تجاوزت إسبانيا العقدة التي وضعتها الجزائر لعرقلة تصدير الغاز إلى المغرب وبدأت الأربعاء في استخدام الأنبوب بالاتجاه المعاكس مؤكدة أن الغاز الموجه إلى المغرب ليس غازا جزائريا. وكانت الجزائر حذرت من استخدام الغاز الجزائري في التجارة بين إسبانيا والمغرب وقالت إنها ستعتبر أيّ ضخ للغاز انتهاكا للاتفاقية التي تنظم علاقة البلدين. ونجحت إسبانيا خلال الفترة الماضية في استدراج عقود من مزودين عالميين للاستفادة من منشآت تسييل الغاز وضخه بالاتجاه المعاكس نحو المغرب مما يعطي الرباط فرصة لتجاوز قطع الجزائر تزويدها بالغاز. وتجد الجزائر نفسها معزولة عن القرار الإسباني على الرغم من أنها ساهمت في تمويل الأنبوب العابر من المغرب إلى إسبانيا. وواجهت الجزائر عقدة علاقات عامة في تبرير قطعها الغاز المصدر إلى إسبانيا مع حصة للمغرب حيث اتهمت الرباط بجملة من الاتهامات دون تقديم أدلة عليها. تترقب إسبانيا باهتمام كبير رد فعل الجزائر، حيث أن نقل الغاز عبر خط الأنابيب ليس بالأمر البسيط ومن بين تلك الاتهامات الوقوف وراء الحرائق التي شهدتها غابات في منطقة القبائل الجزائرية والتي تزامنت مع سلسلة حرائق شهدتها عدة دول متوسطية مثل تونس وإسبانيا ولبنان وتركيا ثم عادت وأضافت تبريرا آخر بالقول إن المغرب له يد في دعم حركة “ماك” الأمازيغية وجبهة الإنقاذ المتشددة دون تقديم أيّ أدلة على ذلك عدا نشر اعترافات لموقوفين انتزعت في الأغلب تحت التعذيب. وينظر مراقبون إلى تلك الاتهامات على أنها اتهامات كيدية الهدف منها تبرير التحركات العدائية ضد المغرب بعد أن نجح في حشد الدعم الدولي لرؤيته حول الحل لقضية الصحراء المغربية. وبدأت إسبانيا لأول مرة بنقل الغاز إلى المغرب عبر خط أنابيب المغرب العربي – أوروبا مؤكدة أنه ليس غازًا جزائريًا. وتوقفت الجزائر عن توفير الغاز عبر هذا الخط باتجاه إسبانيا منذ نهاية أكتوبر على خلفية أزمة دبلوماسية. وقالت مصادر في وزارة التحول البيئي الإسبانية إنه “استنادا إلى العلاقات التجارية وحسن الجوار تم أمس (الثلاثاء) إرسال أول شحنة غاز طبيعي مسال عبر خط أنابيب المغرب العربي – أوروبا بعد أن اشتراها المغرب من الأسواق الدولية ووصلت إلى محطة إسبانية لإعادة تحويلها إلى غاز طبيعي”. وقال المصدر ذاته إن “إجراءات اعتمدت لإصدار إفادة تضمن أن الغاز (المنقول من إسبانيا الى المغرب) ليس منشأه الجزائر”. وهددت الجزائر في أبريل بفسخ عقد نقل الغاز الى إسبانيا إذا قامت مدريد بنقل الغاز الجزائري “إلى وجهة ثالثة” في إشارة ضمنية إلى المغرب. المغرب يتمتع بعلاقات جيدة مع دول المنطقة دبلوماسية متزنة نجحت في بناء علاقات جيدة مع دول المنطقة وقالت مصادر في وزارة التحول البيئي إن مهمة شركة إنغاز التي تدير شبكة الغاز الإسبانية هي “التحقق من مصدر الغاز الطبيعي المسال” الذي يشتريه المغرب وبعد تفريغ الشحنة إصدار شهادة مع “البيانات ذات الصلة” وبالتالي “تجنب تصدير غاز لم يتم تفريغه لهذا الغرض”. لكن قيام إسبانيا بنقل الغاز عبر خط الأنابيب هذا ليس بالأمر البسيط في إطار العلاقات المعقدة بين الجزائر والمغرب، حيث تترقب إسبانيا باهتمام كبير رد فعل الجزائر. وتوترت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا منذ أن قرر رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز في مارس دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، المستعمرة الإسبانية السابقة، لإنهاء أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط استمرت نحو عام. وردا على تغيير الموقف هذا، استدعت الجزائر سفيرها في إسبانيا ولم تستبعد سوناطراك شركة النفط والغاز الجزائرية رفع سعر الغاز المسلّم إلى إسبانيا. كما علقت السلطات الجزائرية مطلع يونيو معاهدة تعاون مع إسبانيا بينما أعلنت هيئة مصرفية رئيسية في الجزائر فرض قيود على المعاملات التجارية مع مدريد. وتراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري بشكل كبير منذ وقف خط أنابيب غاز المغرب العربي – أوروبا، لكن ما يقارب ربع الغاز الذي تستورده إسبانيا كان لا يزال يأتي من الجزائر في الربع الأول مقارنة بأكثر من 40 في المئة في عام 2021، وفقًا للشركة المشغلة لشبكة الغاز الإسبانية. ويتم تسليم شحنات الغاز إلى إسبانيا من قبل شركة النفط والغاز الجزائرية العملاقة سوناطراك عبر خط أنابيب ميدغاز البحري الذي يربط مباشرة بين البلدين.
مشاركة :