الكتابة للأطفال والناشئة تتطلب معايير خاصة، نظرا إلى أهمية هذا الأدب وحساسية قرائه في مراحلهم المبكرة بما تحتمه على الكاتب من أن يضاعف جهده، ليرقى إلى مستوى خيالات الأطفال ويقدم الرسالة التربوية المنوطة به بشكل سلس وفعّال. والأطفال العرب اليوم ما عادوا يقبلون بتلك التعليمية والوعظ بل صاروا أكثر انفتاحا على العالم وبالتالي بات الرهان كبيرا أمام الأدباء. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الكاتبة الأردنية تغريد النجار حول أدب الطفل ورهاناته. الكاتبة تغريد النجار من رواد أدب الأطفال الحديث في الأردن. فهي تكتب للأطفال منذ أكثر من 40 عاما وتتوجه في كتاباتها للأعمار من سن الثلاث سنوات حتى سن الثامنة عشرة. وتؤمن الكاتبة بضرورة دعم المنهاج المدرسي بأدب الطفل إذا أردنا أن يكون لدينا طفل قارئ. وترى من الصعوبة تحديد ملامح أدب اليافعين في وطننا العربي لأنه مازال في المرحلة التجريبية. وتحصلت النجار على عدة جوائز نذكر منها: جائزة الدولة التقديرية عن أدب الأطفال 2021، وجائزة اتصالات لأفضل كتاب لليافعين عن رواية “لمن هذه الدمية؟” 2019، كما حصلت ثلاثة كتب من كتبها على شهادة “وايت ريفين” العالمية التي تحتفي بالكتب التي تحتوي على مفاهيم إنسانية عالمية. بطلات من النساء في هذا الحوار تتحدث النجار عن التكنولوجيا والقراءة، وهل نجح أدب اليافعين في ترسيخ قيم الحرية والمساواة، أما عن مواصفات كاتب أدب الطفل فهي تعتبر أنه بالإضافة إلى الموهبة لا بد أن يمتلك خيالا واسعا وقدرة على كتابة الحكايات من زوايا مختلفة ومتعددة. كاتب أدب الطفل يجب أن يحب الأطفال ويحترم قدراتهم ويفهم نفسياتهم ويعرف ما هي اهتماماتهم في كل مرحلة كاتب أدب الطفل يجب أن يحب الأطفال ويحترم قدراتهم ويفهم نفسياتهم ويعرف ما هي اهتماماتهم في كل مرحلة وترفض الكاتبة النجار أن يقتصر دور أدب الطفل على التسلية، وتلفت إلى أن التسلية هي الباب الذي تدخل المفاهيم التربوية والثقافية من خلاله، ولكن بشرط ألا نقحم المواضيع لنحقق غرضا في أنفسنا أو لنعلم الطفل درسا في الأخلاق. وتقول “علينا ككتاب أن نركز على فكرة القصة وعلى الحبكة والشخصيات أما المبادئ والأخلاق الطيبة فإنها ستنعكس تلقائيا في النص. التسلية هي أهم عنصر في الكتابة للطفل لو استمتع الطفل بالكتاب سيقرأه ويتأثر بأفكاره ولو لم يستمتع فإنه سيرميه جانبا ولا يعود إليه”. بطلات قصص النجار في الأغلب من النساء النشيطات، المتأهبات دوما لمد يد العون، مثل قصة “ما المانع”، و”جدتي نفيسة”، و”ست الكل”، و”قبعة رغدة”، وغيرها. ونسألها، لماذا هذا الاحتفاء بالمرأة؟ فتقول “موضوع المرأة موضوع قريب جدا لقلبي لذا أعكس صورا إيجابية لفتيات قويات قادرات في قصصي ورواياتي لأن هذه النماذج تساعد على تطوير احترام الذات عند الفتيات وتجعلهن يعتقدن أنهن قادرات على أن يكنّ كل ما يحلمن به”. وتستطرد “كاتب أدب الطفل يجب أن يحب الأطفال ويحترم قدراتهم ويفهم نفسياتهم ويعرف ما هي اهتماماتهم في كل مرحلة من مراحل الطفولة. ومن المهم أيضا أن يمتلك الكاتب موهبة فطرية وخيالا واسعا والقدرة على رؤية الأمور من أكثر من منظور”. وترى الكاتبة النجار أنه من الضروري جدا أن يلعب أدب الطفل الأصيل دورا داعما في المقرر المدرسي لما للأدب من أثر في تقوية لغة الطفل وتشجيعه على التعبير عن نفسه وإثارة خياله. وتقول “أسعدني أن بعض الدول بدأت الاهتمام بهذا الجانب وذلك بالاشتراك مع منصات قرائية متدرجة بالإضافة إلى تبنيها