يشير خبراء علم النفس إلى أن مشاركة الآباء تجاربهم الناجحة أو الفاشلة مع أبنائهم خطوة تربوية مهمة تساعدهم على اكتشاف معاني الحياة. وقال الخبراء إن سرد أي تجربة بطريقة تتناسب مع مراحل النمو لدى الأبناء وفي وقت مناسب يساعدهم على الاعتبار من التجربة والتفكر في أسباب الإخفاق والتحديات التي واجهها الآباء. ويميل بعض الآباء إلى الافتخار ببطولاتهم أمام أبنائهم ليظهروا بمظهر الشجعان وعادة ما يتجنبون رواية تجاربهم الفاشلة لظنهم أن ذلك سيستنقص من شأنهم لدى أبنائهم وهو ما ينفيه خبراء علم النفس. ويقول الخبراء إن ما أخفق فيه الآباء يمكن أن ينجح فيه الأبناء، مشيرين إلى أن الفشل لا يعتبر عيبا أو استنقاصا وإنما من فشل يعتبر محظوظا لأنه جرب الحياة في جانب ما وصقله، واعتبر منه، بعد أن أعاد النظر في مسيرته. وقال الدكتور أشرف الصالحي استشاري الطب النفسي إن مشاركة الأبناء تجارب الآباء خطوة تربوية مهمة جدا في علم النفس، فالأولاد يتعلمون ويكتسبون المعارف بعدة طرق ومدارس؛ أولاها مدرسة التعلم بالاشتراطية، ورائدها العالم الروسي الشهير بافلوف، وثانيها مدرسة التعلم الإجرائي، ورائدها العالم الأميركي سكنر، وثالثها مدرسة التعلم بالمشاهدة والإدراك الاجتماعي، ورائدها العالم الكندي ألبرت باندورا. من الممكن طرح التجارب بوصفها مثالا لاتخاذ العبرة، لا أن تكون بصمة للاستخفاف بها، لشدة تأثر الأبناء بأفعال آبائهم وأضاف “عندما يتشارك الأهالي خبراتهم وتجاربهم، فإنهم يقومون بشكل فعال وعملي جدا بتعليم أطفالهم الإيجابيات والسلبيات من الخبرات التي مروا بها. وهنا ينبغي الانتباه إلى مناقشة التجارب الخاطئة، وليس فقط ذكرها وروايتها”. وأكد الصالحي أنه لا يجوز أن يستخف الآباء بما مروا به من تحديات، لأنها تقاطعات لعوامل كثيرة تسببت في التوقف عندها، مثل تلبية رغبات الآخرين وعدم امتلاك النضج الكافي، وسرعة التغير من حولهم ومواكبة المستجدات. وبيّن أنه طريق يحتاج إلى مثابرة، وتحد وله عوامل خاصة به، ولا بد من البحث عنها للمضي قدما؛ فالصراحة في الوقت المناسب مسألة مطلوبة للتعامل بين الأبناء ووالديهم. وتعمد بعض المراكز التي تحتضن الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى اعتماد أسلوب تبادل الحديث عن التجارب بين الآباء والأبناء أو بين أهالي الأبناء للاستفادة منها. ويشير الصالحي إلى أن قول الصدق والوضوح والصراحة في سرد أي خبرة يعين الأبناء على الاقتراب من ذويهم والتواصل معهم والاستفادة من تجربتهم، إذا طرحت من دون سلطوية، لعدم وجود مسار محدد للحياة والنجاح فيها. ويعتقد الصالحي أنه من الممكن طرح التجارب بوصفها مثالا لاتخاذ العبرة، لا أن تكون بصمة للاستخفاف بها، لشدة تأثر الأبناء بما يفعله الآباء؛ فالأب الذي يتحدث عن إخفاقه في الرياضيات يغرس في ذهن ابنه أنها صعبة.
مشاركة :