تنويع الإنتاج ومصادر الدخل صمام أمان للاقتصاد الوطني ضد تقلبات النفط

  • 12/20/2015
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي تعاني فيه سوق النفط من هبوط متواصل لمنحنى الأسعار، يبدو مهمًا طرح رؤية مختلفة تقود اقتصاد المملكة نحو مواجهة هذا التحدي بقوة وثبات. ويتفق الخبراء على أن الاقتصاد الوطني، يعد من الاقتصادات المستقرة، فهو ضمن أقوى 20 اقتصادًا في العالم، كما يحتل المركز الثالث عالميًا، من حيث الأصول الاحتياطية بما فيها الذهب، وذلك باحتياطات قدرها 650 مليار دولار حاليًا، وهو الثالث عالميًا من حيث فائض الحساب الجاري، بقيمة بلغت 132 مليار دولار. ويرى الخبراء أيضا أن تقليص اعتماد الاقتصاد على عائدات النفط، التي تمثل حاليًا 80 % من الإيرادات هو أهم ما تواجهه من تحديات حاليًا؛ إذ إن التحول من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي، يعد الوسيلة المثلى للقضاء على العجز الذي تواجهه الموازنة. وطالبوا بإجراء دراسة عميقة للأوضاع الحالية، بما يسهم في وضع إستراتيجيات جديدة للتعامل مع الآثار المترتبة على اضطراب أسعار البترول العالمية، من خلال توفير موارد مالية أخرى، غير مرتبطة ببيع البترول الخام، ووضع أهداف على رأسها تنويع مصادر الدخل، وإحداث نقلة نوعية للاقتصاد، تنهي اعتماده على إيرادات البترول، وتحوله إلى الاقتصاد المنتج الذي يعتمد على قاعدة إنتاجية قوية. وخلال السطور التالية، يطرح الخبراء رؤيتهم للخطة الإستراتيجية التي من شأنها أن تحقق النهضة الاقتصادية الكبرى، التي تهدف إليها المملكة --------------------------------------------------- أبوضيف: تحويل الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي أكدت الدكتورة سلوى محمود أبوضيف، أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية أنه لا بديل أمام المملكة سوى التحول من اقتصاد ريعي إلى إنتاجي، لتفادي أزمة التراجع في إيرادات النفط. وأوضحت أن المملكة تتمتع بوضع اقتصادي مستقر، باعتبارها أكبر سوق اقتصادي في الشرق الأوسط؛ إذ تستحوذ على 25 % من إجمالي الناتج القومي العربي، كما تمتلك حوالى 25 % من احتياطي النفط العالمي. وأضافت: إنه رغم الاعتماد على صادرات النفط الخام، ومشتقاته، بما يشكل 80 % من الصادرات تقريبًا، فإن الاقتصاد، احتل بنهاية يوليو 2014 المركز الثالث، بعد الصين واليابان، كأكبر اقتصاد عالمي يمتلك أصولًا احتياطية، بلغت في ذلك الوقت 738 مليار دولار، بما فيها الذهب. وأوضحت أن المملكة، احتلت أيضًا، المركز الثالث عالميًا، في فائض الحساب الجاري، بـ132 مليار دولار، بعد ألمانيا والصين، كما صنف الاقتصاد السعودي ضمن أكبر 20 اقتصادًا فى العالم، مشيرة إلى أن الاعتماد على البترول الخام، كمصدر للدخل، يجعل النظرة لاقتصاد المملكة على أنه «غير متنوع»، وبالتالي فهو عرضة للاضطرابات الناتجة عن الانخفاض الحاد والمستمر، في الأسعار العالمية البترول، والتي وصلت إلى 50 % مقارنة بمستويات الأسعار السابقة، ويعد التحول من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي، هو كلمة السر في إنقاذ الاقتصاد من الاعتماد على البترول كمصدر للدخل، وما تتكبده المملكة من خسائر هائلة، أهمها استنزاف مورد ناضب، ودعت إلى البدء فورًا في دراسات متأنية وعميقة؛ تهدف لوضع إستراتيجيات التعامل مع الآثار المترتبة على تذبذب أسعار البترول عالميًا، عبر توفير موارد مالية جديدة غير مرتبطة ببيع الخام، وتنويع مصادر الدخل، ولفتت إلى أن أهم ما يجب أخذه في الاعتبار عند البحث في هذا الشأن، هو المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة، وفي مقدمتها امتلاك ربع بترول العالم، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي، والمعادن، كما أن أكثر من ثلثي السكان أقل من 35 عامًا، وهو ما يعني أن فئة الشباب هي الغالبة على المجتمع. -------------------------------------------- محاور الخطة السباعية: قاعدة للصناعات وإعادة النظر في التعليم وإنشاء بنوك متخصصة تتطلب عملية تنويع مصادر الدخل، تبني خطة وطنية شاملة، لبناء قاعدة صناعية، تعتمد على الصناعات التحويلية والتعدينية، والصناعات الصغيرة، على أن تتم خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما سيحقق قيمة مضافة وموردًا اقتصاديًا كبيرًا، يسهم في رفع معدل النمو الاقتصادي الوطني. وتركز محاور الخطة السبعة على دعم الصناعات التحويلية، من خلال استغلال الميزة التنافسية التي تتمثل في وجود البترول بكميات كبيرة، والاستفادة من الميزة التنافسية الثانية وهي توافر رأس المال اللازم، لتطوير تلك الصناعات، مشددة على أهمية إعادة النظر في ميزانية التعليم، التي ينفق نحو 70 % منها كرواتب، مع التركيز على البنية التحتية، والعنصر البشري، وبخاصة المعلمين والمعلمات، كما تتطلب الخطة التوسع في معاهد البحث والتطوير، والأقسام التقنية بالجامعات المختلفة ودعمها؛ وبالتالي إيجاد الكفاءات التي يتطلبها سوق العمل، والقضاء على بطالة الشباب، وتدعو الخطة إلى إنشاء البنوك المتخصصة، صناعيًا وزراعيًا، بهدف تمويل المشروعات متناهية الصغر، والصغيرة والمتوسطة، لاسيما النسائية مع توجه الدولة نحو استكمال البنية التحتية، بما يسهم في دعم المشروعات الإنتاجية. وتشدد على تشجيع القطاع الخاص، على العمل في مجالات متعددة، مثل التجارة، والزراعة في الخارج، والسياحة الداخلية، واستغلال الموانئ على الخليج العربي، والبحر الأحمر، بهدف زيادة مساهمة إيراداتها في الدخل المحلي، من خلال مزيد من الدراسات الحكومية الإستراتيجية، التي يمكنها تغيير الوضع الحالي، وتحسين البيئة الاقتصادية المحيطة بها. ودعت إلى فصل وزارة التجارة والصناعة، إلى وزارتين، وعدم الاعتماد على تصدير النفط الخام فقط، مشيرة إلى أن وجود وزارة مستقلة للصناعة يطور هذا القطاع ويساعد على تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الكبيرة، باعتبار أن الأرباح الصناعية مبنية على منتجات تنافسية. ------------------------------------------------- عمار: تبني نموذج النمور الآسيوية في المشروعات والصناعة دعت الدكتورة منى عمار، أستاذ الاقتصاد المشارك، بجامعة الإمام محمد بن سعود، المملكة إلى تبني نموذج النمور الآسيوية، من خلال التركيزعلى جانبين: الأول هو المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر، والثاني الاهتمام بالتعليم والعمل على مواءمة مخرجاته لاحتياجات سوق العمل. وقالت: إن المملكة تواجه على المستوى الاقتصادي تحديات عدة مما يحول بينها وتحقيق معدلات عالية من التنمية، تضعها في مصاف الدول المتقدمة بالرغم من امتلاكها لغالبية المقومات وأوضحت أنه رغم الطفرة الكبيرة، في مجال التعليم، ووصول حجم المخصص المالي للإنفاق عليه ما يعادل ميزانية بعض دول الجوار كاملة فإن هناك تحديات تواجهه، أهمها عدم مواءمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل داعيًا إلى تفعيل سياسة التنسيق بين وزارتي التعليم والعمل، من خلال إنشاء قاعدة بيانات تحدد التخصصات التي يحتاجها السوق، وتوجه إلى المؤسسات التعليمية؛ لتوفير الأقسام الأكاديمية الملائمة. ودعت إلى ربط المقررات الأكاديمية بالواقع العملي لحل كثير من المشكلات العملية التي تواجه المستثمرين، مع الالتفات إلى الموارد الأخرى، ممثلة في الأرض والطاقة البشرية. وطالبت بتبني المملكة سياسات تهدف إلى استغلال الموارد الاقتصادية بشكل أمثل مثل البترول، من خلال إنشاء صناعات مختلفة تعزز القيمة المضافة له والحد من تصديره للخارج مباشرة مع الاهتمام بالصناعة والزراعة في الخارج؛ لتنويع مصادر الدخل، وتجنب مخاطر الاعتماد على مصدر واحد يتأثر بالاقتصاد الدولي. وطالبت بتبني مشروعات إنتاجية بدلًا من غالبية المشروعات ذات السمة التجارية حاليًا التي يفضلها المستثمرون دائمًا، مشيرًا إلى أنه على المدى الطويل فإن المشروعات التجارية، تحدث زيادة في حجم الأموال النقدية، مع عدم زيادة الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة العملة. بينما الإنتاجية تعمل على زيادة الناتج المحلي، وزيادة الصادرات، أوعلى الأقل تقليل الواردات. ------------------------------------------------------------------ عطية: تنويع مصادر الدخل يرفع معدلات النمو أكدت الدكتورة فاطمة عطية، أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، على أهمية تنويع مصادر الدخل لرفع معدلات النمو ، مشيرة الى إن التاريخ الحديث لسوق