تواجه قوى «الإطار التنسيقي» العراقية، المؤلفة من أحزاب بعضها موالٍ لفصائل مسلحة، خلافات داخلية حول شكل الحكومة العراقية المقبلة، في إطار المفاوضات التي تجريها بعدما استحوذت على غالبية مقاعد نواب «الكتلة الصدرية»، الذين استقالوا جماعياً من البرلمان العراقي، وهو ما جعلها القوة الأولى في المجلس ويتيح لها تشكيل الحكومة المقبلة. وتشير مصادر إلى أن بعض أطراف «الإطار التنسيقي» ترغب في عدم استفزاز «التيار الصدري»، وذلك باختيار شخصية غير جدلية لرئاسة الحكومة، فيما ترغب أطرافاً أخرى في تجاهل التيار، واختيار من يمثلها. يأتي ذلك فيما توقع مصدر مقرب من «التيار الصدري» فشل المفاوضات الجارية بين قوى «الإطار التنسيقي» والأطراف الأخرى، لاسيما تحالف «السيادة» والحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بسبب ما وصفه بغياب الضمانات. وأكد المصدر أن «لا مؤشر ظهر على الساحة يؤكد قرب التوصل إلى تفاهم، أو بلورة أي اتفاق ببنود واضحة وصريحة». ومن جانبه، قال كرار رفعت المحلل والناشط السياسي العراقي لـ«الاتحاد»، أن «الإطار التنسيقي» لم يبلور ماذا يريد من مفاوضاته مع الكتل السياسية الأخرى، فضلاً عن خلافاته الداخلية. وأوضح أن هناك جناحا داخل «الإطار» يريد تشكيل حكومة «صقور»، مكونة من نخب «الإطار» من دون تقديم تنازلات، وأما الجناح الثاني فيريد تشكيل حكومة لا تستفز زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، وبالتالي تقدم تنازلات للكتل والأحزاب الكردية، لاسيما الحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى القوى الأخرى. واعتبر أن «الإطار التنسيقي» مجبر على تقديم تنازلات، إذا أراد تشكيل حكومة، لاسيما أنه لابد أن يمر عبر بوابة اتفاق الأحزاب الكردية على مرشح لمنصب الرئيس، الذي يدعو بدوره الكتلة البرلمانية الأكبر لتشكيل الحكومة. وأشار رفعت إلى أن أحزابا مثل «تقدم» بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والمستقلين وغيرهم، يطالبون «الإطار التنسيقي» بتقديم تنازلات من أجل التوافق على حول تقاسم المناصب والدرجات الخاصة والهيئات، وعدم إذعان «الإطار» سيؤدي إلى انسحاب تلك الأطراف من العملية السياسية، على غرار استقالات نواب «التيار الصدري». ورغم ذلك، استبعد رفعت تأخير تشكيل الحكومة لفترة طويلة بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، وهو ما فسّره بضغط «الإطار التنسيقي» للإسراع في التصويت على بدلاء نواب «التيار الصدري»، في جلسة استثنائية رغم عطلة البرلمان. وتوقع أن يسرّع «الإطار التنسيقي» عملية تشكيل الحكومة، لكن عمر هذه الحكومة لن يكون طويلاً، بسبب الانقسام والخلاف الداخلي بين قوى «الإطار»، وكذلك مع الأطراف الأخرى حول تقاسم المناصب والدرجات الخاصة والهيئات. الخلاف، بحسب رفعت، ستؤدي إلى انقسام الحكومة وانقسام داخل البرلمان حول تشريع القوانين. ويعتقد رفعت أن الحكومة المقبلة ستعزز دور «الفصائل المسلحة»، على حساب المؤسسات الوطنية. وحذر من قيام حكومة «الإطار التنسيقي» حال تشكيلها باللجوء إلى ما وصفه بـ«حلول ترقيعية» لا تحل الأسباب الجذرية لأزمات العراق.
مشاركة :