كشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن هناك تحديات كبرى تعيق انتعاش الاقتصاد العالمي، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن اندلاع الأزمة في أوكرانيا ألقى بظلال قاتمة على آفاق الاقتصاد العالمي. فبعد الانتعاش المسجل سنة 2021، يبقى هذا الانتعاش مهددا بشكل كبير وتسوده حالة من عدم اليقين. وسجل الجواهري، خلال ندوة نظمها بنك المغرب بشراكة مع صندوق النقد الدولي والمجلة الاقتصادية للصندوق النقد الدولي، أن العالم لن يكون بمنأى عن حدوث أزمة غذائية عالمية، علما أن آخر تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن ما بين 75 مليون و95 مليون شخص إضافي يعيشون في فقر مدقع سنة 2022، مقارنة بتوقعات ما قبل الجائحة. وبخصوص التضخم، أشار والي البنك المركزي إلى أنه أمام تسارع التضخم وبلوغه مستويات غير مسبوقة منذ عقود، تواجه البنوك المركزية معضلة : إما تشديد السياسات النقدية وكبح الاقتصاد بشكل أكبر ، أو إعطاء الأولية لتوجه مرن مع ما يكتنف ذلك من خطر تفاقم ارتفاع الأسعار. وأبرز أن المغرب، بطبيعة الحال، ليس بمنأى عن تأثيرات هذا السياق الدولي الصعب، مضيفا أنه بفضل القيام بتعبئة استثنائية على كل الأصعدة، استطاع الاقتصاد الوطني في جزء كبير تجاوز الأزمة الصحية، وتسجيل انتعاش قارب 8 بالمائة سنة 2021. لكن، ثم أضاف: أنه على غرار مختلف دول العالم ، يعاني الاقتصاد الوطني من تبعات الحرب في أوكرانيا، مع ما يرافق ذلك، على الخصوص، من تضخم الفاتورة الطاقية وضغوط خارجية كبيرة على الأسعار عند الاستهلاك. وعن مدى تأثير هذا التضخم الدولي على الاقتصاد المغربي من حيث إحداث الاستثمارات وخلق فرص الشغل؟ وكذا ما هي التدابير التي على السلطات الحكومية اتخاذها حتى لا تأثر القدرة الشرائية للمواطنين بهذا التضخم والارتفاع على المستوى العالمي؟ حاور موقع القناة الثانية، ضمن فقرة "3 أسئلة"، ادريس الفينا، الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي حول هذا الموضوع. نص الحوار ... شهد الاقتصاد العالمي موجة تضخم غير مسبوقة، كيف تقرؤون تأثيرها على الاقتصاد الدولي والمغربي بشكل خاص من حيث إحداث الاستثمارات وخلق فرص الشغل؟ بالتأكيد المغرب سيتأثر سلبيا بهذه الموجة العالمية للتضخم العالمية، بالنظر إلى ارتباطه بالسوق الدولية عن طريق السلع والمواد الطاقية المستوردة من الخارج، ونعلم أن المواد الطاقية تدخل في جميع المناحي الاقتصادية. بالتالي هذا التضخم سيؤثر على المقاولة المغربية وتنافسيتها وتنقص هوامش ربحها، مما سينعكس على استثماراتها المقبلة وسوق الشغل وأيضا الزيادة في أجور العاملين لديها. أمام هذا الوضع الاقتصادي الدولي والوطني، فإن الأسر المغربية ستتأثر قدرتها الشرائية لأن أجورها ثابتة في الوقت الذي تشهد فيه أسعار عدة مواد ارتفاعا متزايدا وهو هذا الأمر سيدفع طلب الأسر على المواد الاستهلاكية إلى التراجع. على المستوى الماكرواقتصادي، رغم أن المؤشرات الحالية للميزانية العامة للدولة والتي تشير إلى أنها جيدة، بفضل ارتفاع مداخيل الدولة بفعل الضرائب المباشرة وغير المباشرة، لكن تبقى هذه المؤشرات ظرفية فيمكن أن تكون السنة المقبلة عكسية. كما أنه لاحظنا أن نسبة اقتراض المغرب من الخارج أصبحت عالية ومن المتوقع أن ترتفع الكلفة أكثر من ذلك. على المستوى الدولي، فإن الحرب الأوكرانية الروسية سبب رئيسي في هذه الموجة التضخمية العالمية. رأينا أن البنك الفيدرالي الأمريكي قام برفع معدل الفائدة المركزي وهذا الأمر سيؤثر على العالم ككل. هناك تحذيرات من أزمة غذائية عالمية بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، في نظرك هل سيكون المغرب معني بهذه الازمة الغذائية بالنظر إلى اعتماد الاقتصاد الوطني على استيراد مجموعة من المواد الفلاحية كالحبوب وغيرها من المواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية؟ لن تصل إلى أن تكون أزمة غذائية بل سيكون ارتفاعا مهولا في هذه المواد سواء الطاقية أو التي تدخل في الصناعات الغذائية الأخرى، لأنه هناك ضغط عالمي للتزود بهذه المواد وطلب كبير ومتزايد، الدول المنتجة لهذه المواد الفلاحية رفعت أثمان. المغرب سيعمل على أن يتسوق حاجياته كلها ولكن بأسعار مرتفعة وهذا ينضاف عليه ارتفاع تكاليف نقل الاستيراد، فإنها كلها عوامل تجعل من فاتورة المواد الطاقية والحبوب بأن تكون مرتفعة. ما هي الإجراءات التي يجب على الحكومة أن تتخذها حتى لا تأثر القدرة الشرائية للمواطنين بهذا التضخم والارتفاع على المستوى العالمي؟ هذه معادلة معقدة نظرا لتداخل الفاعلين، فالدولة تحافظ على مداخيلها لأن لديها التزامات استثمارية وصفقات اقتصادية. الأسر ستتأثر؛ لكن أمام المواطن المغربي أن يستهلك بعقلانية وأن يُخفض من كمية المواد المستهلكة لكي يحافظ على القدرة الشرائية. أما بالنسبة للمقاولات فهي مطالبة بعقلنة عملية الإنتاج بشكل كبير.
مشاركة :