غرقت ليبيا في الفوضى في أعقاب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتتنازع على السلطة فيها منذ مطلع آذار/مارس حكومتان متنافستان، وهو وضع سبق أن شهدته البلاد بين عامي 2014 و2021، من دون أن تلوح في الأفق حتى الآن أي بارقة أمل باحتمال انفراج الأزمة السياسية قريباً. ويلتقي رئيس مجلس النواب الليبي ورئيس المجلس الأعلى للدولة هذا الأسبوع في جنيف في محاولة لإيجاد اتفاق حول إطار دستوري لإجراء انتخابات. وأصدرت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا التابعة للأمم المتحدة تقريرا جديدا الأربعاء بعدما قامت بعدة زيارات ميدانية. وكشف عدة مهاجرين قابلتهم البعثة ونقلت إفاداتهم في تقريرها أنهم "تعرضوا لأعمال عنف جنسية من قبل المهربين، وفي غالب الأحيان بهدف ابتزاز عائلاتهم". وذكر التقرير أن "البعثة لديها أسباب منطقية تدعو إلى الاعتقاد بوقوع جرائم ضد الإنسانية بحق مهاجرين في ليبيا"، مؤكدة بذلك ما سبق أن أعلنته في تقارير سابقة. يتم احتجاز آلاف المهاجرين الذين يصلون إلى ليبيا بهدف الانتقال إلى أوروبا في مراكز يشرف عليها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، داخل منشآت تسيطر عليها مجموعات مسلحة غير تابعة للحكومة أو يحتجزهم مهربون. ويتم اعتقالهم بصورة "اعتباطية ومنهجية" ويقعون ضحايا "قتل واختفاء قسري وتعذيب ورقّ ويعانون تعديات جنسية واغتصابات وغيرها من الأعمال غير الإنسانية". والمهاجرات بمن فيهنّ القاصرات هنّ الضحايا الأوائل للتعديات الجنسية حتى لو أنها تطال الرجال أيضا، وتقول النساء إنهنّ "أرغمن على إقامة علاقات جنسية ... لقاء طعام أو مواد أساسيّة أخرى". وذكر التقرير أن "مخاطر العنف الجنسي المعروفة في ليبيا بلغت حداً جعل بعض النساء والفتيات المهاجرات يضعن لولبا في الرحم لمنع الحمل قبل التوجه إليها لتفادي حمل غير مرغوب فيه نتيجة أعمال العنف هذه". وروت مهاجرة احتجزت في أجدابيا كيف فرض عليها محتجزوها إقامة علاقات جنسية معهم لمنحها ماء لطفلها المريض البالغ من العمر ستة أشهر. ولجنة تقصي الحقائق المستقلة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران/يونيو 2020، مكلفة توثيق التجاوزات المرتكبة في ليبيا منذ 2016. وشارف تفويضها على نهايته لكن مجموعة الدول الإفريقية طرحت مشروع قرار لتمديد مهمتها تسعة أشهر، وستجري مناقشته في نهاية الأسبوع المقبل. وأكد المحققون في تشرين الأول/أكتوبر وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا منذ 2016، بما في ذلك داخل السجون وبحق مهاجرين، غير أن قائمة مرتكبي هذه الفظاعات تبقى طي الكتمان.
مشاركة :