بلاتيني يحترق بنيران فيفا وبلاتر

  • 12/22/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الفرنسي ميشال بلاتيني من أفضل الأشخاص في قراءة لعبة القدم لكنه لم يتمكن هذه المرة من توقع سقوطه في الهزيمة الأكثر مرارة في تاريخه الكروي: فهذا الشخص الذي كان أفضل لاعب في العالم ثم تحول ليصبح سيد أوروبا من بوابة رئاسة اتحاد القاري، أصبح خارج اللعبة تماما بعدما أوقف اليوم الاثنين (21 ديسمبر/ كانون الأول 2015) لمدة ثمانية أعوام. تلاشى حلم بلاتيني بالتربع على رئاسة الاتحاد الدولي "فيفا" بعدما أوقفته لجنة الأخلاقيات لمدة ثمانية أعوام بصحبة الرئيس المستقيل للسلطة الكروية العليا السويسري جوزف بلاتر في قضية الدفعة المشبوهة التي حصل عليها الفرنسي من الأخير العام 2011 عن عمل قام به لمصلحة فيفا بين 1999 و2002. "كلما اقتربت من الشمس، كل شيء يحترق، مثل ايكاروس تماما"، هذا ما قاله بلاتيني في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في مقابلة مع صحيفة "لوموند"، مستعينا بشخصية من الأساطير الإغريقية احترق جناحاه الاصطناعيان نتيجة مخالفته نصيحة والده وتحليقه قريبا من الشمس خلال هروبهما من مكان احتجازهما في جزيرة كريت. هذه "البطاقة الحمراء" التي رفعت في وجه بلاتيني ستمنعه من الولوج إلى العالم الذي أمضى فيه حياته، منذ السنوات التي قضاها في ملاعب كرة القدم والتي توجها بثلاث كرات ذهبية وكأس أوروبا العام 1984 مرورا بسنوات مجده مع يوفنتوس وصولا إلى إدارته للعبة في القارة العجوز. اعتبر بلاتيني الذي أكد دائما حسن نيته، أن "الحكم سبق وأعلن في وسائل الإعلام من قبل احد المتحدثين باسم لجنة" العدل الداخلي للفيفا التي "تجاهلت افتراض البراءة". صانع الألعاب السابق للمنتخب الفرنسي، شجب مناورة لمنعه من الترشح لرئاسة الفيفا، وقرر مقاطعة جلسة الاستماع إليه يوم الجمعة الماضي، تاركا محاميه يدافع عنه في جلسة استغرقت 9 ساعات. ثم صدر الحكم الرسمي اليوم الاثنين وسقط بلاتيني مع معلمه السابق ومنافسه الحالي بلاتر وذلك بسبب شيك مصرفي، وهو الذي جعل العامل المادي هامشيا طيلة مسيرته التي كانت بعيدة كل البعد عما يعيشه حاليا نجوم الملايين، وذلك على رغم أنه أحد أفضل اللاعبين الذين عرفتهم الملاعب. الضربة كانت قاسية على الابن الأصغر لعائلة متواضعة من المهاجرين الايطاليين الذين حلوا في فرنسا، لكن أفضل لاعب في أوروبا لأعوام 1983 و1984 و1985 لن يلقي سلاحه بهذه السهولة ولن يحترق بنيران فيفا وبلاتر دون مقاومة، إذ ندد سريعا بقرار لجنة الأخلاقيات واعتبره "مهزلة حقيقية" تهدف إلى "تلطيخ" سمعته من طرف هيئات نفى عنها "كل شرعية ومصداقية" وفقا لبيان أرسله إلى وكالة "فرانس برس". وقال بلاتيني: "موازاة مع لجوئي إلى محكمة التحكيم الرياضي، أنا عاقد العزم، على اللجوء إلى المحاكم المدنية في الوقت المناسب، للحصول على تعويضات عن جميع الأضرار التي عانيت منها لأسابيع طويلة جدا بسبب هذا الحكم. سأذهب حتى النهاية في هذه العملية". وكتب بلاتيني في مقدمة بيانه: "هذا القرار لا يفاجئني"، مضيفا "أنا مقتنع بأن مصيري كان محسوما قبل جلسة الاستماع