قصصا مرافقة للمنهاج لكل صف من الصفوف. أتمنى لو تأخذ كل المدارس مثل هذه الخطوة المتنورة في دعم المناهج”. وتتابع الكاتبة “لا أحد ينكر أن التكنولوجيا الحديثة مثل الهاتف المحمول والبلاستيشن والآيباد تعمل على إلهاء الأطفال واليافعين عن القراءة، ولكن التكنولوجيا موجودة في كل أنحاء العالم وليس فقط في بلادنا”. المنهج المدرسي للأدب أثر في تقوية لغة الطفل وإثارة خياله للأدب أثر في تقوية لغة الطفل وإثارة خياله تضيف “المشكلة الأكبر عندنا هي أن عادة القراءة كانت ضعيفة عند شرائح من المجتمع لذا تأثرت أكثر بهذه الأجهزة. علينا أن نشجّع الأهل على القراءة للأبناء منذ الصغر، وأن نجسَّ نبض اليافعين، ونتعرّف على ما يهمّهم وما يشبع احتياجاتهم الاجتماعية والثقافية والفكرية، فنقدّمَ لهم كتبا وأفكارا تشجعهم وتسليهم وتلهمهم”. وتتحدث النجار عن الاستمتاع الذي تشعر به وهي تكتب لليافعين. وتشير إلى أن أهم شيء بالنسبة إليها أن تجد الفكرة المناسبة ثم التماهي مع شخصيات الكتاب والانطلاق في خلق عالم مقنع للأحداث والشخصيات في القصة. وحول الصعوبات التي قد تواجهها أثناء الكتابة توضح “أحيانا أواجه صعوبات في تسلسل الحبكة، ولكن أتخطاها بأن أبتعد بعض الوقت عن النص ثم أعود إليه بمنظور جديد. أحترم اليافع وأكتب له عن مواضيع جدية. فلا أخاطبه بدونية لذا يسعدني القول إن كثيرا من الكبار أيضا يستمتعون بقراءة رواياتي”. وتعتبر الكاتبة أن الأدب الموجّه إلى اليافعين في البلاد العربية أدب حديث نسبيًّا. ففي العقود القريبة السابقة كانت معظم القصص المتوافرة لليافعين مترجمة. وتضيف “وحتى نخلق جيلا قارئا علينا أن نوفر له كتبا أصيلة مناسبة تشده للقراءة وتخاطب اهتماماته. القراءة قد تتوقف عند الوصول لعمر معين بسبب عدم توفر الكتب المناسبة والمنوعة المواضيع لهذه الفئة العمرية بما يكفي”. أدب في بداياته المشكلة الأكبر في العالم العربي أن عادة القراءة كانت ضعيفة عند كل الشرائح لذا تأثرت أكثر بالتكنولوجيا المشكلة الأكبر في العالم العربي أن عادة القراءة كانت ضعيفة عند كل الشرائح لذا تأثرت أكثر بالتكنولوجيا تبيّن أنه في المدارس الأجنبية يهجر الطلاب الكتب العربية تماما ويتوجهون إلى الكتب الأجنبية. لذا علينا أن نسترجع اهتمام هذا الجيل بالقراءة بأن نقدم له وجبة منوعة من الروايات المشوقة التي تشده وتشجعه على قراءة المزيد من الكتب. وتشير النجار إلى أن اليافع عنده الكثير من التساؤلات عما يرى ويسمع ويشعر. فمن خلال رواية مثيرة يمكن أن نناقش بعض المفاهيم أو الأحداث الاجتماعية أو حتى السياسية لما يحدث حوله في سياق قصصي دون حشو أو إطالة، فإذا نجح الكاتب في الاستحواذ على انتباه اليافع إلى موضوع معيّن من خلال الأدب فسيشجّعه ذلك على البحث والمناقشة أكثر في ذلك الموضوع. وتؤكد أن أدب اليافعين في عالمنا العربي مازال في أول الطريق وكل كاتب يحاول أن يضع بصمته الخاصة. إننا في مرحلة تجريبية نحاول أن نجد طريقنا في هذا المجال، لذا من الصعب أن نبحث في خصائص هذا الأدب في هذه المرحلة. وعن مدى اهتمام الناشر العربي بأدب اليافعين توضح النجار “أصبح الآن يتحمس بسبب وجود اهتمام وطلب على كتب اليافعين بشكل أكبر. والحق يقال إن الفضل يعود أيضا إلى الجوائز الأدبية مثل جائزة اتصالات وغيرها والتي ركزت الضوء على كتب اليافعين. كذلك مسابقة تحدي القراءة ساعدت في إثارة الحاجة للقراءة لكل المراحل العمرية. وتبني بعض المدارس القراءة المساندة للمنهاج”.
مشاركة :