دودة بحرية تحدث ثورة في مجال زرع الأعضاء

  • 7/2/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن لدودة بحرية موجودة في كل مكان على سواحل المحيط الأطلسي وفي القناة الإنجليزية أن تحدث ثورة في عمليات زرع الأعضاء لدى البشر. وقامت شركة باكتشاف وتطوير منتج يعتمد على دم هذه الدودة، والتي تمكّن خصائصها من زيادة الأوكسجين والحفاظ على الأعضاء خلال عملية الزرع. مورليه (فرنسا) - من الشاطئ إلى غرفة العمليات.. هذا المسار الغريب تسلكه ديدان بحرية تُنسب إليها ميزات مذهلة اكتشفتها شركة تكنولوجيا حيوية فرنسية وحوّلتها إلى منتج يخضع حاليا للاختبار في عمليات زرع للبشر بغية إعطاء الأعضاء المزروعة قدرة أكبر على المقاومة. ولا تُلمح هذه الدودة المعروفة باسمها العلمي "أرينيكولا مارينا" كثيرا لأنها قادرة على الاختباء تحت الرمل، لكن رواد الشواطئ على المحيط الأطلسي وبحر المانش رصدوا بلا شك الآثار التي تتركها وراءها على السطح. وهذه الديدان ليست حديثة العهد بتاتاً، إذ يقرب عمرها من 450 مليون سنة، ما يظهر قدرتها على المقاومة. ويعرف هذا الكائن جيدا كيف يصمد من دون أوكسجين، بانتظار عودة المد العالي لساعات عدة. ويعود الفضل في ذلك إلى الهيموغلوبين الخاص به والقريب من ذلك الموجود لدى البشر لكنه ذو فعالية أكبر، إذ يمكن لكل جزيء تثبيت كميات من الأوكسجين توازي أربعين مرة ما يثبته الهيموغلوبين لدى البشر، وفق فرانك زال رئيس شركة "هيمارينا" القائمة على المشروع في مختبراتها في مورليه غرب فرنسا. الشركة القائمة على المشروع تستعين بميزة صمود هذا الكائن من دون أوكسجين للسماح بزيادة الأوكسجين في الأعضـاء المزروعة وتستعين الشركة القائمة على المشروع بهذه الميزة للسماح بزيادة الأوكسجين في الأعضـاء المزروعة خلال عمليات الزرع. وفي إحدى ثلاجات الشركات، ثمة ما يقرب من ثلاثمئة كيلوغرام من الديدان المحفوظة في مغلفات تبلغ سعة كل منها لترا واحدا. وتبدو الديدان البالغ طولها بضعة أمتار، عادية في الشكل وليس هناك ما يوحي بأنها معدة للاستخدام في غرف العمليات. لكنّ تذويب الجليد عنها يؤدي إلى صدمة نزفية. وبعدها يخضع جزيء الهيموغلوبين إلى مراحل عدة قبل تحويله إلى عبوة صغيرة تضم غراماً واحداً من سائل باللون الأحمر القاني. وسيضاف هذا المحلول لاحقا إلى سائل لحفظ العضو المزروع، بانتظار عملية الزرع. ويمثل 250 كيلوغراما من الديدان ثلاثة كيلوغرامات من المنتج، أي ما يقرب من ثلاثة آلاف عملية زرع محتملة. ويشهد مختبر الشركة خصوصا عملية مراقبة للجودة، إذ أحيلت مهمة الإنتاج إلى شركة صيدلانية لديها مختبرات أكبر. ولم يكن ذلك بالأمر السهل، لأن الاستعانة بالديدان ليست شائعة في القطاع الصيدلاني. وأوضح فرانك زال أن "تحويل المسار بأكمله إلى الجانب الصناعي كان مهمة شديدة التعقيد، مع قدرة كاملة على التتبع"، مستذكرا بأن شركته بدأت بحوثه "بالاعتماد على خلاط". وباشر الباحث السابق في المركز الفرنسي للبحث العلمي بحوثه أولاً على الفئران، وتقدّم بطلب للحصول على براءة اختراع أولى سنة 2001، قبل تأسيس “هيرمارينا”. ويعمل مختبر الشركة حاليا على إنجاز تجربته الثانية على ما يقرب من 500 شخص يخضع لعملية زرع كلوي في مختلف أنحاء فرنسا. ويأمل زال في أن يفتح ذلك الباب أمام طرح منتجه لحفظ الأعضاء المزروعة، المسمى “هيمو تو لايف”، في الأسواق. وأوضح الأستاذ الجامعي يانيك لو مور، الأخصائي في الطب الكلوي في مستشفى بريست (غرب) المشارك في الاختبارات المختلفة، أن النتائج في حال أتت إيجابية قد تشكل تقدما كبيرا في عالم الزرع. وقال "الصعوبة الكبرى في عمليات الزرع تكمن أولاً في نقص الأعضاء المعدة لها، في ظل وجود قوائم انتظار طويلة للغاية". وقد دفع ذلك بالسلطات إلى تليين شروط الموافقة على العمليات، مع القبول مثلا بواهبين أكبر سنا يعانون أحيانا من أمراض، ما يزيد خطر حصول خلل في عمل الأعضاء المزروعة. وهنا تكمن أهمية تحسين حفظ هذه الأعضاء الأكثر ضعفا. ◙ في عمليات الزرع تكمن أولا في نقص الأعضاء المعدة لها في ظل وجود قوائم انتظار طويلة للغاية وأوضح لو مور أنه "من الضروري تفادي حصول مشكلات مع العضو المزروع والعمل على إعادة إطلاق عمله بصورة أسرع". وتابع "أعطت دراسة أولى نتائج مشجعة، فقد أظهرنا فارقا بين الكلى التي وُضع لها محلول هيمارينا، وتلك التي لم تحصل عليه، على صعيد الوقت الذي يستغرقه العضو المزروع للعمل بعد عملية الزرع على سبيل المثال". واعتبر لو مور أن الهيموغلوبين الموجود لدى هذه الديدان "قد يكون له أثر بالغ على الأعضاء المزروعة والمرضى، وأيضا على العادات المعتمدة في مجال الوصفات الطبية والتقنيات". ويشاطره هذا الرأي البروفيسور بونوا بارو رئيس قسم الطب الجراحي لعمليات زرع الكلى في مستشفيات باريس، المشارك بدوره في الدراسة. وفي ظل نقص الأعضاء المخصصة لعمليات الزرع، يعتبر الأخصائي أن "هيمو تو لايف" تشكل "ثورة على صعيد سهولة الاستخدام والفعالية. ففي الطب، عندما نطور شيئا ما، تمثل سهولة الاستخدام عاملا حاسما في طرحه على نطاق واسع". وبدأت الشركة الفرنسية توسيع نشاطها هذا إلى الخارج. ففي سبتمبر الماضي، استخدم معهد "أمريتا" للعلوم الطبية في الهند محلولها في عملية زرع مزدوجة للأطراف العلوية لدى أحد المرضى.

مشاركة :