واشنطن - (د ب أ): في تحليل مفصل حول زيارة الرئيس الأمريكي جون بايدن المقبلة للشرق الأوسط، ذكر الدبلوماسي السعودي على عسيري أن التناقض بين رؤيتين متنافستين في الشرق الأوسط أمر واضح: فهناك السعودية وشركاؤها العرب، الذين يسعون جاهدين من أجل مستقبل واعد لشعوبهم. وهناك إيران والمتطرفون الذين يعملون بالوكالة لحسابها، والذين يواجهون المنطقة بالقوة العسكرية والتهديد النووي. وقال عسيري الذي عمل سفيرا للسعودية في باكستان ولبنان، في التحليل الذي نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن الرئيس الأمريكي سوف يواجه هذا الخيار بين قوى الاستقرار ومصادر المتاعب عندما يتوجه إلى المنطقة قريبا. وسيكون هناك تأثير مهم على إرثه السياسي بالنسبة إلى الجانب الذي سيختاره. وأضاف عسيري إن القضية الرئيسية المتعلقة بتأمين الشرق الأوسط في مواجهة العدوان الإيراني والعدوان الذي ترعاه إيران سيتم طرحها على المائدة في القمة التي تضم دول الخليج وثلاث دول عربية أخرى هي مصر، والأردن، والعراق في جدة في 16 يوليو الجاري. كما أن المفاوضات المتوقفة حاليا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني ستبرز في المناقشات. فمن وجهة نظر جميع الدول المشاركة في القمة، سيكون الاتفاق النووي الإيراني عديم الأهمية إذا لم يفرض قيودا ملموسة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني والحرب بالوكالة في المنطقة. وبأي حال من الأحوال، فإنه وفقا لما ذكرته وكالة الطاقة الذرية مؤخرا أصبحت إيران قريبة من تحقيق اختراق نووي، كما أنها تتحدى نظام المراقبة من جانب الوكالة؛ ومن ثم يمكن الاستغناء تماما عن مباحثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني. وأوضح عسيري أنه ربما أدرك بايدن الآن ما تتوقعه المنطقة منه في هذه اللحظة الحاسمة، وهو السبب في أنه أكد قبل الزيارة مسؤوليته الرئاسية وهي تحقيق «السلام» وليس السعي وراء الطاقة. وإذا كان هذا هو الحال، فإنه سوف يجد المناخ الناشئ في الشرق الأوسط باعث على الاطمئنان للغاية من أجل دور أمني أمريكي في المستقبل. فبادئ ذي بدء، تعد المشاعر الإقليمية مهيأة تماما حاليا لحسم الصراع وإعادة البناء، مع انحسار التصدعات السياسية التي أسفرت عنها انتفاضات 2011، وتشمل هذه الدلائل الترابط المتزايد بين قطر، والسعودية، ومصر؛ وتطبيع علاقات تركيا التي كانت متردية حتى الآن مع الإمارات، والسعودية، ومصر؛ واستئناف الحوار بين الإمارات وسوريا. وفي اليمن أدى التحول السياسي بقيادة السعودية، وتحقيق وقف إطلاق النار، وجهود الإغاثة الإنسانية إلى زيادة احتمالات إنهاء الحرب الدائرة منذ سبعة أعوام. والأمر الثاني، هو أن اتفاقات إبراهام، التي مهدت الطريق للاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل من جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والسودان، والمغرب عام 2020 ، قد وسعت من نطاق الهيكل الأمني الإقليمي، وبالتالي الحد من العبء الأمني الملقى على عاتق أمريكا. وبالنسبة إلى السعودية فإنها سوف تنتظر حتى تعيد مواءمة مصالحها الاستراتيجية وفقا لذلك، على الأقل حتى توافق إسرائيل على تسوية القضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية، التي اقترحتها السعودية عام 2002 ووافقت عليها الجامعة العربية. ومن الممكن أن تكون المبادرات التي ترعاها أمريكا مثل الإعادة المتوقعة لجزيرتين على البحر الأحمر للسعودية وإمكانية استخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية التجارية الإسرائيلية هي النقطة الأخيرة في هذا الصدد. وثالثا، فإن السعودية تغيرت جذريا منذ زيارة بايدن الأخيرة لها عام 2015، فبينما لم يكن مسموحا للمرأة بقيادة السيارات حتى منتصف عام 2018، أصبح التعليم، والعمل، والفضاءات العامة مفتوحة تماما للمرأة. وقد لحقت الإصلاحات بكل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية تقريبا، العام منها والخاص، بما في ذلك الرياضة والسياحة، والترفيه، والفنون، والثقافة وما هو أكثر من ذلك. وأوضح عسيري أن هذه الثورة هي من صنع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. إذ إن خطته الاستراتيجية رؤية 2030 تسعى أيضا إلى تنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط من خلال مشروعات تنمية جيجا مثل مدينة نيوم المستقبلية التي تبلغ كلفتها 500 مليار دولار، وهي من دون انبعاثات كربونية على الإطلاق. ومن بين ما تضمنه تحليل الدكتور على عسيري ذكره أن باقي دول الخليج، على غرار السعودية، تسعى أيضا لتحقيق رؤاها الوطنية المتعلقة بالتحرر الاجتماعي والتنوع الاقتصادي.
مشاركة :