تعد الولايات المتحدة دولة مهاجرين في الأساس وهي أكبر دولة في العالم استقبالا لهم، إلا أنها في عهد الإدارة السابقة اتخذت اتجاها تقييديا تجاه المهاجرين، ومن ثم بدأت هذه المسألة تخضع لتحليل مكثف وكان أحد جوانبها ما إذا كانت الهجرة تؤثر على حياة الأميركيين أنفسهم. ويقول أليكس نوراستيه، مدير دراسات السياسات الاقتصادية والاجتماعية بمعهد كاتو، كان تحديد وتحليل الحجج ضد زيادة الهجرة الشرعية أحد المكونات الأساسية لعملي على مدى العقد الماضي، ومعظم هذه الحجج واهية، إن تأثير المهاجرين على الأجور ضئيل ويستفيد منه العمال الأميركيون المولودون في الولايات المتحدة، والمهاجرون أقل ميلا إلى الإجرام من الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة، ويندمج المهاجرون وأحفادهم بسرعة في الثقافة الأميركية. ويضيف نوراستيه أن تهديد الهجمات الإرهابية التي ينفذها الأجانب على الأراضي الأميركية حقيقي، ولكنه ضئيل أيضا ويمكن التحكم فيه، ويقول إن أحد الآراء بشأن هذه التهديد كان بارزا ودفعه إلى المشاركة في تأليف أبحاث أكاديمية وأوراق عمل وكتاب نشرته مطبعة جامعة كامبريدج تتناول ما إذا كان من الممكن أن يخفض المهاجرون النمو الاقتصادي على المدى الطويل في الولايات المتحدة و»يذبحون الإوزة التي تضع بيضا ذهبيا». ويضيف نوراستيه أن حجة «الإوزة الذهبية» تستند على سبيل المثال إلى أنه عادة ما يأتي المهاجرون من الدول الفقيرة، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل دول المقصد هذه فقيرة، مثل المؤسسات الاقتصادية والسياسية غير المنتجة، أو الثقافة التي لا تفضي بطريقة أو بأخرى إلى النمو الاقتصادي أو الفساد المستشري أو العنف أو عوامل أخرى. ويرى أنه إذا كان للمهاجرين إلى الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أن يجلبوا معهم هذه الخصائص المناهضة للنمو من دولهم الأصلية، فقد يؤثرون على المؤسسات أو الثقافة أو الفساد أو العنف أو غيرها من سمات مجتمعنا الغني بحيث يتباطأ النمو طويل الأمد في الولايات المتحدة، أو يتوقف تماما، أو حتى ينعكس، وفي هذه الحالة، لن تتحقق الفوائد الاقتصادية المتوقعة للهجرة المحررة، بل قد تكون هناك تكلفة صافية. واعتبر نوراستيه أن حجة «الإوزة الذهبية» لا تدعمها الأدلة، إذ أن نوعية المؤسسات الاقتصادية والسياسية تتحسن أو تظل دون تغيير بعد الزيادات الكبيرة في الهجرة، كما أن آثار الهجرة على الثقافة والفساد والعنف كلها طفيفة، ومن الصعب قياس هذا بشكل خاص في حالة الثقافة لأن حالة الأدبيات الأكاديمية حول هذه النقطة ضعيفة وغير مقنعة لمجموعة كاملة من الأسباب المنهجية. ويقول نوراستيه إن أحد فصول كتابه يدور حول كيفية تأثير الهجرة على المؤسسات الاقتصادية في الولايات المتحدة على المدى الطويل، وفي سياق إجراء هذا البحث، قام بعمل رقم لمعدلات النقابات والهجرة بمرور الوقت يظهر علاقة عكسية مذهلة، وفي الكتاب، افتراض بأن المهاجرين يقللون من النقابات، حيث كانت النقابات ولا تزال قوة مهمة للتغييرات التقدمية في السياسة في الولايات المتحدة، ويصبح العمال