تبادلت واشنطن وطهران الاتهامات بشأن فشل مفاوضات الدوحة حول الاتفاق النووي، بينما بدأت إسرائيل حملة ضغوط لتحديد جدول زمني للتوصل إلى اتفاق مع طهران. قال المبعوث الأميركي لمحادثات إحياء الاتفاق النووي مع إيران، روبرت مالي، أمس، إن طهران أضافت مطالب لا تتعلق بالمناقشات حول برنامجها النووي في أحدث مفاوضات، كما أحرزت تقدّماً مقلقاً في برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وأوضح مالي أنه كان هناك اقتراح مطروح على الطاولة بشأن جدول زمني تعود على أساسه إيران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي وترفع بموجبه واشنطن العقوبات عن طهران. وانتهت المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، التي تهدف إلى كسر الجمود بشأن إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، في الدوحة من دون إحراز التقدم المنشود. وقال مالي، إن المفاوضين الإيرانيين أضافوا مطالب جديدة. وذكر في مقابلة مع الإذاعة الوطنية «أضافوا، حتى في الدوحة، مطالب أعتقد أن أي شخص ينظر إليها سيرى أنه لا علاقة لها بالاتفاق النووي، هي أمور كانوا يريدونها في الماضي». وشملت هذه المطالب ما قالت الولايات المتحدة والأوروبيون، إنها لا يمكن أن تكون ضمن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي. وقال مالي: «النقاش المطلوب حقيقة الآن ليس بيننا وبين إيران، وإن كنا مستعدين لذلك. بل بين إيران ونفسها. فهي تحتاج للتوصل إلى قرار بشأن ما إذا كانت مستعدة الآن للعودة إلى الامتثال للاتفاق». وبموجب الاتفاق النووي، حدّت طهران من برنامجها لتخصيب اليورانيوم، الذي يعد سبيلاً محتملاً لتصنيع أسلحة نووية، على الرغم من أنها تقول إنها لا تسعى لاستخدام الطاقة النووية إلا للأغراض المدنية. وانسحب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب، من الاتفاق عام 2018، ووصفه بأنه مخفف جداً على إيران، وأعاد فرض عقوبات أميركية قاسية، مما دفع طهران إلى خرق القيود النووية المفروضة عليها في الاتفاق. وقال مالي إن إيران تقترب بكثير الآن من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لتصنيع قنبلة نووية، على الرغم من أنه لا يبدو أنها استأنفت برنامجها للتسلح. وتابع: «لكننا نأخذ حذرنا بالطبع، وكذلك شركاؤنا، من التقدم الذي أحرزوه في مجال التخصيب». وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لتصنيع قنبلة نووية، وقد تفعل ذلك في غضون أسابيع. وأضاف أن الولايات المتحدة تسير في مسار متوازٍ لتأمين إطلاق سراح أميركيين معتقلين في إيران. وقال «بغضّ النظر عمّا يحدث في المحادثات النووية، نأمل أن نكون قادرين على حل هذه القضية، لأنها تأخذ من تفكيرنا الكثير كل يوم». إلى ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أمس، إن السفن الحربية الإيرانية قامت بدوريات في البحر الأحمر خلال الأشهر الأخيرة، ووصفها بأنها تهديد للاستقرار الإقليمي. وقال غانتس في اجتماع مائدة مستديرة في أثينا: «اليوم، يمكننا أن نؤكد أن إيران توطد نفسها بشكل منهجي في البحر الأحمر، مع قيام السفن الحربية بدوريات في المنطقة الجنوبية». وأضاف: «في الأشهر الماضية، حددنا أهم وجود عسكري إيراني في المنطقة، في العقد الماضي». وقال مكتب غانتس إنه قدّم صور الأقمار الاصطناعية لـ 4 سفن حربية إيرانية تقوم بدوريات في البحر الأحمر. من ناحيته، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، عن أسفه لمواصلة طهران «رفض» إبرام التفاهم المطروح لإعادة إحياء الاتفاق حول برنامجها النووي، وتعهّد بمواصلة «كل الجهود» لإقناعها بالتصرف بـ «عقلانية». وأعلن لدى استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لابيد أن «إيران ما زالت ترفض اغتنام الفرصة المتاحة لها للتوصل إلى اتفاق جيد… سنواصل التنسيق مع شركائنا لبذل كل الجهود اللازمة لإقناع إيران بالتصرف بعقلانية». وتابع: «نحن بحاجة إلى الدفاع عن اتفاق إيران النووي، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الشركاء الإقليميين مثل إسرائيل». وفي إشارة الى إطلاق حزب الله المتحالف مع إيران 3 مسيّرات باتجاه منصة للغاز في البحر قبالة إسرائيل، دعا الرئيس الفرنسي إلى «تجنّب أي عمل» من شأنه أن يهدد العملية الجارية بين لبنان والدولة العبرية بشأن قضية الغاز الشائكة، مضيفاً أن «للبلدين مصلحة في التوصل إلى اتفاق يسمح باستغلال الطاقة لمصلحة الشعبين». من ناحيته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن دعوة ماكرون عام 2018 بشأن إبرام «اتفاق نووي جديد» مع إيران لا تزال سارية حتى اليوم. وأضاف لابيد: «لقد كنت على حق في ذلك الوقت، وأنت الآن على حق أكثر». وأضاف أن المأزق النووي الإيراني الحالي سيقود إلى سباق تسلّح في الشرق الأوسط، كما أنه يهدد السلام العالمي. وكشف مسؤول إسرائيلي أن لابيد سيضغط على الرئيس الفرنسي لاتخاذ موقف أكثر صرامة ومحدد زمنياً بشأن المفاوضات النووية الإيرانية، وحذّر من أن جماعة حزب الله المدعومة من طهران «تلعب بالنار». وقال لابيد في الطائرة «لا نعارض التوصل إلى اتفاق، وإنما نسعى إلى اتفاق قوي جداً. نريد إنهاء المحادثات التي لا تنتهي»، داعياً إلى «ضغط منسّق» على إيران وعرض المساعدة في «صياغة إطار مناسب» لذلك. ورأى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بعد أن تحدّث مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إن المجال السياسي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني قد يضيق قريباً. وكتب بوريل على «تويتر»: «إذا أردنا إبرام اتفاق، فينبغي اتخاذ قرارات الآن»، مضيفاً أنه لا يزال من الممكن إحياء الاتفاق.
مشاركة :