النفط العالمي، شهد الكثير من صدمات العرض السلبية، ويبدو بوجه عام أن عرض النفط سيظل يتجاوز الطلب لسنوات مقبلة؛ مما يؤدي إلى استمرار الضغط لخفض الأسعار. وأشارت إلى أن انخفاض العائد النفطي يعد أهم التحديات التي تواجهه المملكة، والتي أجرت مؤخرا تعديلات على الإنتاج لتحقيق التوازن ، كمحاولة للحفاظ على الأسعار ، مشيرة الى ان السياسة المالية هي الأداة الرئيسة التي تحول الثروة النفطية، إلى نتائج اقتصادية، لتحقيق التنمية المستدامة، ورفع مستوى الرفاهية للمجتمع، وينطوي هذا الهدف التنموي على قرارات متعلقة بالإنفاق، بهدف تحقيق النمو الاقتصادي طويل الأجل. ولعل من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد في المستقبل، تتعلق بالنمو، خاصة مع انخفاض أسعار النفط؛ مما يؤدي إلى تراجع الدخل وزيادة النفقات،وتنامي ظاهرة العولمة الاقتصادية، المتمثلة في تزايد الاندماج والترابط بين أجزاء الاقتصاد العالمي، وتحديات القطاع المصرفي والمالي، في ظل قوانين منظمة التجارة العالمية، كما تواجه المملكة تحديات تتعلق بزيادة حدة المنافسة التي تواجهها المنتجات الوطنية، مما يستلزم تنويع مصادر الإيرادات الحكومية، بشكل ملح. وشددت على أهمية تنوع مصادر الدخل، وأن يشمل ذلك جميع المصادر المتاحة، صناعية وزراعية وخدمية وتجارية، والاستفادة من مزايا كل قطاع، مع وضع خطة شاملة للتنمية وزيادة الإيرادات العامة للمملكة ودعم القطاع الصناعي، كقطاع مؤهل للإسهام بفعالية في عملية التنويع؛ والبحث عن سبل لرفع مساهمة صادرات القطاع الصناعي. -------------------------------------------- التركيز على اقتصاد المعرفة لدعم الصناعة تدعو خطة التنمية العاشرة إلى التركيز على اقتصاد المعرفة، المتمثل في الصناعات كثيفة الاستخدام للتقنية ورأس المال، والتي تتميز بالقدرة على إعطاء دفعة قوية لصناعات أخرى، وحظيت الصناعة باهتمام المملكة منذ بداية مسيرة التنمية، وحققت تطورات عملية كبيرة، خلال العقود الثلاثة الماضية، ويعول عليها مستقبلا في تعزيز تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، كأولوية كبيرة مع دعم القدرة التنافسية للصناعات الوطنية، للمساهمة في تسريع معدلات النمو في بقية القطاعات المؤهلة للإسهام بفاعلية في عملية التنويع، ويتم التركيزعلى القطاعات المؤهلة في إطار مواجهة تحديات تنويع القاعدة الاقتصادية، مثل الصناعات التي تعتمد على استغلال الميزات النسبية للاقتصاد الوطني، وتحويلها إلى ميزات تنافسية مثل البتروكيماويات، الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، وصناعة تكرير النفط كما أن الصناعات المتوسطة والصغيرة القائمة بحاجة إلى المزيد من إعادة هيكلة وزيادة ترابطها مع الصناعات الكبيرة لجعلها وسيلة أساسية في استقطاب واستيعاب اليد العاملة الوطنية من أجل القضاء على البطالة كهدف إستراتيجي. -------------------------------------- 7 تحديات رئيسة أبرزها ترشيد النفط ودعم سوق العمل تواجه المملكة بعض التحديات التي ما زال من المهم الاهتمام بها بحسب آراء الخبراء، ونجملها فيما يلي: 1ـ سد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وزيادة التنافسية. 2 ـ الاهتمام بالحياة الصحية السليمة وتوفير التأمين الصحي المناسب للأفراد. 3 ـ الاهتمام بالبحث العلمي والتكنولوجيا وتوفير الإمكانيات المادية الكافية. 4 ـ استخدام أفضل الوسائل لإنتاج الغاز الطبيعي وترشيد النفط. 5 ـ إعداد الدراسات الجيولوجية وتنمية الثروة المعدنية. 6 ـ التنمية العمرانية وإقامة خريطة متوازنة تحد من الهجرة الداخلية. 7 ـ المحافظة على الأرض ووقف التصحر. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إنفوجراف: الاقتصاد السعودي وأبرز التحديات 650 مليار دولار إجمالي الأصول الاحتياطية حتى الشهر الماضي 132 مليار دولار فائض الحساب الجاري. 25 % حصة المملكة من احتياطات البترول العالمي. 25 % نسبة المملكة من إجمالي الدخل العربي. 85 % من صادرات النفط الخام. 80 % من الإيرادات الحكومية من عوائد النفط. 50 % انخفاض في أسعار النفط 7 محاور رئيسة تنقل المملكة إلى الاقتصاد الإنتاجي. 2 % زيادة سكانية سنويًا. 21 % من العمالة تنتسب لقطاع الصناعات التحويلية.

مشاركة :