الذين ينضمون إلى النقابة أكثر تقدمية، وأكثر تشككا في فوائد السوق، وأكثر مناهضة للتجارة. ويمكن تفسير جزء من تأثير الانضمام إلى النقابة من خلال الاختيار الذاتي (الأشخاص الذين هم بالفعل مناهضون للسوق هم أكثر عرضة للانضمام) ولكن يمكن تفسير معظم التحول في الرأي من خلال التغييرات في الرأي بعد أن يصبحوا أعضاء، وبالتالي، فإنه يمكن القول إن المهاجرين يؤدون إلى مؤسسات اقتصادية أفضل وأكثر حرية من خلال تقويض النقابات العمالية التي تدفع عادة نحو عكس ذلك. ويقول نوراستيه: «لقد نشرنا مؤخرا ورقة عمل عن الخطوة الأولى في هذا المسعى، كانت طريقتنا هي استخدام نهج خلية المهارات الوطنية الذي استخدمه جورج بورجاس وآخرون للتحقيق في كيفية تأثير المهاجرين على الأجور». وتستخدم الطريقة الوطنية للخلايا الماهرة تحليل الانحدار لتقدير كيفية تأثير المهاجرين الذين لديهم مستوى معين من التعليم والخبرة في سوق العمل على أجور العمال الأميركيين الذين لديهم نفس المستوى من التعليم والخبرة، وهذا ما يسمى طريقة الخلية الماهرة الوطنية لأن كل مستوى من مستويات التعليم والخبرة ينتج خلية للسكان الأصليين والمهاجرين على المستوى الوطني. وتتمثل فائدة هذه الطريقة في أنها تسمح بتقدير مباشر لكيفية تنافس المهاجرين مع الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة الذين لديهم نفس المستوى من التعليم والخبرة في جميع أنحاء البلاد، وهذا مهم لأن العديد من العمال لا يتنافسون ضد العمال الآخرين، إذ لا يتنافس جامعو الطماطم على سبيل المثال مع علماء الفيزياء الفلكية، وبالتالي، قد لا تهتم طرق أخرى بكيفية تأثير المهاجرين على أسواق العمل، ويستخدم اقتصاديو العمل الذين يدرسون الهجرة هذه الطريقة لمعرفة كيف يؤثر العمال المهاجرون القابلون للاستبدال على أجور العمال الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة، وكانت الرؤية التي تم تحييدها هي تطبيق الطريقة الوطنية للخلايا الماهرة لمعرفة كيف يؤثر التغيير في عدد المهاجرين في كل خلية على معدلات النقابات للأميركيين بدلا من الأجور. ويقول نوراستيه: وجدنا أن الهجرة خفضت كثافة النقابات بنسبة 5.7 نقاط مئوية بين عامي 1980 و2020، والتي شكلت 29.7 % من الانخفاض الإجمالي في كثافة النقابات خلال تلك الفترة، وتركز هذا التأثير في القطاع الخاص وعلى العمال الذكور مع تأثير أقل على العاملات وليس له أي تأثير على التنظيم النقابي في القطاع العام، وجدنا أن هذا يحدث لأن المهاجرين لديهم تفضيل أقل للنقابات ولأن المهاجرين يزيدون من التنوع في القوى العاملة وهذا بدوره يقلل من التضامن بين العمال ويرفع تكاليف المعاملات لتشكيل النقابات». وأضاف «ورقة العمل التي نقدمها حول كيفية تأثير المهاجرين على النقابات هي الخطوة الأولى في التحقيق فيما إذا كان للمهاجرين تأثير مؤسسي إيجابي على الحرية الاقتصادية من خلال تقويض النقابات العمالية، وبالطبع، إنها مجرد ورقة عمل في هذه المرحلة، وهي في الأساس مسودة تقريبية نشرناها للحصول على تعليقات وانتقادات وتعليقات أخرى من الخبراء».
مشاركة :