على شاطئ مدينة غزة تحمل الفلسطينية صباح أبوغانم لوح ركوب الأمواج، لتمارس رياضتها المفضلة بعد إعلان السلطات المحلية عن الانتهاء من تنظيف معظم الشواطئ التي يقول مسؤولون ومؤسسات دولية إن نسبة تلوثها بلغت 75% بسبب ضخ المياه العادمة نحوها. فقد أدى ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة نحو الشاطئ إلى حرمان سكان القطاع وعلى مدار سنوات من الاستجمام على شاطئ البحر المتوسط بشكل طبيعي، لكن اليوم صار ثلثا تلك الشواطئ آمناً للسباحة. وتسبب تفاقم أزمة الكهرباء بزيادة نسبة تلوث مياه البحر مع توقف محطات المعالجة عن العمل بعد تدمير إسرائيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة عام 2006. تنظر صباح (22 سنة) إلى البحر، وهي تروي كيف علمها والدها الذي كان يعمل منقذاً على أحد شواطئ مدينة غزة، السباحة في سن الخامسة. وتقول «لم أسبح في البحر أبداً منذ عام بسبب التلوث، ولم أركب الأمواج منذ سنوات عدة». وتتابع «بمجرد دخولي البحر، أو ركوب الأمواج، أشعر بالحرية والسعادة.. أستبدل كل الطاقة السلبية بتلك الإيجابية». صباح التي ارتدت بدلة سباحة استعارتها من صديقتها لضيق أحوالها المادية، طلبت من شقيقها وضع مادة الشمع على لوح التزلج لتجنب الانزلاق وتحسين التحكم. وتشكو صباح وهي أم لثلاثة أطفال، كيف «يمنع الحصار المفروض على غزة استيراد كل المعدات اللازمة لركوب البحر، سواء الألواح، أو الشمع، أو بدل السباحة». وتضيف «قررت أنا وأخوتي استئناف السباحة وركوب الأمواج، لكن لن أسمح لأولادي بالسباحة لحساسية بشرتهم، وحتى لا يصابوا بالتهابات». يعيش في القطاع 2.3 مليون نسمة وسط حصار جوي، وبري، وبحري، تفرضه إسرائيل منذ عام 2007 وسيطرة حركة «حماس» على القطاع، ويعاني أكثر من ثلثي سكان القطاع من الفقر بينما تبلغ نسبة البطالة فيه 43%. وخاضت الفصائل المسلحة في القطاع مع إسرائيل أربع حروب منذ العام 2008. نقطة تحول في ما يعد نقطة تحول في مستوى نظافة مياه البحر والمساعدة على الحد من تلوثه، يشير نائب مدير وحدة المشروعات في مصلحة بلديات الساحل في غزة، ماهر النجار، إلى «رفع 60 طناً من النفايات الصلبة يومياً كانت تضخ نحو البحر». ويوضح النجار أن كلفة مشروعات الصرف الصحي في القطاع، وصلت خلال السنوات الـ10 الأخيرة إلى 300 مليون دولار أميركي. من جانبه، يقول مدير دائرة المصادر البيئية في سلطة المياه وجودة البيئة في غزة، محمد مصلح، إن نسبة الشواطئ الآمنة اليوم تمثل نحو 65% من مجمل شواطئ القطاع. ويعود ذلك بحسب مصلح إلى معالجة مياه الصرف الصحي جزئياً، وتحويلها وإعادة ترشيحها للخزان الجوفي، وربط مضخات الصرف الصحي في المناطق المحاذية للساحل بشبكة كهرباء على مدار الساعة. ويضيف أن سلطة المياه وبالتنسيق مع وزارة الصحة عملتا على جمع 40 عينة من مياه بحر قطاع غزة وتحليلها. وأظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في مستوى جودة المياه. الأطفال والسباحة مع بدء عطلة المدارس وارتفاع درجات الحرارة، تدفق سكان قطاع غزة إلى الشواطئ فهي تشكل بالنسبة لهم المتنفس الوحيد في ظل الحصار الإسرائيلي. ورغم تعكير الطحالب صفاء المياه إلا أن ما يهم آلاف المصطافين، هو استعادة رمال الشاطئ لونها الذهبي بعد أن صبغتها المياه العادمة باللون الأسود. تجلس أم إبراهيم سدر (64 عاماً) على الشاطئ مع بناتها، وزوجات أبنائها وأحفادها للاستجمام. وتقول «هذه أول مرة نأتي إلى البحر منذ عام، لأننا نعرف أنه ملوث ونخاف على الأطفال من الأمراض.. قبل أن نأتي اشترطت عليهم أن لا يسبحوا لكننا لم نسيطر على الأطفال، فما أن رأوا الكثيرين يسبحون حتى نزلوا للسباحة». وقال خالد البالغ من العمر تسعة أعوام «شعرت بألم وحكة في ذقني، لن أنزل مرة أخرى اليوم ربما المرة المقبلة». أما ابن عمه إبراهيم (13 عاماً) الذي واصل السباحة رغم احمرار عينيه فقال «اشتقت للسباحة في البحر، لم أسبح منذ عام». ويقول المنقذ البحري محمد زيدان (32 عاماً) إن نسبة الازدحام على الشاطئ تضاعفت الموسم الجاري لتصل إلى 80%. في ديسمبر الماضي، بدأت محطة معالجة الصرف الصحي في مخيم البريج وسط القطاع بمعالجة 60 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي في مدينة غزة. أدى ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة نحو الشاطئ إلى حرمان سكان القطاع وعلى مدار سنوات من الاستجمام على شاطئ البحر المتوسط بشكل طبيعي، لكن اليوم صار ثلثا تلك الشواطئ آمناً للسباحة. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :