الخرطوم - الوكالات: تواصلت احتجاجات السودانيين لليوم الرابع على التوالي أمس في شوارع الخرطوم وضواحيها حيث خرج مئات أمس الأحد يطالبون بحكم مدني وإنهاء إجراءات العسكر التي نفذها قائد الجيش العام الماضي. وكانت العاصمة السودانية شهدت الخميس اليوم الأكثر دموية منذ بداية العام مع مقتل تسعة متظاهرين يطالبون بعودة المدنيين إلى السلطة، وذلك بعد أكثر من ثمانية أشهر على الانقلاب العسكري الذي أدخل البلاد في دائرة من العنف وعمّق الأزمة الاقتصادية. وأنهى التحرك الذي قاده قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021 تقسيماً هشّاً للسلطة بين المدنيين والعسكريين الذين تمّ تنصيبهم بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير عام 2019 تحت ضغط ثورة شعبية. ومنذ التحرك، قُتل 114 متظاهراً أحدهم قضى يوم السبت بعدما أصيب «في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع في مواكب 16 يونيو»، كما ورد في بيان السبت للجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للعسكر. وأوضح المصدر نفسه أن مئات أيضا جرحوا على أيدي قوات الأمن. وأفاد صحفي وكالة فرانس برس بانتشار عربات ورجال الجيش وقوات الدعم السريع على جوانب الطرقات في وسط الخرطوم. وقال مؤيد محمد أحد المعتصمين في منطقة الجودة القريبة من وسط العاصمة لفرانس برس: «نواصل اعتصامنا حتى يسقط الانقلاب ونحصل على حكومة مدنية كاملة». وطوال اليومين الماضيين، حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين باستخدام مدافع المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع. وقوات الدعم السريع هي قوات شبه عسكرية نافذة بقيادة محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني والمعروف بـ«حميدتي»، وتشكل نواتها مليشيات الجنجويد المؤلفة من القبائل العربية المتّهمة بارتكاب فظائع في إقليم دارفور غرب البلاد، وكان أسسها البشير لتواجه حركات التمرد المسلحة في الإقليم عام 2003. ومؤخرا اتُّهمت قوات الدعم السريع بالتورّط في قمع الاحتجاجات المعارضة للجيش. ومن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، شهد حميدتي أمس تخريج أفراد سابقين بحركات التمرد المسلحة ودمجهم في قوة مشتركة مع الجيش والشرطة السودانية لحماية المدنيين في دارفور. وقال حميدتي في الحفل الذي بثّه تلفزيون السودان الرسمي: «بعض الأيادي المرتجفة تسعى لتسميم أجواء السلام في دارفور»، مشيرا إلى الصراعات القبلية التي تأججت مؤخرا. وأكد أن «ما يحدث في دارفور من فوضى يجب أن تتصدى له هذه القوات المتخرجة». وقال: «لو اضطررنا لخوض حرب من أجل السلام .. سنفعل». ويشهد إقليم دارفور نوعًا من الفراغ الأمني وخصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية عام 2020، الأمر الذي نشبت في ظله العديد من المواجهات القبلية على خلفية نزاعات بشأن الأراضي والمياه، خلّفت مئات القتلى. وقالت سها صديق (25 عاما) وهي واحدة من معتصمات منطقة الجودة: «لن نتراجع حتى تتحقق شعارات ثورتنا». وأضافت لفرانس برس: «موجودون في الشارع من أجل الحرية والسلام والعدالة ومدنية الدولة وعودة العسكر إلى الثكنات». وأدانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه قمع المتظاهرين الخميس، وطالبت الجمعة بـ«تحقيق مستقل».
مشاركة :