تلقت أحزاب المعارضة في فرنسا بفتور خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي دعاها لأن تقدم خلال 48 ساعة مقترحات لطرق التوصل إلى «حلول وسط» لتسوية الأزمة السياسية التي أفضت إليها الانتخابات التشريعية في البلاد. ورفض ماكرون، الذي خسر الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، في خطاب مساء أمس ، فكرة حكومة وحدة وطنية يعتبر أنها «غير مبررة حالياً»، وبدل ذلك ألقى الكرة في ملعب منافسيه، داعياً إياهم إلى «تحمّل مسؤولياتهم»، ومناقشة خيارات تشكيل ائتلاف محتمل مع تحالفه الوسطي أو النظر في تقديم الدعم لإصلاحاته على أساس كل مشروع قانون على حدة. وفي خطاب مقتضب وجهه إلى الفرنسيين، أقرّ رئيس الدولة بوجود «تصدّعات» كشفتها الانتخابات التشريعية، ودعا الطبقة السياسية إلى «تعلّم الحكم والتشريع بشكل مختلف». لكن هذا قوبل بالرفض على نطاق واسع باعتباره محاولة لحشد الأحزاب خلف سياساته دون تقديم تنازلات تذكر. وذكّر ماكرون بأن الانتخابات التشريعية «جعلت الأغلبية الرئاسية القوة الأولى»، مؤكداً أنه مصمّم على «عدم فقدان تماسك المشروع الذي قمتم (الناخبون) باختياره في أبريل الماضي»، في إشارة إلى إعادة انتخابه. وتابع: «لا توجد قوة سياسية تستطيع اليوم أن تصنع القوانين بمفردها»، مشيراً إلى أنه «واقع جديد». وكان ماكرون اختتم، أمس ، طاولة مستديرة واسعة مع قوى المعارضة وحلفائه بحثاً عن توافق صعب لإنهاء الأزمة. ودعا حليفه ورئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب رئيس حزب «أوريزون» مجدداً إلى تشكيل «تحالف كبير» لمنح البلاد «توجهاً مستقراً». وردّ زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي جان لوك ميلونشون على الفور على دعوات ماكرون، معتبرا أنها «غير مجدية» وتشبه «الراتاتوي»، وهو طبق فرنسي جنوبي تقليدي يُصنع من خلال المزج بين الخضراوات والكثير من زيت الزيتون، وطالب بإجراء تصويت على سحب الثقة من رئيسة الوزراء إليزابيت بورن في الجمعية الوطنية. وأضاف: «لا جدوى من تبديد واقع التصويت عبر تغطيته باعتبارات ونداءات من كل الأنواع»، مؤكداً أن «السلطة التنفيذية الآن ضعيفة لكن الجمعية الوطنية قوية بكل شرعية انتخاباتها الأخيرة». من ناحيتها، قالت زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرّف مارين لوبن الذي يعد الآن ثاني أكبر حزب في البرلمان (89 نائباً)، «باختياره إما عقد تحالف وإما البحث عن غالبية لكل مشروع على حدى (يطرح على التصويت في البرلمان)، يحاول الرئيس إنقاذ ما تبقى من الوظيفة الرئاسية». لكنها وعدت بأن يدرس نواب كتلتها «النصوص في ضوء مصلحة الفرنسيين وفرنسا». ورفض الزعيم الجديد لتكل «الجمهوريين» اليميني أوليفييه مارليه منح «شيك على بياض لمشروع غير واضح». كما وعد بأن تقدّم مجموعته مقترحات بشأن القوة الشرائية الأسبوع المقبل. وقال برونو ريتايلو، عضو مجلس الشيوخ عن «الجمهوريون»:«بالنسبة لنا سيكون (الدعم) على أساس كل حالة على حدة». وقالت النائبة الاشتراكية فاليري رابو «إذا تمسك بمشروعه، فهو لا يملك أغلبية مطلقة... سيكون هو الذي يعطل فرنسا، وليس نحن». كما رفض زعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل تصريحات ماكرون، معتبراً أن «حديثه عن الأسلوب يهدف إلى التهرّب من مسؤوليته وعدم تغيير أي شيء من مشروعه». وحصل الائتلاف الوسطي الليبرالي الذي كان يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية السابقة والذي استند اليه ماكرون طوال ولايته الاولى من 5 سنوات، على 245 مقعداً من أصل 577، علماً أن الأغلبية المطلقة محددة ب289 نائبا.
مشاركة :