لم يخطر لروي (36 عاما) الذي يعيش على أطراف مدينة لندن ويعمل لشركة تسويق كبيرة أن نقص الغذاء سيشكل بالنسبة إليه وإلى ولديه مصدر قلق. حتى وقت قريب كانت كلمة مجاعة مرتبطة ببلدان العالم الثالث، ما أن تذكر حتى تقفز للذهن مشاهد من دول ابتليت بحروب أهلية أو بالجفاف والتصحر. ولطالما وجّه اللوم في مشكلة نقص الغذاء إلى تزايد أعداد السكان. بالنسبة إلى روي، بريطانيا بمنأى عن الجفاف والتصحر، لا مجال فيها لحروب أهلية أو صراعات، والبلد يعاني من نقص في المواليد. لا داعي للقلق والخوف إذن. حلول لوقف الهدر شعور روي ومعه الملايين من البريطانيين بالأمن، اهتز فجأة. البداية كانت مع جائحة كورونا.. وما بدأته الجائحة أكمله الغزو الروسي لأوكرانيا. شعور الملايين من البريطانيين بالأمن اهتز شعور الملايين من البريطانيين بالأمن اهتز لم تعد بريطانيا ومعها الدول الأوروبية بمنأى عن أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار، وبدأ الناس هناك بشد الأحزمة لتقليص الإنفاق على فاتورة التسوق. أزمة الغذاء التي بدأ الجميع يتحدث عنها، نبهت إلى خلل طالما كان موجودا ولكن لم يعره أحد انتباها. فجأة اكتشف الناس كميات الطعام التي تنتهي في حاويات النفايات. وراحت الحكومات تبحث عن حلول لوقف هدر الطعام. كل عام يهدر العالم ما قيمته مئات المليارات من الطعام في كل مرحلة من مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع، بسبب أخطاء إدارية وعدم الكفاءة في صناعة البقالة. في الولايات المتحدة وحدها تكلف أوجه عدم الكفاءة أكثر من 50 مليار دولار سنويًا. كل عام يهدر العالم ما قيمته مئات المليارات من الطعام في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع بسبب عدم الكفاءة الحديث عن هدر الطعام لا يتوقف عند الكميات التي تفيض عن حاجتنا في استهلاكنا اليومي وتنتهي بسلة المهملات. هو أكبر من ذلك وأعقد بكثير. الإهدار يترافق مع كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتصنيع؛ من المزرعة إلى الطبق. ولهذا عواقب تطال الجميع، وتتنوع بين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ونظرًا إلى وجود العديد من الطرق التي يحدث بها الهدر فنحن في حاجة إلى مجموعة واسعة من الحلول والتقنيات لإحداث تأثير من شأنه وقف تدفق نفايات الطعام. أحد الأسباب الرئيسية لهدر الطعام هو الافتقار إلى تخطيط الطلب وإدارة المخزون، فعلى سبيل المثال 40 في المئة من نفايات الطعام في الولايات المتحدة ناتجة عن أخطاء إدارية وبسبب التلف والسرقة وغيرها من الخسائر. ومع اشتداد المخاوف من نقص الغذاء مؤخرا، اتخذت مجموعة من المبادرات من قبل حكومات ومنظمات لمنع الهدر باستخدام حلول يوفرها الذكاء الاصطناعي، تقدم المساعدة في التخطيط الدقيق وتتبع الهدر، حيث يمكن لنظام إدارة المخزون المدعوم بالذكاء الاصطناعي معالجة مئات العوامل التي تؤثر على الطلب، وإنشاء تنبؤات دقيقة لمساعدة البقالة والمطاعم على طلب السلع والمخزون بدقة أكبر. تتبع النفايات فجأة اكتشف الناس كميات الطعام التي تنتهي في حاويات النفايات فجأة اكتشف الناس كميات الطعام التي تنتهي في حاويات النفايات يمكن أن تستمر خوارزميات التعلم الآلي في تحسين الدقة بمرور الوقت من خلال تحديد العلاقة بين العوامل المختلفة ومبيعات المنتج. ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا تتبع النفايات بأدق التفاصيل ليوفر بذلك لتجار التجزئة رؤية واضحة حول المنتجات التي يتم التخلص منها، ويمكن أن تساعد التقنيات التي تحدد أنماط نفايات الطعام وتصنفها وتلتقطها الشركات على تحسين العرض والعروض بناءً على البيانات. ويساعد تتبع وتحليل النفايات خدمة الطعام والمطاعم في تحقيق أرباح إضافية من خلال خفض تكاليف شراء المواد الغذائية. اللافت للنظر السرعة التي تحركت بها بعض الدول لمواجهة الأزمة. ففي اليابان كثفت الشركات استخدام الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتقدمة لتقليل هدر الطعام، وتتطلع إلى تسجيل بعض نقاط الاستدامة على طول الطريق. وكانت بيانات حكومية قد أظهرت أن التخلص من مخلفات الطعام التي تزيد عن 6 ملايين طن يكلف الاقتصاد الثالث في العالم 19 مليار دولار سنويًا. ومع وجود أعلى نسبة نفايات غذائية للفرد في آسيا، سنت الحكومة اليابانية قانونًا جديدًا لخفض هذه التكاليف إلى النصف بحلول عام 2030. وبدأت سلسلة متاجر صغيرة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقدير كمية المنتج على الرفوف. وتهدف السلسلة إلى خفض المخزون الزائد بنسبة 30 في المئة في الأماكن التي تم طرحه فيها، وتريد خفض نفايات الطعام إلى النصف في جميع متاجرها في عام 2030 مقارنة بعام 2018. في المنطقة العربية التي تتفاقم فيها الأزمة الغذائية يهدر ما قيمته 48 مليارا من الغذاء سنويا وفي إسبانيا حيث يتم إهدار أكثر من 1.3 مليون طن من الطعام كل عام، تبنّت الحكومة مشروع إجراء من شأنه معاقبة المتاجر بغرامات تصل قيمتها إلى نصف مليون يورو للمخالفين المتكررين. وإذا صادق البرلمان على هذا الاقتراح، فإنه سيجعل من الضروري أيضا أن توفر المطاعم حقائب الكلاب للعملاء لنقل بقايا طعامهم إلى منازلهم. صمت عربي وفي إيطاليا أصدرت الحكومة تشريعا يجعل من السهل على الشركات التبرع بالطعام، بما في ذلك إزالة القيود المفروضة على عدم إمكانية التبرع بالطعام بعد تاريخ بيعه. وفي بريطانيا تدير فيليكس، وهي منظمة غير الحكومية، عملية لوجستية ضخمة لجمع الطعام من أكثر من 400 بائع، مثل محلات السوبر ماركت والمطاعم، والتي كان مصيرها مكب النفايات. حيث يتم تنظيم الطعام وفحصه من قبل عدد كبير من المتطوعين قبل إعطائه إلى ما يقرب من ألف شريك محلي لمشروع فيليكس من جمعيات خيرية وبنوك الطعام والمطابخ المجتمعية والمدارس. وفي المنطقة العربية التي تتفاقم فيها الأزمة الغذائية يهدر ما قيمته 48 مليارا من الغذاء سنويا، وهو مبلغ لا يكفي فقط لإطعام البطون الخاوية في المنطقة، بل يكفى لملء بطون جياع أفريقيا. ورغم ذلك لم تتخذ خطوات عملية لوقف الهدر سواء من قبل الأفراد أو الحكومات، باستثناء شركة مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة، هي شركة وينو، التي نجحت في توظيف الذكاء الاصطناعي لمساعدة المطابخ التجارية الكبيرة على تقليل هدر الطعام. ويشمل ذلك الشركات والفنادق والمطاعم والسفن السياحية في 45 دولة حول العالم.
مشاركة :