أصدرت روسيا عدة تهديدات للغرب وسط تصاعد التوترات بشأن دخول فلاديمير بوتين لأوكرانيا، وفي الشهر الماضي فقط، حذر الكرملين من أن أوروبا ستختفي في كارثة نووية، وبغض النظر عن كون ذلك تهديدًا شفويًا فقط أم يحمل أكثر من ذلك، فإن الكثيرين تساءلوا عن ماذا سيحدث لو تم تنفيذ ذلك، وقد أجابت دراسة حديثة عن هذا التساؤل؟ تشير الأبحاث الجديدة إلى أنه إذا كانت هناك حرب نووية بين روسيا والولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تؤدي إلى ما يُسمى بالعصر الجليدي الصغير الذي يستمر لآلاف السنين. ستطلق العواصف النارية السخام والدخان في الغلاف الجوي العلوي الذي يحجب الشمس ويؤدي إلى فشل زراعة المحاصيل في جميع أنحاء العالم. وفي الشهر الأول بعد التفجير، سينخفض متوسط درجات الحرارة العالمية بنحو 13 درجة فهرنهايت، وهذا أكثر مما حدث خلال العصر الجليدي الأخير، الذي استمر أكثر من 100 ألف عام، وكانت درجات الحرارة العالمية انخفضت بنحو 10 درجات فهرنهايت، وعلى إثر ذلك انقرض الماموث قبل أن ينتهي العصر الجليدي قبل 11700 عام. تداعيات إطلاق النووي على العالم واعتمدت دراسة حديثة على عمليات محاكاة حاسوبية متعددة، وقالت المؤلفة الرئيسية، الدكتورة شيريل هاريسون، من جامعة ولاية لويزيانا: لا يهم من يقصف من، يمكن أن تكون الهند وباكستان أو الناتو وروسيا، فبمجرد إطلاق الدخان في الغلاف الجوي العلوي، فإنه ينتشر على مستوى العالم ويؤثر على الجميع. ومع ذلك، فقد أدى دخول روسيا لأوكرانيا إلى تسليط الضوء على خطر نشوب حرب نووية، وهذه الدراسة هي الأولى التي تقدم صورة صارخة للتأثير البيئي إذا تم الضغط على الزر النووي، علمًا بأن هناك تسع دول، تسيطر حاليًا على أكثر من 13000 سلاح نووي، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. ويُظهر التحليل أن درجات حرارة المحيط ستنخفض بسرعة ولن تعود إلى حالتها التي كانت عليها قبل الحرب، حتى بعد زوال الدخان. وعندما يصبح الكوكب أكثر برودة، سوف يتوسع الجليد البحري بأكثر من ستة ملايين ميل مربع ويصل إلى ستة أقدام، مما سيؤدي بدوره إلى إغلاق الموانئ الرئيسية في العالم. ثم ينتشر بعد ذلك إلى المناطق الساحلية المعتدلة ويمنع الشحن عبر نصف الكرة الشمالي، بينما يصبح الحصول على الطعام والإمدادات إلى بعض المدن مثل شنغهاي، حيث السفن غير مستعدة لمواجهة الجليد البحري، أمرًا صعبًا. وسيؤدي الانخفاض المفاجئ في درجات حرارة والضوء والبحر، خاصة من القطب الشمالي إلى شمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادئ، إلى قتل الطحالب، وهي حجر الأساس لشبكة الغذاء البحري. قال الباحثون إن الصيد وتربية الأحياء المائية سيتوقفان، لوجود ما يشبه المجاعة في المحيط. وحاكى نموذج واحد الولايات المتحدة وروسيا باستخدام 4400 100 كيلوطن من الأسلحة النووية لقصف المدن والمناطق الصناعية، في هذه الحالة، ستطلق الحرائق 150 تيراغرام، أي أكثر من 330 مليار رطل، من الدخان والكربون الأسود الممتص لأشعة الشمس، في الغلاف الجوي العلوي. أظهر نموذج آخر الهند وباكستان يفجران 500 سلاح نووي سعة 100 كيلو طن، مما أدى إلى إطلاق 5 إلى 47 تيراغرام، 11 مليار إلى 103 مليار رطل، من الدخان والسخام. عواقب وخيمة على الجميع وقال البروفيسور آلان روبوك، المؤلف المشارك في الدراسة، من جامعة روتجرز: الحرب النووية تؤدي إلى عواقب وخيمة على الجميع. لقد استخدم قادة العالم دراساتنا سابقًا كقوة دافعة لإنهاء سباق التسلح النووي في الثمانينيات، وذلك قبل خمس سنوات لتمرير معاهدة في الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية. وأضاف: نأمل أن تشجع هذه الدراسة الجديدة المزيد من الدول على التصديق على معاهدة الحظر. توضح الحسابات أيضًا الترابط بين أنظمة الأرض، خاصة في مواجهة الاضطرابات الناجمة عن الانفجارات البركانية أو حرائق الغابات الهائلة أو الحروب. قال الدكتور هاريسون: الحرب الحالية في أوكرانيا مع روسيا والتي أثرت على أسعار الغاز، تُظهر لنا حقًا مدى هشاشة اقتصادنا العالمي وسلاسل التوريد الخاصة بنا. وتابع: ليس خطر الحرب النووية فقط هو الذي يمكن أن يكون له مثل هذه الآثار على الأرض، لكن تنتج الثورات البركانية أيضًا سحبًا من الجزيئات في الغلاف الجوي العلوي، وقد كان لها عبر التاريخ تأثيرات سلبية مماثلة على الكوكب والحضارة. قال الدكتور هاريسون: يمكننا تجنب الحرب النووية، لكن الانفجارات البركانية بالتأكيد ستحدث مرة أخرى، وفي حين أنه لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك، إلا أنه يمكننا ويجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب الحرب النووية، فالآثار ستكون كارثية على مستوى العالم. وتستغرق المحيطات وقتًا أطول للتعافي من اليابسة، في أسوأ سيناريو بين الولايات المتحدة وروسيا، من المرجح أن يستغرق الأمر عقودًا على السطح ومئات السنين في العمق. وقال الدكتور هاريسون إن التغييرات في الجليد البحري في القطب الشمالي ستستمر على الأرجح لآلاف السنين وستكون فعليًا بمثابة عصر جليدي صغير نووي. وأضافت أن النظم الإيكولوجية البحرية ستتعرض للدمار في البداية وفي حالة المحيط الجديدة، مما يؤدي إلى آثار عالمية طويلة الأجل على مصايد الأسماك والخدمات الأخرى، بحسب دراسة نُشرت في مجلة AGU Advances.
مشاركة :