للعيد طقوس تمارسها الشعوب على اختلاف ثقافاتها، طقوس مارسها الأجداد والآباء، وعاشها الأبناء، فاستقرت في الأذهان وصارت عادات، هذه العادات منها ما طوته الذاكرة، ومنها ما بقى ما بقي من يمارسها، أسهم الشعر من خلال تناوله للعيد ومظاهره في رسم صور وملامح العيد، فتتجلى في أذهان المتلقي أبرز طقوسه وملامحه واضحة من خلال أبيات قصيدته التي رسمته كلوحة فنية دون أن تغفل التفاصيل. حول العيد وتجلياته في القصيدة يقول الخبير الثقافي خالد الظنحاني رئيس مؤسسة الرّخ الإماراتية: «من عبق الطقوس الدينية والاجتماعية للعيد في دبا الفجيرة، مسقط رأسي، نحت الذكريات العذبة لطفولتي ومراهقتي ملمحاً مميزاً للعيد بالنسبة لي، فللعيد رائحة ولون وطعم ووقع وملمس خاص احتفظ به بين ثنايا كلماتي الشعرية، ليبقى غضاً يافعاً خصباً، كما عهدته في الماضي، ولا ينال منه النسيان وتغير الأزمان واختلاف الطقوس، فصوت قرعنا بلطف أبواب الجيران لأخذ العدية، وخاصة من العجوز «السيدة شيخان»، التي انطبعت في مخيّلتي، والتي كانت تكرّم الأطفال فتعطيهم ثلاثة دراهم، تذكرني بشدة بالعيد كما عهدناه في الماضي، ورنّة الدراهم بين أكف الأطفال المتباهين بجمعها ما زالت تقرع بشدة حنين الذكريات الحلوة لتوقظه بداخلي كلما هلّ علينا عيد. وتابع: إن طعم العسل الطبيعي سمة أساسية من مفردات العيد في أيامنا الخوالي، حيث كنا ننطلق إلى الكهوف ونضرب قفائر النحل لنبعدها عنه، ونلتهم العسل، وملمس لسعات النحل أيضاً يذكرنا بالعيد حيث كنا نعود متورمين من لدغات النحل الذي كان يكافح ليبعدنا عن مملكته الحصينة. وأجواء التخييم الشيقة أيضاً بعد الاستمتاع بمذاقات الطعام مع العائلة في الطبيعة، وشرب الشاي وأكل الأطايب، سمة رافقتنا في الأعياد وعششت في وجدان كلماتنا الشعرية، لذلك كان للعيد في أيامنا الماضية دفء التقارب ولون البهجة وطعم العذوبة وملمس الصفاء والعفوية. وقد كتبت في العيد أبيات شعرية لتخليد هذه المعاني التي سكنت في قلبي وأبياتي على حد السواء: أحب العيد لأن العيد.. إنتي سعادة وحب وإحساس وتهاني لأني كلما شفتك.. جعلتي: حياتي كلها شعر وأغاني أحبك يا حياتي حيث كنتي واهنْدسْ لك من أنفاسي معاني رسمتك مثلما إنتي حلمتي أميرة قلبي وروحي وكياني عيوني.. والكلام اللي نثرتي يعصفرني على أغصانك أماني وماْدام الحب أجمل ما ملكتي فاْنا أكبر محبٍّ في زماني أما الشاعرة عبير البريكي، فقالت: «الشاعر مرآة الشعور ووصفة الإحساس وترجمة الأحداث وانعكاس المجتمع، من خلال كلماته ينقل انطباعات الناس ويتحدث عن أحوالهم ويفسر تفاعلهم وانفعالهم، في كلماته مفاتيح الأسرار وفي قصائده معادلات الأفكار، لذا تعتبر دواوين الشعراء ألبومات صور فوتوغرافية ولقطات سينمائية تحاكي الناس وتتحدث عنهم، والعيد أحد أهم تلك الأحداث الاجتماعية السنوية التي يتفاعل معها الشعراء، فتصهر من خلاله أفكارهم ومشاعرهم ملونة بقصائد البهجة، يبتسم معها الناس لأنها تعبر عنهم. وأضافت: «بلا شك أن العيد اختزال جميل للمشاعر الإنسانية التي تستجلب ذكريات الطفولة بكل ما فيها من ضحكات ولقاءات اجتماعية وهدايا مادية تمثلها (العيدية)، التي هي جزء مهم من عادات العيد، خاصة في دول الخليج، وهي عرف أصيل توارثته الأجيال، كما أن العيد مناسبة لاقتراب البعيد وعودة المسافر واجتماع أفراد المجتمع ومناسبة لفض الخلافات. يأتي العيد في قصائد الشعراء يؤجج كل هذا وغيره في صورة أنيقة على هيئة قصيدة، أبياتها تختزل الخير والقيم الجميلة التي يصنعها العيد ويوظفها الجميع لتكون كما أريد لها أن تكون فرحاً عظيماً يتشاركه الجميع». مصطلحات مشتركة وقالت الشاعرة هنادي المنصوري: «إن العيد من أجمل المناسبات التي تمر على شعرائنا، ومن المناسبات التي تصطبغ مفردات قصائد الشعراء بطقوسها وكيفية الاحتفال بها، فتجد مصطلحات مشتركة عديدة في قصائدهم مثل: (عيديتي شوفكم)، وفيها تشبيه بليغ لوصف الفرحة العارمة للقاء الأحباب في العيد، فيشبّه الشاعر لقاءه بأحبابه بعيدية العيد، كما يشبه شعراء آخرون بهجة اللقاء بالعيد لكل من يفارقهم، فقد يقول شاعر ما: (شوفكم عيد)، أي أنه يشبّه إحساسه بلقاء أحبابه كشعور الذي يعيش فرحة العيد. وتابعت: تجد الكثير من المفردات المتصلة بالعيد في قصائد الشعراء، كما أن عادات العيد تتجلى في القصائد، فيذكر الشاعر كيف كان استقبال العيد ويثني على الشخصيات المهمة وكبار الأسرة وغيرهم من ذوي الشأن، فتصطبغ فرحة العيد بالمديح. قصائد العيد لدينا جميلة، وتكاد ترى الجمع الجميل بكل صوره وألوانه في أبيات الشعراء. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :