بيروت – الوكالات: كلّف الرئيس اللبناني ميشال عون أمس نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بعد أكثر من شهر على انتخابات تشريعية أتت بكتل غير متجانسة إلى البرلمان. وحصد ميقاتي، رئيس الحكومة الحالي 54 صوتاً من أصوات النواب (128) خلال استشارات أجراها رئيس الجمهورية، بينها دعم كتلة نواب حزب الله. وخسر حزب الله وحلفاؤه الأكثرية في البرلمان بعد الانتخابات النيابية التي جرت في مايو، لكن أي فريق لم يحصل على أكثرية مطلقة. وشهد البرلمان للمرة الأولى دخول 13 نائباً جديدا منبثقين من الحركة الشعبية الاحتجاجية التي جرت في خريف 2019 ضد الطبقة الحاكمة والأداء السياسي المتسم بالفساد والتسويات. ويتألف البرلمان حاليا من مجموعات كتل غير متجانسة. وامتنع 46 نائبا، بينهم مستقلون وكتلة حزب القوات اللبنانية المعارضة المؤلفة من 19 نائباً، عن تسمية أحد. واختار آخرون بينهم كتلة حزب الكتائب المعارض (4 نواب) وكتلة الحزب الاشتراكي بزعامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط (معارضة، 8 نواب) السفير السابق نواف سلام. كما امتنعت كتلة التيار الوطني الحر، حزب رئيس الجمهورية، (17 نائبا) عن تسمية مرشح. واختار معظم النواب الـجدد المستقلون الذين يطلق عليه اسم «التغييرين» نواف سلام. وبعد انتهاء لقاءاته مع الكتل النيابية، التقى عون رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأعلنت الرئاسة إثر ذلك اسم رئيس الحكومة المكلف. وقال ميقاتي إثر لقائه رئيس الجمهورية بعد التعيين «لنتعاون جميعنا اليوم على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه ،لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فردية»، مضيفا «أمدّ يدي إلى الجميع من دون استثناء». ويعود منصب رئيس الوزراء إلى الطائفة السنية في بلد يقوم نظامه السياسي على توزيع المناصب الرئيسية على الطوائف. وغالبا ما يطرح اسم ميقاتي كمرشح توافقي خلال الأزمات السياسية في البلاد. وخلال مسيرته السياسية، شغل ميقاتي مناصب وزارية عدة وترأس الحكومة ثلاث مرات (في 2005، وبين 2011 و2013 وبين 2021 و2022). ويفترض أن يبدأ ميقاتي استشارات نيابية بدوره لتشكيل الحكومة، وهي استشارات تسبق عادة مفاوضات صعبة مع الأحزاب والشخصيات السياسية. وغالباً ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. ويقع على عاتق الحكومة الجديدة استكمال الجهود لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع منذ نحو ثلاث سنوات والبدء بتنفيذ إجراءات وضعها صندوق النقد الدولي شرطاً لتقديم مساعدة للبنان. ولم تفلح أي حكومة منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل نحو ثلاث سنوات في إجراء تحسينات على الوضع المعيشي، فيما تراجعت ثقة المجتمع الدولي تدريجياُ بقدرة المسؤولين على تنفيذ إصلاحات ضرورية في كل القطاعات، وأبرزها قطاع الكهرباء والمصارف. كما لا يثق لبنانيون كثر بقدرة الطبقة السياسية التقليدية على إحداث أي تغيير إيجابي على الساحة الاقتصادية والمعيشية، خصوصاً في بلد يستشري الفساد والمحسوبية في مؤسساته. وفي حال نجح ميقاتي في تشكيل حكومته قبل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها قبل نهاية العام الحالي، فإن الحكومة ستعتبر بحكم المستقيلة بمجرد وصول رئيس جديد إلى سدة الرئاسة. وفي حال لم يتمكن الفرقاء السياسيون من انتخاب رئيس جديد في البلاد، فيجدر على الحكومة تولي مهامه خلال فترة الفراغ.
مشاركة :