أكد موقع آسيا تايمز أن حلفاء واشنطن في بحر الصين الجنوبي يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة في زخم التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، مشيرًا إلى أن أستراليا على خط المواجهة في هذه المعركة. وبحسب مقال لـ «هيو وايت»، فإن أستراليا تجد صعوبة في التحرك في البيئة الإستراتيجية الصعبة والخطيرة في آسيا اليوم في ظل تنافس أمريكا والصين في بحر الصين الجنوبي.وتابع يقول: الإجماع في كانبيرا على أنه يجب البقاء أقرب ما يمكن من أمريكا، على أمل أن تفوز في السباق.وأردف يقول: لكن الاختيار ليس بهذه البساطة، يمكننا أن نرى السبب عندما ننظر إلى حادثتين في نفس اليوم في أواخر مايو.وأضاف: في موقعين منفصلين على نطاق واسع، اعترضت المقاتلات الصينية طائرات دورية بحرية، أسترالية وكندية على التوالي، في غرب المحيط الهادئ، كلاهما كانا يقومان بعمليات مراقبة روتينية في المياه الدولية بالقرب من الأراضي التي تطالب بها الصين.ويواصل قائلا: لطالما كانت الصين حساسة بشأن عمليات المراقبة البحرية الأمريكية وحلفائها بالقرب من شواطئها، وكثيراً ما تحذرهم من ذلك.ومضى يقول: لكن هذا قد يكون أكثر من مجرد عداء صيني روتيني، قد تكون بداية حملة جديدة لزيادة الضغط العسكري على القيادة الأمريكية في آسيا من خلال تقويض مصداقية موقفها الإستراتيجي وتحالفاتها الإقليمية، بما يضع أستراليا على خط النار.رهان عادلوأشار الكاتب هيو وايت إلى أن هناك رهانا عادلا على أن الصين ستصعد في نهاية المطاف تحديها لأمريكا إلى ذروتها في مواجهة عسكرية بشأن تايوان، لكن هذا قد لا يكون هو الخطوة التالية.وأردف: سيكون من المنطقي أن تبحث الصين عن فرص أخرى لاختبار تصميم أمريكا وتقويض مصداقيتها قبل المخاطرة بهذه المواجهة النهائية.وأضاف: قد يبدو استهداف عمليات المراقبة البحرية لحلفاء الولايات المتحدة في المياه حول سواحل الصين طريقة واضحة وفعّالة للقيام بذلك.واستطرد: دعونا ننظر إلى الأمر من منظور أستراليا، يمكن للصين ببساطة أن تقوم باعتراضات متكررة وشديدة بشكل متزايد لرحلات الدوريات البحرية الأسترالية المنتظمة فوق بحر الصين الجنوبي، مما يخلق مخاوف حقيقية بشأن سلامة الطائرات والأطقم، ستبدأ كانبيرا في الخوف من أن الصينيين قد يجبرون إحدى طائراتها على الهبوط، أو أن حادثًا مؤسفًا سيؤدي إلى تحطمها.وبحسب الكاتب، فإن هذا الموقف سيضع أستراليا أمام خيار صعب للغاية، حيث سيكون عليها أن تقرر إما التخلي عن العمليات أو تعزيزها بإرسال مقاتلين لمرافقة طائرات الدوريات البحرية.وتابع: ثاني هذه الخيارات سيكون صعبًا ومكلفًا وخطيرًا. سيكون الأمر صعبًا ومكلفًا لأن استخدام مقاتلات قصيرة المدى لمرافقة طائرات الدوريات بعيدة المدى سيتطلب التزامًا هائلاً بالموارد.وأضاف: سيكون الأمر خطيرًا لأن المواجهات بين المقاتلات الأسترالية والطائرات الصينية المعترضة يمكن أن تؤدي إلى معركة جوية يمكن أن تتصاعد بسرعة إلى حرب واسعة النطاق.عواقب إستراتيجيةويضيف الكاتب: لكن البديل عن ذلك عبر التخلي عن العمليات، سيكون خطوة مهمة للغاية ذات عواقب إستراتيجية كبيرة، قد يُنظر إليه على أنه تنازل عن مبادئ مهمة من القانون الدولي من خلال السماح للصين بإجبارنا على التخلي عن حقنا الواضح في العمل في المجال الجوي الدولي، وسيضعف دفاع أستراليا عن قانون البحار ضد المطالبات الصينية بشأن بحر الصين الجنوبي الذي نراه، التي من الواضح أنها غير قانونية، هذا ليس شيئًا يجب أن تفعله بسهولة.وأكد على أن حملة اعتراض وترهيب صينية ضد عمليات الدوريات البحرية الأسترالية ستكون تحديًا مباشرًا لأمريكا أيضًا، وأضاف: من الطبيعي أن تتوقع أستراليا أن تتدخل واشنطن وتدعمها بإرسال مقاتلاتها لمرافقة طائرات الدوريات البحرية الأسترالية، وكذلك لحلفاء أمريكا وأصدقائها الآخرين في آسيا.وأشار إلى هذا لن يكون اختيارًا سهلاً لواشنطن، موضحا أن الفشل في دعم أستراليا من شأنه أن يضعف دفاعها عن القانون الدولي، ويقوض مصداقيتها كحليف، ويظهر بوضوح للعالم كله كيف نمت قوة الصين في غرب المحيط الهادئ، وأوضح أن هذا سيكون ضربة كبيرة لمطالبات أمريكا بالقوة الإستراتيجية الأساسية في المنطقة.وتابع: لكن إرسال مقاتلات أمريكية لمرافقة الطائرات الأسترالية فوق بحر الصين الجنوبي من شأنه أن يخاطر بصدام أمريكي صيني مباشر يمكن أن يتصاعد بسهولة إلى حرب شاملة.القواعد الصينيةويقول هيو وايت: إنه نفس النوع من الخيارات التي واجهتها أمريكا قبل 10 سنوات عندما بدأت بكين باحتلال وبناء قواعد على جزر ومناطق في بحر الصين الجنوبي تطالب بها الفلبين وأصدقاء وحلفاء آخرون للولايات المتحدة.ونبّه إلى أن واشنطن قررت حينذاك عدم التدخل عسكريًا خوفًا من اندلاع مواجهة قد تؤدي إلى حرب، على الرغم من الأضرار التي لحقت بمصداقية الولايات المتحدة في آسيا.وأضاف: سيتعين على الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يفكر مليًا في إدارة نفس النوع من المخاطر اليوم ضد الصين التي هي أكثر حزماً وأفضل تسليحًا.وخلص إلى أن هذه هي بالضبط نوع الخيارات التي يريد قادة الصين فرضها على أمريكا وحلفائها.وأشار إلى أنهم يأملون ويتوقعون أن تتراجع أستراليا وأمريكا، وبذلك يظهرون أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يعودوا يتخذون القرارات في شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، وبالتالي تأكيد مطالباتهم بالقيادة الإقليمية.ولفت إلى أن التراجع عن إجراء الدوريات البحرية في المياه القريبة من الصين قد يكون أحد التنازلات التي ستجد أستراليا نفسها تختار تقديمها وأن تتعلم التعايش مع حقائق قوة الصين.واختتم بقوله: هذا ليس ما تود أستراليا القيام به، لكنه قد يكون بديلا لأنه لا معنى لأن تراهن أستراليا بمستقبلها على قدرة أمريكا على كسب حرب مع الصين من أجل السيادة في شرق آسيا، بكل بساطة «إنها حرب ليس لأمريكا سوى فرصة ضئيلة للفوز بها».
مشاركة :