دعونا نستمتع بـ «لا سكالونيتا» بعد سنوات من الألم

  • 6/24/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كتب‭ ‬علي‭ ‬ربيع‭: ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يدر‭ ‬بخلد‭ ‬المدافع‭ ‬الأرجنتيني‭ ‬أوسكار‭ ‬روجيري‭ ‬حين‭ ‬رفع‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬ستنتظر‭ ‬28‭ ‬عاماً‭ ‬لتعتلي‭ ‬منصات‭ ‬التتويج‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬روجيري‭ -‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬مدافعي‭ ‬الكرة‭ ‬الأرجنتينية‭- ‬فاز‭ ‬مع‭ ‬منتخب‭ ‬بلاده‭ ‬بكل‭ ‬الألقاب‭ ‬الممكنة،‭ ‬فقد‭ ‬توج‭ ‬بكأس‭ ‬العالم‭ ‬عام‭ ‬1986‭ (‬وكان‭ ‬ضمن‭ ‬الفريق‭ ‬الذي‭ ‬خسر‭ ‬نهائي‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬أمام‭ ‬ألمانيا‭ ‬بهدف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رد‭)‬،‭ ‬و«كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬عامي‭ ‬1991‭ ‬و‭ ‬1993،‭ ‬وفاز‭ ‬أيضاً‭ ‬بكأس‭ ‬القارات‭ ‬عام‭ ‬1992‭. ‬فترة‭ ‬العجاف‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬لـ‭ ‬28‭ ‬عاماً‭ ‬كانت‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬منتخب‭ ‬الأرجنتين،‭ ‬وزادت‭ ‬بعشرة‭ ‬أعوام‭ ‬عن‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬عجز‭ ‬عنها‭ ‬المنتخب‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬لقب‭ ‬بين‭ ‬أعوام‭ ‬1960‭ ‬و‭ ‬1978‭. ‬يكذب‭ ‬من‭ ‬يدعي‭ ‬أن‭ ‬بإمكانه‭ ‬تقديم‭ ‬سبب‭ ‬مقنع‭ ‬لغياب‭ ‬مجموعة‭ ‬مرعبة‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬عن‭ ‬البطولات‭ ‬كمنتخبات‭ ‬كؤوس‭ ‬العالم‭ (‬1994،‭ ‬1998،‭ ‬2002،‭ ‬2006،‭ ‬2010‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬منتخب‭ ‬كوبا‭ ‬أمريكا‭ ‬2004‭ ‬و‭ ‬2007،‭  ‬أو‭ ‬منتخب‭ ‬2014‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أقرب‭ ‬وأحق‭ ‬بالفوز‭ ‬بلقب‭ ‬المونديال‭ ‬من‭ ‬منتخب‭ ‬مونديال‭ ‬1990‭. ‬ باستثناء‭ ‬منتخب‭ ‬أو‭ ‬منتخبين‭ ‬عالميين،‭ ‬ما‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬الأرجنتين‭ ‬تحقيقه‭ ‬لا‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬منتخبات‭ ‬أخرى،‭ ‬وما‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬الأرجنتينيين‭ ‬تحقيقه‭ ‬لا‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬لاعبي‭ ‬المنتخبات‭ ‬الأخرى‭. ‬فخسارة‭ ‬نهائي‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2014‭ ‬قبل‭ ‬دقائق‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬الشوط‭ ‬الإضافي‭ ‬الثاني،‭ ‬وخسارة‭ ‬نهائيي‭ ‬‮«‬كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬2015‭ ‬و‭ ‬2016‭ ‬بركلات‭ ‬الجزاء‭ ‬اعتبرت‭ ‬فشلاً‭ ‬للاعبي‭ ‬المنتخب‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬ليونيل‭ ‬ميسي‭. ‬لكن‭ ‬عدم‭ ‬إحراز‭ ‬لقب‭ ‬دوري‭ ‬الأمم‭ ‬الأوروبي‭ (‬وليس‭ ‬لقب‭ ‬الأمم‭) ‬لا‭ ‬يعتبر‭ ‬فشلاً‭ ‬للاعب‭ ‬مثل‭ ‬روبيرت‭ ‬ليفاندوفسكي‭. ‬فإن‭ ‬قيل‭ ‬كيف‭ ‬تقارن‭ ‬منتخباً‭ ‬عريقاً‭ ‬مثل‭ ‬الأرجنتين‭ ‬بمنتخب‭ ‬مثل‭ ‬بولندا،‭ ‬نقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬ليفاندوفسكي‭ ‬لا‭ ‬يطالب‭ ‬حتى‭ ‬بقيادة‭ ‬منتخب‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬الأدوار‭ ‬النهائية‭ ‬لبطولة‭ ‬دوري‭ ‬الأمم‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهي‭ ‬بطولة‭ ‬أقل‭ ‬مستوى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬الأمم‭ ‬الأوروبية‮»‬‭. ‬خبراء‭ ‬اللعبة‭ ‬أيضاً‭ ‬يجدون‭ ‬ألف‭ ‬عذرٍ‭ ‬للاعب‭ ‬مثل‭ ‬محمد‭ ‬صلاح‭ ‬حينما‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬قيادة‭ ‬منتخب‭ ‬عريق‭ ‬مثل‭ ‬مصر‭ ‬للتأهل‭ ‬لنهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭. ‬فكيف‭ ‬يعتبر‭ ‬عدم‭ ‬فوز‭ ‬ميسي‭ ‬بكأس‭ ‬العالم‭ ‬فشلاً‭ (‬وهو‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬الكرة‭ ‬ويحق‭ ‬للأرجنتينيين‭ ‬وعشاق‭ ‬المنتخب‭ ‬الأرجنتيني‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يفاضلوا‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬دييجو‭ ‬مارادونا‭)‬،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬صلاح‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬أفضل‭ ‬لاعب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأفضل‭ ‬فاشلاً‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬منتخب‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬كأس‭ ‬العالم؟‭ ‬ولو‭ ‬تجاوزنا‭ ‬ليفاندوفسكي‭ ‬وصلاح،‭ ‬فلماذا‭ ‬يعذر‭ ‬لاعب‭ ‬مثل‭ ‬نيمار‭ (‬الذي‭ ‬يعتبره‭ ‬بيليه‭ ‬وكافو‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬ميسي‭!) ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬سوى‭ ‬لقب‭ ‬كأس‭ ‬القارات‭ ‬عام‭ ‬2013؟ والأعجب‭ (‬بل‭ ‬لا‭ ‬عجب‭) ‬أن‭ ‬صدر‭ ‬البعض‭ ‬يضيق‭ ‬حرجاً‭ ‬كأنما‭ ‬يصعد‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬الأرجنتين‭ ‬إلى‭ ‬منصات‭ ‬التتويج‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬منتخب‭ ‬البرازيل‭ ‬وفي‭ ‬الماراكانا‭ ‬تحديداً‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬عام،‭ ‬حيث‭ ‬يتحول‭ ‬النقاش‭ ‬من‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬لقب‭ ‬إلى‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الإنجاز‭ ‬نفسه،‭ ‬وهم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬عدم‭ ‬تحقيق‭ ‬لقبي‭ ‬‮«‬كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬عامي‭ ‬2015‭ ‬و‭ ‬2016‭ ‬فشلاً‭! ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬اللقب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬بكى‭ ‬نيمار‭ ‬بعد‭ ‬الخسارة‭ ‬أمام‭ ‬الأرجنتين‭ ‬ومن‭ ‬أجله‭ ‬أيضاً‭ ‬اعتذر‭ ‬تيتي‭ ‬للجماهير‭ ‬ولولا‭ ‬الحياء‭ ‬لربما‭ ‬رأينا‭ ‬دموعه‭ ‬تتساقط‭ ‬كما‭ ‬تساقطت‭ ‬دموع‭ ‬نيمار‭. ‬ الأمر‭ ‬نفسه‭ ‬تكرر‭ ‬بعد‭ ‬الفوز‭ ‬بكأس‭ ‬السوبر‭ ‬اللاتيني‭- ‬الأوروبي‭ (‬فيناليسما‭). ‬الفوز‭ ‬بلقب‭ ‬السوبر‭ ‬ليس‭ ‬كالفوز‭ ‬بكأس‭ ‬العالم‭ (‬نؤمن‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬ونقوله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬لإرضاء‭ ‬غرور‭ ‬نيمار‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬احتفل‭ ‬بالفوز‭ ‬بكأس‭ ‬القارات‭ ‬وكأنه‭ ‬فاز‭ ‬بكأس‭ ‬العالم‭!)‬،‭ ‬ولكنه‭ ‬تتويج‭ ‬لمسيرة‭ ‬ناجحة‭ ‬لليونيل‭ ‬سكالوني‭ ‬وطاقمه‭ ‬التدريبي،‭ ‬فلولا‭ ‬الفوز‭ ‬بكوبا‭ ‬أمريكا‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬لم‭ ‬تلعب‭ ‬الأرجنتين‭ ‬نهائي‭ ‬السوبر‭. ‬وما‭ ‬يجعل‭ ‬الفوز‭ ‬بـ«كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬الـ«فيناليسما‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬تميزاً‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬جماهير‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬أرجنتين‭ ‬مارادونا‭ ‬منذ‭ ‬مونديال‭ ‬إيطاليا‭ ‬1990‭ ‬لم‭ ‬يفرح‭ ‬كثيراً،‭ ‬لأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحتفلوا‭ ‬أو‭ ‬يدركوا‭ ‬أهمية‭ ‬الفوز‭ ‬بـ«كوبا‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬عامي‭ ‬1991‭ ‬و‭ ‬1993‭. ‬ ليس‭ ‬على‭ ‬جماهير‭ ‬الأرجنتين‭ ‬أن‭ ‬تنتظر‭ ‬نتيجة‭ ‬مونديال‭ ‬2022‭ ‬لتحكم‭ ‬على‭ ‬اللاعبين‭ ‬أو‭ ‬الطاقم‭ ‬الفني،‭ ‬فالأهم‭ ‬أن‭ ‬المنتخب‭ ‬تجاوز‭ ‬الثقل‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬سلسلة‭ ‬خسارة‭ ‬ستة‭ ‬نهائيات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أعوام‭ ‬2004‭ ‬و‭ ‬2016‭.‬ ‭ ‬المنتخب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬نتيجة‭ ‬مباراة‭ ‬إيطاليا‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بثلاثة‭ ‬أهداف‭ ‬دون‭ ‬رد‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬منتخب‭ ‬آخر‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬اسمه،‭ ‬ولكنه‭ ‬أيضاً‭ ‬ورغم‭ ‬عدم‭ ‬الخسارة‭ ‬لـ33‭ ‬مباراة‭ ‬متتالية‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخسر‭ ‬المباراة‭ ‬القادمة‭. ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬الخسارة‭ ‬التي‭ ‬ستوقف‭ ‬سلسلة‭ ‬الانتصارات‭ (‬نأمل‭ ‬ألا‭ ‬تأتي‭ ‬قريباً‭) ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنسينا‭ ‬أن‭ ‬سكالوني‭ ‬صنع‭ ‬فريقاً‭ ‬مختلفاً‭ ‬وجعلنا‭ ‬نحتفل‭ ‬بتحقيق‭ ‬لقبين‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام‭. ‬لقد‭ ‬تحملنا‭ ‬مشقة‭ ‬السفر‭ ‬واستمتعنا‭ ‬بمتابعة‭ ‬الأرجنتين‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الملعب‭ ‬وفي‭ ‬التلفاز‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نحتفل‭ ‬بتحقيق‭ ‬لقب،‭ ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬نستمتع‭ ‬اليوم‭ ‬ونحن‭ ‬باستحقاق‭ ‬أبطال‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وأبطال‭ ‬السوبر‭ ‬العالمي‭. ‬

مشاركة :