يستعد القضاء الفرنسي لإصدار أحكامه في حق المتهمين في قضية اعتداءات 13 نوفمبر 2015، بإفادات للمتهمين الاثنين قبل أن تنسحب المحكمة الجنائية الخاصة لبدء مداولاتها. ويتوقع أن يصدر الحكم مساء الأربعاء بعد أكثر من ست سنوات من ليلة الرعب التي سقط خلالها 130 قتيلا ومئات الجرحى في باريس وسان دوني الضاحية القريبة للعاصمة الفرنسية، وسببت صدمة للبلاد. وفي ذلك اليوم، فتحت مجموعات جهادية مسلحة النار على شرفات مقاه ومطاعم وهاجمت قاعة عروض باتاكلان خلال حفل موسيقي، بينما فجر ثلاثة انتحاريين أنفسهم بالقرب من أستاد فرنسا خلال مباراة لكرة القدم بين فرنسا وألمانيا. ولم تقدم المحاكمة “التاريخية” التي كانت أطول جلسات لمحاكمة جنائية في تاريخ القضاء الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية وبدأت في الثامن من سبتمبر، ردودا على كل الأسئلة التي طرحها أطراف الإدعاء المدني البالغ عددهم 2500 شخص. الأحكام يتوقع إصدارها الأربعاء بعد ست سنوات من ليلة الرعب التي سقط خلالها 130 قتيلا في باريس وسان دوني وعلى الرغم من عدم توضيح كل النقاط، سمحت المحاكمة للناجين وعائلات الضحايا بإسماع أصواتهم والشعور مجددا بألمهم أبعد من قاعة المحكمة في القصر العدلي الذي تحول إلى حصن لمدة عشرة أشهر تقريبا. ولخصت المحامية كامي اينوتييه في بداية جلسات الاتهام نيابة مكافحة الإرهاب “ماذا سنتذكر من هذه الجلسة؟ ما هي الصور وما هي الكلمات التي ستبقى؟ بالتأكيد حكمكم. أسماء الراحلين وروايات الضحايا أخيرا، بلا شك”. وأضافت أن “جلسات المحاكمة كانت تجسيدا لمجموع كل هذه المصائب، هذه الندوب وهذه الروايات التي حملت لنا مرآة (..) لأناس منفتحين ومتسامحين في وجه الظلامية.. قوة الناجين في مواجهة جبن الذين قتلوا. جمال الكلمات في مواجهة اللهجة التبسيطية لخطاب مبهم إلى حد الغثيان”. وطلب الادعاء الحكم بالسجن المؤبد غير القابل للخفض أو “المؤبد الفعلي” وهو أشد عقوبة ينص عليها القانون الفرنسي، لصلاح عبدالسلام، العضو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من المجموعات التي تسببت في مقتل 130 شخصا في باريس وسان دوني. كما طلب أحكاما بالسجن لفترات تتراوح بين خمس سنوات والمؤبد لـ19 متهما آخرين بينهم ستة حوكموا غيابيا. قالت محامية الادعاء في نهاية المرافعات إن “الإرهاب هو الطمأنينة المستحيلة. لن يكون لحكمكم فضل إصلاح هذا الستار الممزق وإعادة الطمأنينة للضحايا، ولن يشفي الجروح الظاهرة وغير المرئية ولن يعيد الموتى إلى الحياة، لكنه يمكن أن يؤكد لهم على الأقل أن الكلمة الأخيرة هنا هي العدالة والقانون”. Thumbnail وطلب الادعاء الحكم المؤبد لصلاح عبدالسلام وأربعة متهمين آخرين هم محمد عبريني وسفيان العياري وأسامة كريم ومحمد البقالي يمثلون أمام المحكمة بصفتهم “شركاء” في القتل. كما طلب الحكم نفسه لخمسة من المتهمين الستة الغائبين وقتلوا على الأرجح في سوريا والعراق، بمن فيهم البلجيكي أسامة عطار الذي يعتقد أنه مدبر الهجمات. وخلال الأسبوعين الماضيين ذكّرت هيئة الدفاع عن المتهمين الـ14 الذين حضورا الجلسات (11 موقوفا وثلاثة أحرار) المحكمة التي يرأسها جان لوي بيريي بأنه حتى “محاكمة تاريخية” لا يمكنها أن تتجاوز احترام القواعد، أي “تطبيق الإجراءات الجزائية وحقوق كل طرف”. وقالت ليا دوردي محامية الجزائري عادل حدادي الذي طلب الادعاء معاقبته بالسجن عشرين عاما “لا أطلب منكم سوى العمل كالمعتاد”. أما منيا عرب تيغرين محامية علي الحداد آصوفي فقد قالت “أطلب منك مقاومة الرغبة البشرية في جعل المحاكمة ثأرا”. وطلب الادعاء لموكلها السجن 16 عاما. وبعد إفادات المتهمين الاثنين، ستنتقل هيئة المحكمة إلى ثكنة للتداول. وسيبقى القضاة المحترفون الخمسة الذين يشكلون محكمة الجنايات الخاصة وبدلائهم الأربعة في هذه الثكنة “الآمنة” التي لا يزال مكانها “سريا” من دون إمكانية مغادرتها حتى صدور الأحكام عليهم. وقال رئيس المحكمة الجمعة بعد انتهاء مرافعات الدفاع “لا أعرف كم من الوقت ستستغرق المداولات”. وأضاف أن “المهمّ أن نتخذ القرار في الوقت المناسب. قد يكون (الأربعاء)”.
مشاركة :