هل أدمـنت الطـبقـة السياسية الإسرائيلية الفشل؟

  • 6/26/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واقع‭ ‬إسرائيل‭ ‬أشبه‭ ‬بمن‭ ‬يطحن‭ ‬ماءً،‭ ‬أربعة‭ ‬انتخابات‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬والخامسة‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬والنتيجة‭ ‬صفر،‭ ‬فجميع‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬والتوقعات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬ستستمر‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬الجولة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فأي‭ ‬من‭ ‬المعسكرين‭ ‬المتواجهين‭ ‬لن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬61‭ ‬مقعدًا‭ ‬تضمن‭ ‬له‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭. ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬يتعلق‭ ‬بأمنها‭ ‬لم‭ ‬تفلح‭ ‬بالإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬أزمتها‭ ‬السياسية،‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجابة‭ ‬هي‭ ‬أعقد‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬أمني،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الإجابة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬الأزمة‭ ‬وجذرها‭ ‬الحقيقي‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬نسف‭ ‬الجوهر‭ ‬الصهيوني‭ ‬للدولة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تتهرب‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬منه‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬والحقيقية،‭ ‬فإنها‭ ‬ستواصل‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة‭.‬ هناك‭ ‬سؤالان‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬ولا‭ ‬تريد‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإجابة‭ ‬عنهما‭ ‬الأول‭ ‬سؤال‭ ‬‮«‬الاحتلال‮»‬‭ ‬والثاني‭ ‬سؤال‭ ‬‮«‬المساواة‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬الإجابة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬منها‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬عنصرية‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬دولة‭ ‬أبارتهايد‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬تقبل‭ ‬بأن‭ ‬تعيش‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الزائفة‭ ‬ستتواصل‭ ‬أزمتها‭ ‬وتتعمق‭. ‬فالمشكلة‭ ‬ليست‭ ‬صراعًا‭ ‬بين‭ ‬يسار‭ ‬ويمين‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬يمين‭ ‬وآخر‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬تطرفًا،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬الجميع‭ ‬يتحرك‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬القبول‭ ‬بالاحتلال،‭ ‬بل‭ ‬وتعزيزه،‭ ‬ويقبل‭ ‬بأن‭ ‬تتحول‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬أبارتهايد،‭ ‬دولة‭ ‬عنصرية‭.‬ إن‭ ‬مأزق‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬بالجوهر‭ ‬الصهيوني‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬ونمت‭ ‬وتطورت‭ ‬على‭ ‬أساسه،‭ ‬هي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬إسبارطية‭ ‬ناجحة‭ ‬ومتفوقة‭ ‬وقوية،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬بالتأكيد‭ ‬فالقميص‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬ترتديه‭ ‬إسرائيل‭ ‬ممزق،‭ ‬كثير‭ ‬الثقوب‭ ‬ويصعب‭ ‬رتقه‭ ‬أو‭ ‬إصلاحه‭. ‬والمشكلة‭ ‬الأعمق‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنها‭ ‬تتشظى‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬سياسيًا‭ ‬عبر‭ ‬إنتاج‭ ‬الفكرة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ذاتها‭ ‬بنسخ‭ ‬أكثر‭ ‬عقمًا‭ ‬وحماقةً‭ ‬وتطرفًا‭ ‬وعنصريةً،‭ ‬وأي‭ ‬شخص‭ ‬يقرأ‭ ‬التاريخ‭ ‬والواقع‭ ‬جيدًا‭ ‬سيخرج‭ ‬بالاستنتاج‭ ‬ذاته،‭ ‬إن‭ ‬مصير‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬الإفلاس‭ ‬السياسي‭ ‬والأخلاقي،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬بمقدورها‭ ‬الاستمرار‭.‬ وسواء‭ ‬استطاع‭ ‬اليميني‭ ‬الفاسد‭ ‬نتنياهو‭ ‬ومعسكره‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬61‭ ‬مقعدًا‭ ‬ويشكل‭ ‬حكومة،‭ ‬فالسؤال‭ ‬كم‭ ‬ستستمر،‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬ستأخذ‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬والاحتمال‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬يستطيع‭ ‬خليط‭ ‬بينيت‭ ‬السياسي‭ ‬العجيب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬61‭ ‬مقعدًا‭ ‬فالأسئلة‭ ‬ذاتها‭ ‬كم‭ ‬ستستمر‭ ‬حكومته‭ ‬المهلهلة؟‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬ستأخذ‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬وما‭ ‬دام‭ ‬كلاهما‭ ‬يتهرب‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمساواة،‭ ‬فإن‭ ‬كليهما‭ ‬سيأخذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العتمة‭ ‬السياسية‭ ‬الغارقة‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬الصهيونية‭.‬ يقول‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستدخل‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الشلل‭ ‬السياسي،‭ ‬هذا‭ ‬صحيح‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬ستتوقف‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬الاستيطان،‭ ‬الجواب‭ ‬لا،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬سنشهد‭ ‬حمى‭ ‬الاستيطان‭ ‬ستزداد‭ ‬لسببين،‭ ‬الأول‭ ‬التنافس‭ ‬الانتخابي،‭ ‬فالمعروف‭ ‬أن‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والدم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هما‭ ‬ساحته‭ ‬باستمرار،‭ ‬والثاني،‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬تسيير‭ ‬الأعمال‭ ‬ستحرر‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ضغط‭ ‬خارجي،‭ ‬وبهذا‭ ‬المعنى‭ ‬تهرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬الاحتلال‭. ‬ثم‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلجم‭ ‬‮«‬الشلل‮»‬‭ ‬السياسي‭ ‬عدوانية‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬الجواب‭ ‬لا،‭ ‬ولنفس‭ ‬الأسباب‭ ‬سابقة‭ ‬الذكر،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬احتمالًا‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يلجأ‭ ‬بينيت‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬الجبهات‭ ‬ليؤكد‭ ‬صقوريته‭ ‬وتطرفه‭.‬ كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬لن‭ ‬يخرج‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أزمتها،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬مأزقها‭ ‬السياسي،‭ ‬وإنما‭ ‬سيعمقه‭ ‬أكثر،‭ ‬فالطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬المصابة‭ ‬بعمى‭ ‬الصهيونية‭ ‬المزمن،‭ ‬ستواصل‭ ‬سياسة‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬وستواصل‭ ‬الغوص‭ ‬في‭ ‬أزمتها‭ ‬وتقود‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬إلى‭ ‬فشل،‭ ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فسنتألم‭ ‬حقًا،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬فشل‭ ‬للعنصريين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬أمل‭ ‬لنا‭.‬   {‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين‮ ‬

مشاركة :