكتابية وتحدث الحبسة في أغلب الأحيان بشكل مفاجئ، عقب التعرض لسكتة دماغية أو إصابة في الرأس، وفى أحيان أخرى، تحدث تدريجيًا بسبب ورم بطىء النمو في الدماغ، أو مرض يسبب ضررًا تدريجيًا ودائمًا حسب إشارة «مايو كلينيك». أما عن مسيرة ويلز في التمثيل فكانت قد بدأت في أوائل الثمانينيات في أفلام مثل فيلم «The Verdict» لسيدني لوميت، ثم انطلقت مسيرته المهنية في وقت لاحق من ذلك العقد بفضل دوره البطولي أمام سايبيل شيبرد في سلسلة «ABC «Moonlighting وأدائه في دور جون ماكلين في فيلم الحركة لعام 1988 «Die Hard»، والذي منح ويليز أول فيلم رئيس له.. وعلى مدار أربعة عقود من حياته المهنية في التمثيل، حققت أفلام ويلز أكثر من 5 مليارات دولار في جميع أنحاء العالم، وتم ترشيحه لخمسة جوائز جولدن جلوب فاز بواحدة عن «Moonlighting»، وثلاث جوائز Emmys فاز بواحدة عن «Moonlighting» وآخر عن دور «Friends» كضيف شرف.
مشاركة :