صارت الدول الأوروبية الآن تفكر جدّيا في الاعتماد على الهيدروجين الأخضر بديلا لأسعار الغاز التي بلغت مستويات مرتفعة بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا. وأفادت خدمة “بلومبرغ إن.إي.إف” للأبحاث بأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا جعلت الهيدروجين الأخضر قادرا على المنافسة مع الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة وسبع دول أوروبية. وتجاوزت أسعار الغاز الأوروبية 30 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بنحو 6 دولارات العام الماضي. ◙ التنافس سيشتدّ في المناطق التي تمتلك مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة وتسجل أسعار غاز مرتفعة نسبيا وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أنه ينبغي أن يستعيد الغاز التكلفة المنخفضة التي تميزه عن الهيدروجين الأخضر قريبا. وتتوقع “بلومبرغ إن.إي.إف” أن تنخفض أسعار الغاز في أوروبا إلى مستويات ما قبل عام 2022 بحلول نهاية عام 2024. ومع ذلك، سوف يشتعل التنافس بقوة بين الهيدروجين الأخضر والغاز الطبيعي في المناطق التي تمتلك مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة وتسجل أسعار غاز مرتفعة نسبيا، ولاسيما تشيلي والهند، حيث من المتوقع أن يتغلب الهيدروجين الأخضر على الغاز الطبيعي في عام 2033. والأخضر ليس وصفا للون الغاز الذي قد يصبح مسالاً، لكنه يعني أن إنتاجه لن يؤدي إلى تلويث البيئة بالانبعاثات الضارة. وتبنّى الاتحاد الأوروبي في العام 2020 استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بالصفقة الخضراء الأوروبية، وهي خطة تقترح التحول إلى الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، من خلال الإنتاج المحلي وإنشاء إمدادات ثابتة من قارة أفريقيا. ويقدر خبراء في مجال الطاقة وجود نقص في الهيدروجين في شمال غرب أوروبا، ما يعني ضرورة إنشاء موانئ لاستيراده عبرها. ويمكن للهيدروجين تخزين كميات هائلة من الطاقة، وأن يحل محل الغاز الطبيعي في العمليات الصناعية وخلايا وقود الطاقة في الشاحنات أو القطارات أو السفن أو الطائرات التي لا تنتج سوى بخار ماء الشرب. ◙ إنتاج الهيدروجين في أوكرانيا يُعدّ مكلفا ويصعب تخزينه ونقله ويتم إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الكهرباء من الطاقة المتجددة لتقسيم الماء إلى جزيئات الهيدروجين والأكسجين باستخدام محلل كهربائي. لكن تشغيل هذه الآلات والكهرباء يظل مكلفا. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن هذه التكاليف تعني أنه في الوقت الحالي يشكل الهيدروجين الخالي من الانبعاثات 0.03 في المئة فقط من إنتاج الهيدروجين العالمي. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” عن فيرونيكا غريم، أستاذة اقتصاد في جامعة إرلانغن نورمبرغ، وهي واحدة من مستشاري ألمانيا الثلاثة الخاصين للحكومة الفيدرالية ويُطلق عليهم اسم الحكماء الاقتصاديون، قولها “نحن بحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة لدينا وإزالة الكربون منها بشكل أسرع مما كان مخططا له في البداية”. وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف، تريد غريم من الأمّة تكثيف استخدامها للهيدروجين. وتعلّق بعض جماعات الضغط الأوكرانية آمالًا طموحًة على إنتاج الهيدروجين في أوكرانيا للخروج من أزمة الطاقة، خاصة مع الغزو الروسي، وفشل صناعة الغاز المحلية في البلاد في تلبية احتياجات الاستهلاك، حسب تقرير نشره موقع “إنرجي مونيتور”. وكانت شركة نافتوغاز الأوكرانية وشركة تجارة الطاقة الألمانية “آر.دبليو.إي” قد اتفقتا في أغسطس من العام الماضي على دراسة فرص التعاون في إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر ومشتقاته ومنها الأمونيا المنتجة في أوكرانيا، ووقّعتا مذكرة تفاهم بشأن تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا. ◙ الاتحاد الأوروبي تبنّى في العام 2020 استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بالصفقة الخضراء الأوروبية ◙ الاتحاد الأوروبي تبنّى في العام 2020 استراتيجيته الخاصة بالهيدروجين في إطار ما عرف بالصفقة الخضراء الأوروبية ويرى المدافعون عن الهيدروجين في أوكرانيا والذي يُعدّ إنتاجه مكلفًا ويصعب تخزينه ونقله، أنه عامل حيوي لإزالة الكربون، وأنه سيسهم في أن تصبح أوكرانيا مصدّرا رئيسا للطاقة النظيفة إلى الاتحاد الأوروبي، وأن يسهم إنتاج أوكرانيا المحلي من الهيدروجين في جهود أوروبا لتقليص اعتمادها على الغاز الروسي. وتحاول الدول الأوروبية تقليص اعتمادها على الغاز الطبيعي خاصة بعد الارتفاع في الأسعار وعدم قدرتها على إيجاد بديل للإمدادات الروسية، وتفيد تقارير بأن ترك أوروبا للغاز الروسي سيكون طويل المدى، حيث ستستغرق القارة معظم العقد الحالي لتخليص نفسها من تلك الإمدادات التي تمثل في الوقت الحالي أكثر من 40 في المئة من وارداتها من الغاز، وإلى حين حصول ذلك، ستستمر أوروبا في الشراء من روسيا، وإذا ما استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع، فإن الأموال التي تدفعها أوروبا لروسيا سترتفع لتصل إلى متوسط 850 مليون دولار يوميا في النصف الأول من عام 2022. ورغم ذلك، تتوقع “بلومبرغ إن.إي.إف” أنه بحلول عام 2050، سوف تكون تكاليف الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر في مستوى واحد، وستشهد 14 من أصل 25 دولة نموذجية تفوق غاز الهيدروجين الأخضر على الغاز الطبيعي في المنافسة.
مشاركة :