ومساء الاثنين، أعلن البرهان الذي نفذ الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حاليا (الحوار الوطني) لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية ... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال ... (متطلبات) الفترة الانتقالية". وصباح الثلاثاء، توجه البرهان إلى نيروبي "للمشاركة في القمة الطارئة لمنظمة إيغاد (مجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية) التي تنطلق أعمالها اليوم بمشاركة قادة الدول"، بحسب بيان مجلس السيادة الحاكم. بينما من المقرر أن تعلن قوى المعارضة الرئيسية "الحرية والتغيير"، موقفها من قرارات البرهان خلال مؤتمر صحافي بعد ظهر الثلاثاء. كما يبدأ الأطباء الثلاثاء إضرابا لثلاثة أيام، حسبما أعلنت نقابتهم في بيان الاثنين. وبالتزامن مع ذلك، دخل مئات المحتجين الثلاثاء يومهم السادس من الاعتصام في ثلاث مناطق بالعاصمة، مطالبين بحكم مدني وإنهاء الانقلاب العسكري. وبعد خطاب البرهان، أشعل محتجون الإطارات وأغلقوا الشوارع في منطقة بري شرق العاصمة الخرطوم، في تعبير واضح عن عدم اقتناعهم بوعود البرهان الذي يطالب الشارع بالإطاحة به منذ 30 حزيران/يونيو. وقال محتج يدعى مهند عثمان وهو يقف عند حاجز من الحجارة أقيم في الشارع "لا نثق في البرهان.. نريده أن يرحل فقط". وخلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطا لاجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار. وفي خطاب الاثنين قال البرهان إنه بعد تشكيل حكومة مدنية "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع". "إنها خدعة" وكتبت محللة الشأن السوداني خلود خيرعلى حسابها على تويتر تعليقا على خطاب البرهان "إنها خدعة، بهذا القرار يكون البرهان قد أكمل فعليا انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) .. حل جميع الهيئات الانتقالية وهو الآن يضغط على المدنيين الذين هم نعم منقسمون، ولكنه عمل بجد على تقسيمهم". وأضافت "إن تشكيل مجلس القوات المسلحة للأمن والدفاع بصلاحيات غير محددة هو مجرد عطية ... يبدو أنها طريقة لإعادة توطين الانقلابيين الرئيسيين في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وطريقة للاحتفاظ بالامتيازات الاقتصادية من قبل هذه المجموعات". ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريبًا ضدّ الحكم العسكري لكن منذ 30 حزيران/يونيو الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر يواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسط الخرطوم. وسقط تسعة قتلى برصاص قوات الأمن في ذلك اليوم، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب، ليكون الأكثر دموية منذ بداية العام. ويحمل تاريخ 30 حزيران/يونيو في السودان بعدًا رمزيًا لأنه يُصادف ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير على الحكومة المنتخبة ديموقراطيا بمساندة الاسلاميين عام 1989، وكذلك ذكرى التجمّعات الحاشدة عام 2019 التي دفعت الجنرالات إلى إشراك المدنيين في الحكم بعدما أطاح الجيش البشير. لكن الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، أنهى هذه الشراكة. ومنذ الانقلاب، قُتل 114 متظاهراً أحدهم قضى السبت بعدما أصيب "في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع في مواكب 16 حزيران/يونيو"، كما ورد في بيان لجنة الأطباء.
مشاركة :