نفى رئيس الهيئة الاستشارية لصياغة الدستور التونسي الصادق بلعيد علاقة الهيئة بالصيغة التي ورد عليها مشروع الدستور الصادر بالجريدة الرسمية (الرائد الرسمي)، مضيفا أن النسخة التي تم نشرها لا تشبه المسودة الأولى التي اقترحتها الهيئة. وجاءت تصريحات بلعيد التي نشرت الاحد في صحيفة محلية في اليوم الذي تنطلق فيه حملة الاستفتاء على الدستور وتتواصل لحوالي ثلاثة اسابيع قبل الاقتراع الذي سيشارك فيه 24 حزبا سياسيا و26 منظمة من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل. ونشر بلعيد في جريدة الصباح التونسية رسالة كشف فيها عن رأيه في مسودة الدستور المنشورة، معبرا عن جملة من المآخذ حول بعض الفصول ومخاوفه من أن تمهد الطريق لما سماه "نظاما دكتاتوريا". وأوضح بلعيد في رسالته ان من المخاطر التي يتضمنها مشروع الدستور، انتفاء المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية، لافتا أيضا إلى "نظام محلي وإقليمي مريب وغامض ينذر بمفاجئات غير حميدة مستقبلا". وبينت الاستشارة الوطنية التي أعدتها رئاسة الجمهورية مطلع العام الجاري أن أكثر من 86 بالمئة من التونسيين يفضلون النظام الرئاسي. وتعرّض النظام البرلماني المعدل الذي أقره دستور 2014 الذي عطل رئيس الجمهورية قيس سعيد أغلب فصوله، لانتقادات واسعة من السياسيين والمتابعين الذين اعتبروا أن ذلك النظام الهجين ساهم في خلق أزمات سياسية عديدة بالبلاد. وقال بلعيد في رسالته إنه "بعد استشارة أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ فإنّ الهيئة بريئة تماما من مشروع الدستور الذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية"، في إشارة إلى أن النص الحالي لا يشبه النص الذي تم إعداده من طرف الهيئة وتسليمه لرئيس الجمهورية. وسلّم بلعيد الرئيس التونسي نسخة من الدستور الذي أنجزته الهيئة بعد أن خاضت جولات من الحوار الوطني مع عدد من الأحزاب والمنظمات. وبخصوص المحكمة الدستورية أشار بلعيد أيضا إلى "احتواء مشروع الدستور الجديد في نسخته الحالية على تنظيم منقوص وجائر للمحكمة الدستورية وصلاحياتها، مع غياب البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي من المشروع المطروح رسميا". وأضاف بلعيد أن حصر عضوية المحكمة الدستورية في قضاة يقوض استقلاليتها. وكان من المفترض تشكيل المحكمة الدستورية بعد عام واحد من الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2019. ويقول مراقبون إن الأحزاب الفائزة بالانتخابات وعلى رأسها حركة النهضة هي من عطلت تشكيلها. وعلق بلعيد على التعديلات التي أدخلها الرئيس سعيد على مسودة الدستور المقترح من الهيئة بالقول إن "التحويرات الجزئية والطفيفة مقبولة عموما لكن الأمر يختلف كليا في صورة إدخال تحويرات جذرية في الأصل وفي روح النص الذي تم تقديمه وهو ما حصل في المشروع الصادر بالرائد الرسمي". وقال الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي السبت إن الهيئة الإدارية للاتحاد، الذي يتمتع بنفوذ سياسي قوي، فوضت المكتب التنفيذي لصياغة بيان يتضمن الرؤية النقدية للاتحاد من مشروع الدستور.
مشاركة :