بقلم / أ.خيرية الحارثي وداعا يا أيتها اليد السخية ، وداعا ياصاحبة القلب الرحيم .. رحلت ولو كان بأيدينا … لكنها سنة الله في هذه الدنيا فلم يجعلها دار قرار.. رحلت أخت في الله حبيبة جمعني معها بذل الخير لقد كانت نبراسا في الفضل يحتذى به و نورا يستضاء به بيوت الفقراء والمساكين ، كم كفلت من الأيتام وكم فرجت من الكربات ، كم أدخلت السرور على بيوت حزينة ، كم مسحت من دمعه ، لله درك هل في هذا الزمان مثلك ؟؟ رحلت وبات بيتها حزينا ، غابت شمسها وطوي لوائها وبقي ذكرها الطيب الذي يفيض نداه لم يكن له زوج ولا ولد ، ولكنها تملك من المحبين الذين ينعمون بخيرها وتنعم بخدمتهم ، الكل يخدمها .. نعم أحسنت إلى الناس واستعبدت قلوبهم هيهات ان تطوى الأيام صفحتك ، أو يطوى حبك من القلوب هاهو بيتها في شارع المنصور بمكة يأوي إليه مئات الفقراء هاهو يودعها ، تودعها حيطان دارها وترابه ، كم فطر في دارها من الصوام فقد كان في كل خميس واثنين يفطر في بيتها من العشرة إلى العشرين ومن كان ذاهبا إلى بيته تناوله فطوره ، لقد كان باب بيتها مفتوحا ليل نهار لايغلق كان يفيض من إسداء المعروف والعون للآخرين وصنائع المعروف لقد كانت تسكن في بيت شعبي بشارع المنصور بمكة وهو من الأحياء الذي يضم الفقراء ، كانت معلمة وحالها ميسور وكم عرضن عليها صاحباتها أن تترك هذا البيت وتوسع على نفسها بفيلا على قدر مقامها كانت تقول وهؤلاء الفقراء كيف سأحصل عليهم ، ثم تتالت عليها الأمراض ، وتقاعدت ، وبعد فترة اشتد عليها مرض السكر دخلت إلى المستشفى ثم أقعدت فلم تعد تستطيع السير على قدميها رغم أنها لم تكن كبيرة في السن ثم قدر لها أن تفقد بصرها .. ولكنها كانت تحمد ربها فلقد أنعم الله عليها بانشراح الصدر ,, وبسمة كالفجر صافية ، استقر في دخيلة نفسها حال من السكينة والرضا ، كانت مشغولة بإسعاد الآخرين فأنزل الله عليها سعادة وانشراحا ففي قلبها عطف مذخور وبر مكنون ، خالطت بشاشة الرحمة والعطف قلبها فأحست بحلاوة مذاقها فمن تضيق به الازمات وتنعقد عليه حبال الضيق يتجه على بيت عائشة لتفرش دربه أملا موفورة الثقة بوعد الله لاترتاع لغيمة ولاتخشى فقرا وإن قصرت بها المادة استعانت بالطيبين وشحذت الهمم وطلبت المعونة على الخير اتعبت الرجال بأعمالها ، تطلب من هذا برادات لمساجد وتطلب من هذا أن يفك سجينا ومن هذا أن يخفض لها في سعر المصاحف ويشحنها إلى الخارج وتطلب من هذا أن يشتري ذبيحة ويوزعها تعجز الكلمات والله وتعجز أناملي عن أن توفيك حقك من الوصف المسجد القريب من بيتها ينتظر منها إفطار الصوام تتفقد المساجد القريبة من يحتاج سجاد ومن يحتاج مكيف ومن يحتاج سقيا إذا سمعت أن هناك بيتا يقام في العزاء بعثت إليهم بالماء إذا قرب رمضان هيأت بيتها بصناديق العصير ، والماء والتمر والدقيق وشحذت همم من حولها بالتوزيع ، وتضرب بسهم في كل خير ، تشتري أعداد من سجاجيد الصلاة وغطاء الصلاة وتوزع على الغني والفقير كثير من دور النشر يعرفون بيتها فهي تطلب المطويات والمصاحف والأشرطة والكتيبات ، يقومون بتوصيل طلبها ، وربما أمهلوها في الدفع لثقتهم بها ، وتوزع هنا وهناك حتى خارج البلاد وإذا اقترب موسم الحج أحضرت الفاكهة والماء و أكياس الرز والدجاج وأمرت بطبخها وتطلب من الصبية الوقوف صفا على حدود الشارع وتوزع على الحجاج المارين ، وليت هذا فقط بل تعبئ ترامس الحليب مع الشاي ليسكبوا لهم جهود متلاحقة عشقا لصنائع المعروف وابتغاء ماعند الله من مثوبة تملك بصيرة مستنيرة واستعداد كامل فلم تنكص عن البذل حتى قبيل وفاتها كريمة سخية حتى مع الأغنياء فما كنت أطلب طلبا إلا وتحققه لي غطتني بسخائها كنت أعجز عن رد جميلها لأنها كانت زاهدة لاتريد شئ من أمر الدنيا ، فأن أرسلت لها هدية قالت لي لاترسلي لأني سأوزعها هذا فيض من غيظ ، وربما أخفي على الكثير من أعمالها رحمك الله ياعائشة فلاته رحمك الله دخلت ‘إلى المستشفى بجدة في شهر الحج وضاقت بها الدنيا تريد أن تخرج لأن هذا بالنسبة لها شهر أعمال خيرية ، وفي نهاية الشهر ضاقت حتى أنها لم تعد ترد على المكالمات الهاتفية ، ولم ترد على اتصالي وهذا ماجعل حسرة في قلبي أني لم اسمع صوتها – ذلك الصوت المتعب – الذي اعتدت على سماعه في كل يوم .. صوتها يرن في أذني لم أكن أعرف معنى الحب في الله حتى فقدتها بكيت عليها أكثر من قريب بكى عليها قلبي صوتها يرن في أذني ربما لايأتي يوم الا وأوصيها بعمل خير أو تتصل بي لتعرض علىّ عمل خيري وداعا أختي الحبيبة ، عرفتك ياعائشة وأحببتك في الله أسأله أن يجمعني بك تحت ظلال عرشه اللهم ارض عنها ، اللهم إن عائشة فلاته في ذمتك ، وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النار ، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأسكنها في أعلى درجات الجنا ن فأنت أهل الوفاء والحق ، اغفر لها وارحمها واجمعني بها على منابر في النور فإني أشهدك على محبتي لها ياجابر الكسير كن لي ولجميع أحبابها والفقراء والمساكين جابرا وعوضنا خيرا
مشاركة :