أثارت لائحة المنظمات الإرهابية في سوريا، التي أعدها الأردن بتكليف دولي، سخطاً إيرانياً، دفع طهران إلى رفضها، في عجالة، خشية إدراجها على قائمة الدول الداعمة للإرهاب. وتترقب أروقة القرار في العاصمة عمان مواقف الأطراف بقلق، سواء الأطراف الإقليمية أو السورية المقاتلة، وفق مصدر سياسي رفيع. وقال المصدر، لـ اليوم، إن القائمة الأردنية، رغم أنها لا تحمل وجهة نظر عمّان، إلا أنها مست بمصالح أطراف إقليمية، منها من عبثت طويلاً في المنطقة. ولفت المصدر إلى اندفاع طهران نحو رفض القائمة ومهاجمتها، لضمها فصائل إيرانية، كالحرس الثوري الإيراني، أو برعاية إيرانية، كميليشيات حزب الله الشيعي. وسارعت طهران، فور الاطلاع على مضمون القائمة التي شملت 160 جماعة مسلحة، إلى رفض تبني القائمة على لسان نائب وزير خارجيتها أمير عبد اللهيان. اللهيان قال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن اللائحة، التي تقدم بها الأردن، ضمت الحرس الثوري الإيراني، ما أدى إلى رد فعل حاد من وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وبين اللهيان أن ظريف رفض تبني اللائحة، وهو الموقف الإيراني المتوقع حيال الصراع في سوريا. المصدر الأردني تجنب الإشارة إلى قوى إقليمية أخرى أبدت انزعاجها من اللائحة، بيد أنه أكد أن عمان على اتصال دائم مع القوى الإقليمية الأخرى، دون أن يوضح مضامين الاتصالات الجارية. وأشار المصدر إلى الموقف الأردني الثابت حيال الصراع في سوريا، وآليات تسويته السياسية، بما يضمن وحدة الأراضي السورية. واستبق وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ما قد تثيره اللائحة من سخط إقليمي، بتأكيد أنها لا تعبر عن وجهة نظر الأردن. وقال الوزير جودة، في تصريحات صحافية، إن اللائحة وثيقة أردنية منسّقة، وتعكس وجهة نظر الدول الإقليمية، في محاولة لرفع الحرج عن عمان. بيد أن جودة لم يكشف عن آليات تحديد المنظمات الإرهابية، وما إذا كانت خاضعة لمعايير سياسية أم أمنية، ولكنه أشار إلى لوائح عدة، تقدمت بها 17 دولة، ضم كل منها نحو 10 إلى 20 اسما لمنظمة يُعتقد أنها إرهابية. من جهته، علّق خبير الشؤون الإيرانية د. نبيل العتوم على ما تثيره اللائحة بالقول: طبيعي أن ترفض دولة كإيران اللائحة، لاعتبارين، الأول أنها ضمت جماعات إيرانية أو موالية لإيران، والثاني أن المصالح الإيرانية في سوريا تستدعي رفض التسويات التي تحد من نفوذ طهران. ولم يستبعد العتوم، في حديثه لـ اليوم، أن تلجأ طهران إلى خلط الأوراق في سوريا، في محاولة لإفشال خطط إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، عبر الدفع بالأوضاع في سوريا إلى مزيد من التوتير والعنف. وترعى إيران ما بين 15-20 جماعة مسلحة، تمتد من أفغانستان شرقاً إلى لبنان غرباً، مروراً بالعراق وسوريا، وتعمل على توظيفها في خدمة مشروعها التوسعي في المنطقة. تقدير من جهة أخرى، عبر وزير الخارجية الأردني عن تقدير بلاده لجهود المملكة واستضافتِها لمؤتمر المعارضة السورية الذي عقد مؤخراً في الرياضِ. وقال جودة في تصريحات صحفية أمس: إن استضافة المملكة لهذا المؤتمر يأتي توطئةً لإطلاقِ المفاوضاتِ السياسيةِ التي يأمل الجميع بأن تُفضي إلى إنجازِ الحل السياسي للأزمةِ السورية. وحول قرار مجلس الأمن رقم (2254) الذي تم التصويت عليه بالإجماع، أكد وزير الخارجية الأردني أن القرار يرسم خريطة طريق لتحقيق الحل السياسي في سوريا. وأوضح أن الأطراف الإقليمية والدولية حرصت في اجتماعاتها الماضية على تكثيف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى تفاهمٍ مشترك حول سبل تحقيق الحل السياسي للأزمة المأساويةِ في سوريا، والمُستمرةِ منذُ نحوِ خمسِ سنوات.
مشاركة :