طقوس تراثية تجذب الزوار لحديقة «كينروكون» غرب اليابان

  • 12/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ينبعث من تحت الأقدام صوت قرقشة، ويحفل الهواء برائحة منبعثة من الطحالب ولحاء الأشجار المشبع بالندى، وهذا الإحساس ينتاب الزائر في كانازاوا وهي بلدة وميناء تقع في غرب اليابان، حيث يسير المرء على طول طرق مفروشة بالحصى وسط غابات من أشجار الصنوبر، أما المكان المحدد بدقة لهذه التجربة الرائعة فهو حديقة «كينروكون»، وهي إحدى الحدائق الثلاث في اليابان التي يمكن تصنيفها بأنها «مثالية وكاملة الإبداع». وتصف المرشدة السياحية توموكو كاواباتا هذه الحديقة بأنها «واحدة من أكثر الحدائق في اليابان جمالا وسحرا». وتتبع المرشدة السياحية مجموعة من السياح وهي تلهث، محاولة اللحاق بها على الطريق المؤدي إلى أحد بيوت الشاي الكائنة بالحديقة، حيث يمر السياح عبر الأشجار المنتشرة على طول الجداول المائية والبحيرات، وتبدو الحديقة نظيفة ورائعة، بينما تسبح أسماك الشبوط بتكاسل في مياه البحيرة. ويصل الزوار إلى الحديقة للاستمتاع بطقوس تناول الشاي التقليدية التي يمكن حجز موعد لها بشكل مسبق، ويخلع الضيوف أحذيتهم ويمشون ببطء وبخطوات قصيرة مرتدين جواربهم على أرضية تقليدية مصنوعة في الغالب من قش الأرز المضغوط، وتنحني أمام الزوار نساء يابانيات يرتدين زي «الكيمونو» الحافل بألوان متعددة، وتستخدم امرأة فرشة من القش لخلط مسحوق شاي ماتشا الأخضر، المسحوق الذي يعد الأفضل في اليابان، وتقول المرشدة توموكو إن طقوس تناول الشاي باتت نادرة للغاية في الحياة اليومية العادية. وتوضح قائلة: «إذا شعر المرء بالعطش، فإنه يتناول كوب الشاي المقدم له بسرعة، غير منتظر أن يتم ذلك من خلال الطقوس التقليدية»، ويشعر الشخص الذي يتناول الشاي الأخضر بمرارة عند تذوقه، وبعد مرور نصف الساعة تفتح امرأة أبواب جناح بحيث يبدو من داخله منظر حديقة صغيرة أخرى. ويبدو من بعد بستان حافل بأشجار البرقوق، بينما يؤدي جسر خشبي بسيط إلى جدول مائي، ووسط الهدوء يستطيع المرء أن يسمع صوت حفيف وهو يسير فوق الطرق المغطاة بالحصى، وتقوم مجموعة من النساء اللاتي يرتدين زيا أزرق اللون وقبعات كبيرة من القش بتمشيط أوراق الشجر، ويسير الزوار مارين بأشجار الصنوبر الضخمة التي تم تهذيب أغصانها، ويتم في الشتاء استخدام الحبال للاحتفاظ بوضع الأغصان منتصبة حتى لا تتكسر تحت ثقل الثلوج. ويعرب خبير الثقافة اليابانية كريستيان تاجسولد عن اعتقاده بأن مثل هذه الحدائق التي تقع في منطقة الشرق الأقصى تلبي حاجة في عالمنا الحالي، وهي الحاجة إلى النظام وإلى البساطة. ويقول تاجسولد، وهو باحث بجامعة ديسلدورف الألمانية إن الحدائق اليابانية تبدو وكأنها من تصميم المعماري السويسري الفرنسي لو كوربوزييه أحد رواد عمارة الحداثة في القرن العشرين، وبعد دراسة مطولة للحدائق اليابانية وصل تاجسولد إلى نتيجة مفادها أن ما نشعر به كزوار بأنه ينتمي إلى التراث الياباني ليس له في الواقع صلة بالتراث الياباني القديم. وتوجد بالطبع حدائق في مختلف أنحاء اليابان منذ فترة طويلة من الزمن، غير أنه تم البدء في تسوقيها في المعارض الدولية في السبعينات من القرن التاسع عشر، وفي الثلاثينات من القرن الماضي فقط استخدمت بعض الأميركيات مصطلح «حدائق الزن»، التي يمارس فيها التأمل، ومنذ ذلك الحين تم بذل جهود لكي تحقق الحدائق تطلعات الزوار لهذا الهدف. ويوضح تاجسولد أن المعنى الحقيقي «للحديقة المثالية» كان يعني قديما الجمال الخاص في فترة زمنية معينة، أما الآن فيتم استغلال هذا الوصف أساسا لأغراض السياحة، ويمكن القول حقا بأن حديقة «كينروكن» جميلة وجذابة.

مشاركة :