اعتبرت القمة الأطلسية في مدريد أن روسيا تهديد مباشر لدول «الناتو»، في حين أن الصين تشكّل تهديداً لقيم وأمن الحلف، في وقت أعلنت واشنطن تعزيز وجودها العسكري في أوروبا جواً وبراً وبحراً. أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أن خريطة الطريق التي ستتبناها قمة الحلف في مدريد تنص على ان «روسيا تمثل تهديداً مباشراً لأمن دول الحلف، كما أن الصين تمثّل تحدّياً لقيمنا ومصالحنا وأمننا».وفي كلمة ألقاها اليوم ، خلال افتتاحه قمة لحلف في مدريد، والتي تسعى إلى تعزيز جناح الحلف الشرقي ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا، اعتبر ستولتنبرغ إن «خريطة الطريق» الجديدة للحلف، المسماة «المفهوم الاستراتيجي»، تشير أيضًا الى ان «الصين ليست خصماً، ولكن علينا أن نأخذ في الاعتبار العواقب على أمننا عندما نرى الصين تستثمر بكثافة في المعدات العسكرية الجديدة» في حين نددت الصين ببيان مجموعة السبع الذي وجه اليها اتهامات بالتلاعب بقوانين التجارة. وكدليل على القلق، دعا «الأطلسي» قادة اليابان وكوريا الجنوبية للمرة الأولى، للمشاركة في قمته هذا العام. وبات رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، أول زعيم ياباني يحضر مثل هذه القمة، حيث يسعى الحلف إلى تعميق العلاقات مع الشركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وذلك على خلفية التحدي الصيني الذي يلوح في الأفق. وفي مواجهة التهديد الروسي، ستقرر دول «ناتو» تعزيز «مجموعاتها القتالية» الموجودة على الحدود الشرقية للحلف. من ناحية أخرى، أوضح ستولتنبرغ أن دعوة قمة «ناتو» للسويد وفنلندا للانضمام إلى الحلف تدل على استمرار سياسة الباب المفتوح. يذكر أنه بعد التزام سياسة الحياد لعقود، باتت هاتان الدولتان على عتبة «ناتو»، بعدما سحبت تركيا حق النقض عشية انطلاق أعمال «قمة مدريد». جاء ذلك بعد توقيع الحكومات الثلاث مذكرة تفاهم بشأن عضوية البلدين الأخيرين في «ناتو» يتعهدان فيها بالتعاون التام مع تركيا في مكافحة التنظيمات الإرهابية والادانة الصريحة لجميع هجمات التنظيمات الإرهابية ضد تركيا ورفض وإدانة الإرهاب بكل أشكاله. وأعلن وزير العدل التركي بكر بوزداغ، أن أنقرة ستطالب فنلندا والسويد بتسليمها 33 شخصا ينتمون الى «حزب العمال الكردستاني» وحركة فتح الله غولن (فيتو)، اللذين تعتبرهما إرهابيين. وبينما رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن «قمة مدريد تعزز مسار الاحتواء العدواني الذي ينتهجه الحلف حيال روسيا»، واصفا توسيع عضويته إلى فنلندا والسويد بأنه خطوة «مزعزعة للاستقرار فيما يتعلق بالشؤون الدولية. ولا يضيف أمنا لمن يوسعونه ولا لمن ينضمون إليه ولا لدول أخرى تعتبر الحلف تهديدا». بايدن وقبيل انطلاق القمة، أعلن الرئيس الأميركي أن بلاده «ستعزز وجودها العسكري في أوروبا كي يتمكن ناتو من الردّ على التهديدات الآتية من جميع الاتجاهات وفي كلّ المجالات؛ برًا وجوًا وبحرًا». وقال: «سيتمّ تعزيز الوجود العسكري والإمكانات العسكرية الأميركية في إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا». وذكّر بايدن بأن الولايات المتحدة سبق أن نشرت هذا العام «20 ألف عسكري إضافي في أوروبا لتعزيز صفوفنا ردًا على الخطوات العدوانية التي تقوم بها روسيا». وأكد أن «واشنطن ستزيد عدد مدمّراتها في قاعدة روتا البحرية بإسبانيا، الى 6 بدلًا من 4 سابقًا، أما في بولندا، فسنقيم مقرًّا عامًّا دائمًا للفيلق الخامس بالجيش الأميركي». وتابع: «سنبقي على لواء إضافي مؤلف في المجمل من 5 آلاف عنصر ومقرّه رومانيا، وسنقوم بعمليات انتشار إضافية في دول البلطيق، وسنُرسل أيضاً سربَين إضافيَين من طائرات F35 المقاتلة إلى المملكة المتحدة، وسننشر قدرات دفاعية جوية إضافية في ألمانيا وإيطاليا». ورأى بايدن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يريد «جعل أوروبا مثل فنلندا، أي جعل الدول الأعضاء في ناتو تتبنى موقفًا حياديًا، هو تاريخيًا موقف دول شمال أوروبا، إلا أنه يشهد بخلاف رغبته، توسعًا للحلف ليشمل دول أوروبية إضافية». في المقابل، أشادت بولندا، اليوم ، بتعهد بايدن بإنشاء قاعدة عسكرية على أرضيها، باعتباره تحقيقا لحلم طال انتظاره وخطوة من شأنها أن ترسل إشارة واضحة إلى روسيا. شولتس من ناحيته، قال المستشار الألماني أولاف شولتس في مقابلة تلفزيونية، أن بلاده ستمتلك أكبر جيش تقليدي أوروبي في «الأطلسي» بفضل الأموال الضخمة التي قررت برلين استثمارها لتعزيز قدراتها العسكرية، مضيفاً: «سننفق في المتوسط ما بين 70 و80 مليار يورو سنويا على الدفاع» في حين اصبحت سوريا اول دولة في العالم تعترف رسميا بجمهورتي الدونباس الانفصاليتين المعلنتين من جانب واحد.
مشاركة :