سيرة باتريك موديانو باللغة العربية

  • 12/20/2015
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة كتاب "سلالة.. رواية في السيرة الذاتية" للكاتب الفرنسي الفائز بجائزة نوبل للآداب لهذا العام باتريك موديانو، ونقلته إلى العربية الشاعرة اللبنانية دانيال صالح، وهو يصدر ضمن سلسة الأدب الفرنسي التي يشرف عليها ويراجع ترجماتها الشاعر والأكاديمي العراقي المقيم بباريس كاظم جهاد. وتصدر في أوقات متقاربة عن المشروع ذاته ترجمات ستّة من أعمال الكاتب. استلهم باتريك موديانو حياته وحياة القريبين منه في عدّة روايات موجزة ونافذة. روايات كتبها عاملاً بمبدأ صاغه في محاورة معه كالتّالي: "لا تنفع السيرة الذاتية في الأدب ما لم تقم المخيّلة بتهويتها". في هذا الكتاب، الصّادر في 2005، قام بنوع من التنازل فوضع هذه السّيرة الذاتية بشكلِ رواية. ولكنّه هنا أيضاً خيّب انتظار بعض القرّاء، فتفادى الوقوع في فخّ الاستجابة للمعايير السائدة في ما يُدعى كتابة الذّات. وضع سيرة ذاتيّة قد تكون أوجز سيرة عرفها تاريخ الأدب وأكثفها. يعود إلى سيرة والديه الضائعَين في مهبّ سنوات الحرب، وإلى مجتمع ما بعد الحرب الذي يقول إنّه كان يقابل فيه، "في الشوارع والمحطّات وسائر الأماكن، أناساً بلا وزن، مريبين أحياناً"، "لن نعرف أبداً مصائرهم، هذا في حالِ ما إذا كان لديهم مصائر". وفي طباق مؤثّر مع هذا البحر المتلاطم من البشر المُراوحين في أماكنهم، عاجزين عن الحركة وعن ابتكار مساراتهم الخاصّة، يطبع موديانو كتابه بتسارع عجيب ومدهش. في عبارة أساسيّة تتوسّط هذا العمل كتب موديانو: "أكتب هذه الصفحات كمن يحرّر محضراً أو سيرة شخصيّة، بصفة توثيقيّة، ربّما للانتهاء من حياة لم تكن تخصّني". عبارة كاشفة عن فنّه، أو شعريّته. عامِداً يراهن على الاقتضاب، وعلى تكثيف المادّة السّرديّة. يؤْثر الإخبار اللمّاح، ويُراكم تدوينات سريعة متلاحقة ينشأ من اجتماعها مشهد كبير وترتسم إطلالة عريضة على حقبة بكاملها. كتابة شذريّة أو كاليدوسكوبيّة عمل من أجلها على إيصال العبارة المقتضبة التي عُرف بها كتّاب سابقون، من أمثال روجيه نيمييه وريمون كونو، إلى أقصى إمكاناتها. وفي الأوان ذاته مدّها بعاطفة معروفة بتكتّمها، وبموسيقى خاصّة لا يخطئ في تمييزها قارئ خبير. هي كتابة مَحاضر أو تقارير على ما يقول، مع شيء من العطف والحنوّ على كائنات الحقبة تلك، المدموغة بهشاشتها، كائنات بلا أهميّة، إلّا فيما ندر، ضائعة في أغلبيّتها العظمى، وطوتها اليومَ يد النسيان، لكنّها بمرورها السريع وأفعالها المتوالية أو عجزها عن الفعل تشكّل تربة عالمه الخاصّ. ولد باتريك موديانو في بلدة بولوني بيّانكور قرب باريس في 30 يوليو 1945 لأمّ ممثّلة من أصل فلامنديّ وأب فرنسيّ من أصل إيطاليّ شكّل غموض سيرته أحد أهمّ عناصر كتابات ابنه ومصادر إلهامه. برع موديانو منذ رواياته الأولى في تصوير الأفق الاجتماعيّ والسياسيّ المأزوم في فرنسا في السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، وفي تحويل التجربة التاريخيّة إلى مأساة وجوديّة ضاغطة يعيشها أفراد محرومون من الإرث، ويفتقرون إلى أدنى المرتكزات، يحدوهم أمل جارف في تأسيس الذّات وتحقيق ما يكفي من الوضوح لإعادة ابتكار الحياة. له أكثر من ثلاثين رواية ومجموعة قصصيّة، وتُوّج عمله بجوائز عديدة منها جائزة غونكور للرواية في 1978، وجائزة نوبل للآداب في 2014

مشاركة :