التكامل الاقتصادي لدول الـ »آسيان» حلم صعب المنال

  • 12/20/2015
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

ينبغي أن يتحول اتحاد دول جنوب شرقي آسيا آسيان، إلى مركز ثقل اقتصادي عالمي. فعدد سكان دول الكتلة الذي يبلغ نحو 625 مليون نسمة مرشح للزيادة بحدود 120 مليون أخرى قبل عام 2030، مما يعني فيضاً من العمالة يضاف إلى مواردها الطبيعية الضخمة. إلا أن الكتلة التي تضم عشر دول لا تزال تمارس دوراً أقل من وزنها الفعلي في معادلة الاقتصاد العالمي، حيث لا يتجاوز ناتجها الإجمالي مثلاً نسبة 3% من الناتج العالمي، رغم أنها تؤوي 9% من سكان العالم. ومما يعرقل تحقيق الإنجازات المتوخاة تباين الأنظمة السياسية، وبالتالي تنوع الأنظمة والقوانين الناظمة للأنشطة البشرية، التي تعرقل التنافسية وتعرقل تدفق الاستثمارات إلى القطاع الصناعي الإقليمي ومشاريع البنى الأساسية. ولهذا يمكن اعتبار تشكل تجمع الآسيان الاقتصادي الذي يرى النور قبل نهاية هذا العام نقطة تحول مهمة خاصة وأنه يسعى لتسريع خطوات التكامل والاندماج، وإنشاء سوق موحدة وقاعدة إنتاج مشتركة. وتنبع أهمية الآمال المعلقة على المشروع من التباطؤ الذي طرأ على نمو اقتصادات المجموعة، الذي انزلق إلى مستويات أدنى مما كان عليه إبان أزمة عام 2008. ومن الناحية النظرية تستلهم التجربة مشروع الاتحاد الأوروبي أو التجمع الاقتصادي فيه. فقد اعتمد تكتل الآسيان مسودة خطة لإنشاء سوق موحدة وقاعدة إنتاجية واحدة منذ عام 2007، تضمنت معايير توحيد التعرفة الجمركية، وتسهيل انتقال الخدمات والاستثمارات، كما سمحت بحرية تنقل الأفراد والعمالة المدربة، إضافة إلى قوانين تسهل حركة نقل الرساميل. لكن من كل ما سبق لم يتم إنجاز شيء سوى حرية انتقال السلع. ولا تزال حركة التجارة البينية رهن عقبات منها الرسمي وغير الرسمي في حين تبدو حرية انتقال الأموال بعيدة المنال. أما حرية انتقال العمالة المدربة فلا يجرؤ المسؤولون حتى على ذكرها. ويترك هذا البطء في التحرك آثاراً سلبية عدة على دول الكتلة ليس أقلها تراجع حركة التجارة الآسيوية خلال الشهور ال18 الماضية. والواقع أن عراقيل اندماج دول المجموعة تبقى مسؤولية الدول التي أسستها. وخلافاً لما هو عليه حال الاتحاد الأوروبي، حيث يعتمد على التدخل بقوة في فرض السياسات العامة أو تنسيقها، لا يبدو تجمع آسيان مستعداً لتغيير طريقته الآسيوية التي تعتمد الإجماع في اتخاذ القرارات وهو ما لا يشجع على التدخل في شؤون الدول الأعضاء. وغالباً ما ينتج عن هذا النهج الإحباط ونقص المتابعة. اضف إلى ذلك أن هناك نقصاً في الطاقة الإدارية يزيد من وهن الرابطة، فميزانية الأمانة العامة للمجموعة التي يفترض فيها وضع خطط التنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء، لا تتجاوز 17 مليون دولار سنوياً. كما أن هيكلها الإداري من الموظفين لا يملك الصلاحيات التي تخوله فرض الالتزام بالمبادرات التي تطرحها. ومثل هذه الأمثلة لا تفصح عن كامل الصورة. فرغم تركيز دول المجموعة على التكامل إلا أن القوى الخارجية تدفع دول المجموعة نحو مزيد من التباعد والحد من الاندفاع نحو تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. فالمجموعة لا تزال تشكل جزءاً من منظومة الشراكة الاقتصادية التي تضم أيضاً الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزيلاندا. كما أن بعض دولها مثل ماليزيا وسنغافورة وفيتنام وبروناي هم من الأعضاء المؤسسين في اتفاقية الشراكة عبر الهادي مع الولايات المتحدة الأمريكية. ويبدو أنه حتى في حال استمرت جهود المجموعة المتعلقة بالتكامل إلا أن الآمال المعلقة عليها لدى الدول الأعضاء لا تعطي المزيد من الزخم للخطوات التي ينبغي إنجازها على هذا الصعيد. فاينانشل تايمز

مشاركة :