أكدت مجلة «بوليتيكو» حاجة العالم إلى إنشاء محكمة دولية لمكافحة الفساد.وبحسب مقال لـ «دانيلو تورك»، الرئيس السابق لسلوفينيا، فإن الفساد ليس ظاهرة جديدة.وتابع بقوله: قيل إنه في بعض الأحيان أن درجة معينة من الفساد قد تكون حتمية وحتى صحية للقاطرة الاقتصادية، ومع ذلك، في هذه الأوقات من التدقيق السياسي المتزايد وخيبة الأمل، فإن استمراره في ظل جميع أنماط الأنظمة السياسية جعله مشكلة اجتماعية ملحّة تحتاج إلى معالجة مباشرة.وأردف بقوله: تقدر كلفة الفساد على الاقتصاد العالمي بنحو 2.6 تريليون دولار في السنة، أو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، للفساد أشكال عديدة، ولا يوجد بلد محصن، وبالتالي، فإن مواجهة التحدي بشكل مناسب تتطلب إنشاء آلية دولية، تعترف بأن الفساد ليس مجرد جريمة محلية.وأوضح أن إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة من قبل قادة الأمة تثبط إمكانات النمو والتنمية وتقوض ثقة المواطنين في الديمقراطية، وتساهم في الصعود المقلق للاستقطاب الاجتماعي، الذي يهدد أسس العديد من الديمقراطيات الليبرالية القديمة والجديدة.ومضى يقول: يمكن لهذا الطاعون، الذي لا يحترم الحدود ولا القوانين، أن يتسبب في إفلاس الدول والحكومات والمجتمعات والأشخاص، ويدمر البيئة ويقوّض الثقة في المؤسسات العامة، إنه جريمة تزيد من تفاقم عدم المساواة والفقر والانقسام الاجتماعي.وأردف: للأسف، من الصعب أيضًا حل مشكلة الفساد، وفي العقود الأخيرة، لم تحرز معظم الدول تقدمًا كبيرًا في هذا الصدد، على الرغم من حقيقة أن هناك 189 طرفًا (بما في ذلك 181 دولة) في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، التي تتطلب قوانين تجرم الرشوة والاختلاس وغسيل الأموال وغيرها من أشكال السلوك الفاسد، فإن حكم اللصوص لا يزال يزدهر، ولأنهم يتحكمون في إقامة العدل في البلدان التي يحكمونها، فإن الفاسدين يتمتعون بالإفلات من العقاب في العديد من الأماكن.وأضاف: مع ذلك، وبفضل عمل الصحفيين الشجعان، فإن تسريبات الوثائق الرئيسية الأخيرة مثل «أوراق باندورا»، والإصدارات السابقة للسجلات المالية مثل «أوراق بنما»، قد سلطت الضوء على الحجم الهائل لهذه الجرائم، وعلى الرغم من أن هذا قد أسفر عن أدلة كثيرة على وجود مخططات عابرة للحدود الفاسدة، فإن عددا قليلا من المسؤولين رفيعي المستوى الذين كشفهم التقرير واجهوا عواقب سياسية، وحتى عدد أقل منهم واجه احتمال فقدان أصولهم وحريتهم.واستطرد: يتساءل المواطنون بشكل صحيح كيف يمكن أن تستمر هذه الجرائم دون عقاب، بينما الطبقات الوسطى تعاني من الركود والتعب من مواجهة عواقب أزمة بعد أزمة.وتابع: على هذا المنوال، تُستخدم العقوبات أحيانًا ضد القادة الفاسدين، وهي آلية مساءلة مهمة على المدى القصير، لكنها ليست سوى استجابة سياسية لمشكلة الفساد الكبير.وأضاف: لتغيير حسابات الذين يسيئون استخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة وعناصر تمكينهم المهنية بشكل أساسي، يحتاج العالم إلى استجابة شاملة وغير متحيزة لسيادة القانون للمشكلة، والتي من شأنها أن تتجسد في إنشاء محكمة دولية لمكافحة الفساد.وأوضح أن هذه المحكمة قد تكون آلية لسد الفجوة الحاسمة في الإطار القانوني الدولي لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في هياكل الحوكمة.وتابع: إذا كانت الدولة التي يحكمها الفاسد غير راغبة أو غير قادرة على مواجهة القضية بنفسها، فيجب أن يكون للمحكمة اختصاص لنظر الجرائم التي ارتكبها الفاسدون وشبكاتهم عبر الوطنية من المتعاونين الذين تم تجريمهم بالفعل بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
مشاركة :