غالبا تقال هذه العبارة للإشارة إلى أن وراء كل كارثة ومصيبة امرأة، لكني اليوم سأستخدمها فيما هو عكس ذلك تماما. سأستخدمها للإشارة إلى أهمية أن تؤخذ المرأة بعين الاعتبار عند تخطيط البرامج التي تهدف إلى حماية الوطن من التطرف والإرهاب. من المسلم به، أن المرأة لها دور أساسي مهم داخل الأسرة، التي تعد نواة المجتمع، ومتى تمكنت من أداء ذلك الدور بكفاءة، فإنها بلا جدال، تكون قامت بعمل جليل في نطاق حماية أمن الوطن. لكن المرأة تواجهها بعض التحديات التي تحول بينها وبين أداء هذا الدور الجليل، من هذه التحديات تبرز قضيتان مهمتان للغاية: إحداهما، انخفاض مستوى الوعي بأهمية التربية الجيدة لدى كثير من النساء، وانخفاض مستوى معرفتهن بأساليب التعامل الجيد مع الأطفال والمراهقين، وقد يتبعن أساليب سيئة تتخذ العنف والقسوة قاعدة في معالجة مشكلات الأولاد، فينتج عن ذلك نفور وتباعد بينهن وبين أولادهن. وهذا يعني أن هناك حاجة ملحة إلى نشر الثقافة التربوية بين الأمهات، ورفع الوعي التربوي لدى العامة، مع الاهتمام بمساندة الأسرة في تقديم الخدمات الإرشادية وقت الحاجة لحل مشكلات الأولاد السلوكية. والقضية الثانية، تتعلق بمكانة المرأة نفسها داخل الأسرة، فالمرأة لن تستطيع القيام بدورها السامي في التربية والتوجيه، إن لم تكن متمكنة داخل أسرتها، لها صوت مسموع ورأي يحترم، وتمكن المرأة داخل الأسرة يتطلب أن تكون مستقلة اقتصاديا، وواعية فكريا، ومطلعة معرفيا، فالمرأة الجاهلة أو التي تعاني من التهميش وتمييز الأنظمة ضدها، أو التي تتعرض للظلم وبخس الحقوق، تكون عادة عاجزة، فاقدة الثقة في قدراتها، يتلبسها الخوف، ويكتنفها التردد والخنوع، ليس هذا فحسب، وإنما أيضا تكون فاقدة الشعور بالانتماء إلى الوطن والحرص على الحفاظ على مصالحه، ومن الطبيعي، أن امرأة بهذه الصفات لا يتوقع منها أن تكون قادرة على تنشئة أبناء صالحين أو مناصحة أخ ضال أو زوج منحرف. وفي هذا الشأن، لابد لنا أن نشعر بالامتنان تجاه ما تحققه جهود المرأة هذه الأيام في جمعيات المجتمع المدني، وفي مجلس الشورى، من التقدم خطوات واسعة في مجال تمكين المرأة وحماية حقوقها والمطالبة بتعديل بعض الأنظمة المجحفة والمميزة ضدها.
مشاركة :