التي عقدت في 18 ديسمبر الجاري (أمام لجنة الأخلاقيات، والتي استمرت 9 ساعات بحضور محاميه تيبو اليس بعدما قرر الفرنسي مقاطعتها)، وأن هذا الحكم هو تستر مثير للشفقة على رغبة في إقصائي من عالم كرة القدم". عصر الرومانسية الكروية إن ما وصل إليه بلاتيني بعيد كل البعد عن عصر الرومانسية الكروية الذي عاشه كلاعب ثم كمدرب حتى وان كان مساره التدريبي قصيرا (درب منتخب فرنسا بين 1988 و1992). وأولئك الذين رافقوا مشواره في الملاعب حتى أعلى الهرم الإداري في الاتحاد الأوروبي يؤكدون بان بلاتيني لم يتغير بل كل ما تغير هو مظهره الخارجي وشعره الذي أصبح ابيض وحتى أن رفاق الماضي لم يتغيروا أن كان "لولو" نيكولان، الرئيس المشاغب لمونبلييه، أو جاك فوندرو، المعلق الإذاعي الأسطوري، أو أسطورة بولندا سبيغنيو بونييك الذي كان زميل الدرب في يوفنتوس. وهناك سؤال يطرح نفسه في قضية بلاتيني الذي كان مرشحا لخلافة بلاتر في انتخابات رئاسة فيفا المقررة في فبراير/ شباط المقبل، هل دفع الفرنسي ثمن الاستخفاف بقضية الدفعة المشبوهة التي تحدث عن خفاياها في مقابلته مع "لو موند" قائلا: "سألني بلاتر: (كم تريد؟)، فأجبته: مليون. (مليون ماذا)؟ لا يهم، روبل، ليرة، دولار. في تلك الحقبة لم يكن هناك يورو. فأجابني: (حسنا، مليون فرنك سويسري سنويا)". وفي مقابلته مع "لو موند"، لم يستبعد بلاتيني أن يكون بلاتر في أساس الاكتشافات التي أطاحت برأس الفرنسي، وهو قال بهذا الصدد: "لنقل بان الشكوك تروادني"، دون أن يقصي احتمال محاولته "اغتيالي سياسيا" في سياق السباق على رئاسة فيفا. مسيرة حافلة ومأساة هايزل "أنا لا أحب الخسارة"، هذا ما قاله أيضا لصحيفة "لو موند"، لكن أسطورة الكرة الفرنسية يعيش الآن أحلك أيامه الكروية بعد أن اختبر في مشواره كل ما يحلم به اللاعب باستثناء كأس العالم إذ سقط مرتين في نصف النهائي العامي 1982 و1986. ويضم سجل بلاتيني فوزه بالكأس الفرنسية مع نانسي (1978) والدوري الفرنسي مع سانت اتيان (1981) والدوري الايطالي مع يوفنتوس (1984 و1986) الذي اختبر معه أوقاتا صعبة للغاية العام 1985 خلال نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة ضد ليفربول الانجليزي حين سقط 39 قتيلا من جمهور "السيدة العجوز" على ملعب "هايزل" في بروكسل نتيجة التدافع، لكن النجم الفرنسي حافظ على رباطة جأشه وأهدى فريقه الجريح اللقب القاري بتسجيله هدف المباراة الوحيد. "تلك المباراة النهائية لم تفارقني، كما لم تفارق جميع الذين تواجدوا هناك، أولئك الذين خسروا الأحباء، أولئك الذين تغيرت حياتهم بالكامل في غضون دقائق رهيبة"، هذا ما قاله بلاتيني في 29 مايو/ أيار الماضي في الذكرى الثلاثين لتلك المأساة. في ذلك اليوم، أي في 29 مايو، كان زلزال فيفا في بداياته بعد اعتقال سبعة مسئولين عشية انتخاب بلاتر لولاية خامسة، وكان بلاتيني في خضم حلمه بالوصول إلى رئاسة السلطة الكروية العليا لكنه يجد نفسه اليوم مهددا بان يصبح جزءا من التاريخ القديم للعبة بعد أن طاله إعصار الفساد وجعله رقما من الأرقام العديدة التي يتم تداولها حاليا في القضائين الأميركي والسويسري.

مشاركة :