واشنطن – ينسف اكتشاف جديد الدرس الأول الذي تلقيناه جميعا في علوم الأحياء عن كون البكتيريا، حالها كحال الجراثيم، كائنات مجهريا لا ترى بالعين المجردة. والبكتيريا هي كائنات وحيدة الخلية تعيش في كل مكان تقريبا على الكوكب، وهي حيوية لأنظمتها البيئية ومعظم الكائنات الحية. ويُعتقد بأن البكتيريا كانت أول الكائنات الحية التي تعيش على الأرض ولا يزال هيكلها بسيطا للغاية بعد مليارات السنين. وتعج أجساد الناس بالبكتيريا، التي يسبب عدد قليل منها نسبيا المرض. واكتشف علماء في مستنقعات المانغروف الضحلة بمنطقة البحر الكاريبي أكبر بكتيريا معروفة في العالم من حيث الحجم، لدرجة أنها تقارب حجم رموش عين بشرية، وهو اكتشاف يعيد تعريف خصائص البكتيريا. وقال علماء اليوم الخميس إن البكتيريا، المسماة ثيومارغريتا ماجنيفيكا ويعني "لؤلؤة الكبريت الرائعة، "جديرة بالملاحظة ليس فقط لحجمها- الضخم لكائن وحيد الخلية يصل طوله إلى نحو سنتيمترين- ولكن أيضا لأن بنيتها الداخلية تختلف عن أي بكتيريا أخرى. ولا يتحرك الحمض النووي بحرية داخل خلية هذا النوع مثلما هو الحال في معظم البكتيريا، ولكنه موجود داخل العديد من الأكياس الصغيرة المرتبطة بالغشاء الخلوي. وتسمى الهياكل المرتبطة بالغشاء الخلوي في الخلايا بالعضيات. قال عالم الأحياء البحرية جان ماري فولاند من معهد الجينوم المشترك ومختبر الأبحاث في النظم المعقدة بكاليفورنيا والتابع لوزارة الطاقة الأميركية "إنها أكبر آلاف المرات من البكتيريا ذات الحجم العادي. اكتشاف هذه البكتيريا يشبه مواجهة إنسان بطول جبل إيفرست". وعُثر على البكتيريا في مواقع عدة في غوادلوب، الأرخبيل الفرنسي في منطقة البحر الكاريبي. ورصدها لأول مرة في مياه البحر الغنية بالكبريت في مستنقع جوادلوب عالم الأحياء الدقيقة بجامعة جزر الأنتيل والمشارك في قيادة فريق إعداد الدراسة أوليفييه غروس. وقال غروس "في عام 2009، وجدت خيوطا بيضاء طويلة متصلة بورقة غائرة من شجرة المانجروف. وجدت هذه الخيوط مثيرة للاهتمام. وأعدتها إلى المختبر لتحليلها.. وكانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي أن أجد بكتيريا ضخمة تعيش في غابات المانغروف في غوادلوب". ويبلغ طول أنواع البكتيريا العادية من ميكرومتر إلى خمسة ميكرومترات. أما متوسط طول ثيومارغريتا ماجنيفيكا فيبلغ عشرة آلاف ميكرومتر (سنتيمتر واحد)، مع وصول بعض أنواعها إلى ضعف هذا الطول. وقال فولاند "إنه أكبر بكثير مما كنا نظن أنه أقصى حجم ممكن لبكتيريا واحدة... إنه في حجم وشكل رمش العين تقريبا". وكان أقصى طول للبكتيريا المعروفة حتى الآن نحو 750 ميكرومترا. وأظهر رسم الخريطة الجينية (الجينوم) لثيومارجريتا ماجنيفيكا فقد هذا النوع الضخم من البكتيريا جينات لها دور أساسي في انقسام الخلايا وأن لديه أكثر من العدد المعتاد من نسخ الجينات المسؤولة عن استطالة الخلية. وقالت بيترا ليفين، عالمة الأحياء الدقيقة بجامعة واشنطن في سانت لويس، والتي لم تشارك في الدراسة: "إنه اكتشاف مذهل. إنه يفتح السؤال عن عدد هذه البكتيريا العملاقة الموجودة هناك - ويذكرنا بأنه لا ينبغي التقليل مطلقا من شأن البكتيريا". لم يتمكن العلماء بعد من زراعته البكتيريا الجديدة في مزرعة المختبر. وقال الباحثون إنهم غير متأكدين من سبب ضخامة البكتيريا، لكن المؤلف المشارك فولاند افترض أنها قد تكون نوعا من التكيف لمساعدتها على تجنب التهامها من قبل كائنات أصغر.
مشاركة :