لم تكن هناك توقعات كثيرة مني عندما كنت في المدرسة، ولم يلتحق أحد ممن كنت أعرفهم بالجامعة، لذلك لم أفكر في مواصلة تعليمي العالي يوماً ما. وفي المكان الذي نشأت فيه، كانت الخيارات تبدو كالتالي: تجارة المخدرات، أو العمل في مصنع سيارات قريب، أو اللجوء إلى الرياضة بطريقة ما كوسيلة للابتعاد عن ذلك، على الرغم من أن أحد المدرسين أخبرني أيضاً بأن احتمالات وفاتي وأنا في سن الخامسة والعشرين أكثر من احتمالات أن أكون لاعباً محترفاً لكرة القدم! عندما تكون التوقعات منخفضة إلى هذا الحد، ويقال لك لسنوات عديدة: «لا يمكنك القيام بذلك»، فإنك تبدأ في تصديق هذا الكلام السلبي. وبعد ذلك، وعندما كنت في الخامسة عشرة من عمري، تم استبعادي من المدرسة، قبل أن أحصل على شهادة الثانوية العامة، ليكون ذلك امتداداً لإبعاد الأولاد ذوي العرق المختلط والكاريبيين السود من المدرسة. لكنني أصبحت لاعب كرة قدم، وانضممت إلى أحد الأندية التي لا تلعب في دوريات المحترفين عندما كنت أعمل عاملَ بناء، قبل أن أنضم في النهاية إلى واتفورد في عام 2010، ورأيت القوة الكبيرة لاستخدام صوتي، واتخاذ موقف قوي ضد العنصرية، عندما قمت أنا وزملائي في الفريق بالانحناء قبل انطلاق المباريات، في أعقاب مقتل الأميركي جورج فلويد، لدعم حركة «حياة السود مهمة». تخيل أنك لاعب كرة قدم بارز من أصحاب البشرة السمراء. في البداية، كانت الإساءات العنصرية التي تتعرض لها تأتي من المدرجات، وبالتالي تنتهي بمجرد انتهاء المباراة. لكن الآن، فإن هذه الإساءات تصاحبك إلى منزلك، نظراً لأن التعليقات المسيئة تنهمر على حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي بعض الأحيان تفتح هاتفك المحمول بعد نهاية المباراة لتجد المئات، وربما الآلاف، من الإخطارات. وبالتالي، فإن الإساءات لا تتوقف، كما يكتب المسيؤون اسمك إلى جانب إهانات بغيضة، أو يرسلون إليك صوراً بشعة، أو ينشرون صوراً لأشكال العنف الذي يريدون أن يرتكبوه ضدك! وعندما تتلقى هذه الإساءات للمرة الأولى فإنك ستشعر بانزعاج شديد، ثم تتكيف مع الأمر بعد ذلك، وتقوم بإبلاغ شركات التواصل الاجتماعي بهذه الإساءات، على أمل الحصول على مساعدة والتوصل إلى حل لتلك المشكلة؛ لكن تعامل هذه الشركات مع شكواك سيجعلك تشعر بخيبة أمل وإحباط، وستتواصل الهجمات والإساءات ضدك. ورغم ذلك، كانت كرة القدم هي طريقي الوحيد للابتعاد عن الطرق الأخرى السيئة؛ لكنني أتساءل أيضاً عما كان بإمكاني فعله إذا تم تشجيعي على مواصلة الدراسة، وكيف يمكن أن تكون الحياة مختلفة بالنسبة لجميع الأطفال الآخرين الذين لم يتمكنوا من ممارسة كرة القدم. هذا هو السبب في أنني بدأت حملة تحث المدارس على تمثيل طلابها بشكل أفضل، من خلال مناهج متنوعة تغطي تاريخ وتجارب السود والآسيويين والأقليات العرقية المختلفة. وبدلاً من تخصيص شهر للحديث عن تاريخ السود، وهو الأمر الذي يبدو لي وكأنه لفتة رمزية، يجب اعتبار تاريخ ومساهمات الأشخاص الملونين جزءاً من التاريخ البريطاني، ويتم تضمينه في جميع المناهج الدراسية. إن التاريخ هو الذي يشكل مجتمعنا اليوم، وبالنسبة للأطفال من الأقليات العرقية المختلفة، فإنه يشكل أيضاً هويتنا. كانت ذكرياتي عن تاريخ السود في المدرسة هي التعرف على العبودية وحركة الحقوق المدنية، وهي مواضيع مهمة للغاية؛ لكن عندما يكون هذا هو كل ما تتعلمه، فإنه يعزز فكرة أن السود كانوا يعتبرون أقل مكانة من البيض. لكن ماذا عن كل الطرق الإيجابية التي ساهم بها السود في المجتمع؟ وأين المخترعون والكتاب والفنانون والقادة؟ لقد كنت أستمتع بمادة الرياضيات، وكنت جيداً فيها؛ لكن لم يخطر ببالي مطلقاً أنني أستطيع فعل شيء بها؛ لأنني لم أتعلم شيئاً عن العلماء أو علماء الرياضيات الذين يشبهونني. كم من الناس يعرفون أن إشارة المرور كانت من اختراع المخترع الأسود غزير الإنتاج، غاريت إيه مورغان؟ إن شيئاً بهذه البساطة يمكن أن يرفع من مستوى جيل الأطفال الذين قد يقولون لأنفسهم: يمكننا أيضاً أن نكون مخترعين. وفي سبتمبر (أيلول) القادم، ستجعل ويلز تدريس منهج متنوع إلزامياً، لذلك فهناك نموذج لكيفية القيام بذلك دون إزالة أي شيء ومن دون تكلفة باهظة إضافية. إنني أود أن أرى بقية المملكة المتحدة تسير على الدرب نفسه. لقد بدأت في تقديم عريضة، وقد أجريت محادثات مع وزير التعليم ناظم الزهاوي في هذا الصدد؛ لكن التقدم بطيء. وعلى الرغم من الدعم الهائل لحركة «حياة السود مهمة» لفرض منهج أكثر شمولاً، لم يتم اتخاذ سوى قليل من الإجراءات حتى الآن. يبدو أن هذه الفكرة تجعل بعض الناس يشعرون بعدم الراحة -بدءاً من السياسيين الذين يرفضون تبنيها، وصولاً إلى الإساءة العنصرية التي أتعرض لها يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي- ربما لأن استكشاف تاريخ وتجارب الأشخاص الملونين، وخصوصاً تاريخ البريطانيين السود، سوف يسلط الضوء على أن بريطانيا العظمى ليست عظيمة في جميع الجوانب كما نعتقد! ومع ذلك، فإن المعارضة لا تأتي من المعلمين أنفسهم. فوفقاً لبحث أجرته شركة «يوغوف»، يعتقد 80 في المائة من معلمي المدارس الابتدائية والثانوية الذين شملهم الاستطلاع، أن الموضوعات المتنوعة حيوية ومثيرة لجميع الطلاب. لكن 12 في المائة فقط قالوا إنهم شعروا «بالتمكين» لتدريس موضوعات «اختيارية» مثل الاستعمار والهجرة، وهو ما يقوض حجة الحكومة بأن تاريخ السود متاح للتدريس ضمن المناهج الوطنية الحالية. إننا نعيش في ثقافة الإلغاء والإقصاء، وأعتقد أن هذا يقلق المعلمين، ومعظمهم من البيض، والذين يخشون قول الشيء الخطأ (وبالطبع أود أن أرى العديد من المعلمين السود). لهذا السبب أحب عمل منظمات مثل «مناهج السود» التي تديرها لافينيا ستينيت التي تذهب إلى المدارس وتساعد المعلمين في التدريبات. ولو تلقيت مزيداً من المعرفة حول تراثي وتاريخي في المدرسة؛ لكنت قد فهمت الكثير عن نفسي وعن عائلتي، وكان بإمكاني أن أفهم جدي أكثر، وهو جزء من الجيل الذي وصل إلى المملكة المتحدة وعمل بجد من أجل البريد الملكي لمدة 30 عاماً. لكنني من جيل -تماماً كما كان جدي– لم يتحدث الناس عنه. لو كان لدي مزيد من التعاطف مع تجربته؛ لكنت عرفت لماذا كان يبدو بائساً في كثير من الأحيان. ما رأيته هو أن تدريس التاريخ المتنوع يثير المحادثات. وفي الفيلم الوثائقي الذي أنتجته على القناة الرابعة، أخبرني طلاب من «أكاديمية هاريس سيتي» في جنوب لندن (أول مدرسة ثانوية تعتمد على أساليب تدريس منظمة «مناهج السود») بأن هذه المناهج الجديدة قد فتحت لهم مساحة لإجراء محادثات صعبة. يمكن أن يكون «العرق» موضوعاً مزعجاً لبعض الأشخاص؛ لكننا لن نشعر بالراحة أبداً تجاه هذا الموقف، ما لم نتمكَّن من إجراء مزيد من المحادثات غير المريحة. لقد رأيت الطلاب الذين شاركوا في تلك المناقشات، وكان لديهم فهم واسع للعالم، وكانوا يشعرون بالفخر بتراثهم الخاص، وشعروا بأنه مصدر إلهام لمستقبلهم، وهذا هو ما أريده لجميع الأطفال. * لاعب كرة محترف
مشاركة :