منذ 5 آلاف عام، تدفق ماء بئر زمزم بين قدمي نبي الله إسماعيل، عليه السلام، وإلى الآن لم تجف المياه، ولا تزال تروي ظمأ الحجاج والمعتمرين وزوار البيت الحرام. أقدم بئر في العالم زمزم تُعد أقدم بئر على وجه الأرض، وتفصلها 20 متراً فقط عن الكعبة المشرفة، وتعود قصة تدفق ماء بئر زمزم إلى أكثر من 5000 عام، وبالتحديد في زمن نبي الله إبراهيم، عليه السلام، عندما أمره الله تعالى بأن يترك زوجته هاجر وابنه إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع الذي عُرف فيما بعد بـ«مكة»، وبعد أن نفد طعام وشراب هاجر وطفلها أخذت تركض بين جبال مكة بحثاً عن المياه، وفجأة تفجر نبع الماء من تحت قدمي الطفل الصغير، فغرفت منه وسقت طفلها وشربت. وتعددت الروايات حول سبب تسمية البئر بـ «زمزم»، رواية تقول: لكثرة مائها، وأخرى تقول: لما فاض الماء من البئر على وجه الأرض، قالت هاجر للماء: زم زم، أي: اجتمع يا مبارك، فاجتمع فسميت البئر زمزم. عمارة وتجديدات قديماً كانت بئر زمزم عبارة عن حوضين فقط، الأول للشرب، والثاني للوضوء، وكانت محاطة بسور من الحجارة، وفي عهد الخليفة العباسي، أبو جعفر المنصور، شُيدت أول قبة فوق البئر، وفي عهد الخليفة المهدي جُددت عمارة زمزم، وأُقيمت فوق حجرة الشراب قبة كبيرة من الساج، وجُددت مرة أخرى وكسيت بالرخام في عهد الخليفة المعتصم سنة 220 هجرية. وتوالت عمارة بئر زمزم على مدار التاريخ، وأصبح للبئر مبنى خاص يقع في وسط المطاف، يتألف من طوابق عدة، وفي داخله رقبة البئر بالطوق النحاسي، وغطاء، وبكرة رفع، إضافة إلى دلو من النحاس. وفي عام 1377 هجري تمت إزالة المبنى عند توسعة المطاف، وجعل مدخل البئر تحت صحن المطاف، وفي التوسعة الأخيرة للمسجد الحرام تمت إزالة المدخل بشكل كامل من المطاف. 18 لتراً في الثانية تضخ بئر زمزم معدلات كبيرة من المياه تتراوح ما بين 11 إلى 18.5 لتر في الثانية، وبمعدل نصف مليون متر مكعب من المياه سنوياً، ويبلغ عمق البئر 30 متراً فقط، وهناك 3 عيون تغذيها، الأولى من جهة الحجر الأسود، والثانية من جهة جبل أبي قيس، والثالثة من جهة المكبرية. 200 ألف عبوة يومياً في عام 2010، أطلقت المملكة مشروعاً لتعبئة وتنقية مياه زمزم آلياً، حتى يغذي الحرم المكي والمسجد النبوي، ويلبي احتياجات راغبي الحصول على مياه زمزم من سكان وزوار البيت الحرام. ويضم المشروع مصنعاً للتعبئة على مسافة 4.5 كيلومتر من المسجد الحرام، ويشتمل على خزانات بسعة 10 آلاف متر مكعب، حيث يضخ الماء من محطة التنقية والتعقيم إلى مصنع الإنتاج لتتم تعبئة عبوات ماء زمزم. ويتألف مصنع التعبئة من مبانٍ عدة، تشمل مبنى ضواغط الهواء، ومستودع عبوات المياه الخام، ومبنى خطوط الإنتاج، ومبنى مستودع العبوات المنتجة بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة، بمساحة كلية للمصنع تبلغ 13405 أمتار مربعة، ويحتوي على 4 خطوط إنتاج، ويستخدم في المشروع مضختان عملاقتان لضخ الماء من بئر زمزم. 250 طناً للمسجد النبوي تُنقل مياه زمزم إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي في المدينة المنورة عن طريق صهاريج مجهزة بمواصفات خاصة لحماية المياه من أي مؤثرات، بمعدل 120 طناً يومياً، ويرتفع في المواسم إلى 250 طناً، ويقدم ماء زمزم في حافظات معقمة ومبردة تصل إلى 7000 حافظة مياه توزع داخل المسجد النبوي وسطحه وساحاته، إضافة إلى نوافير الشرب الموزعة في المسجد النبوي والمرافق المحيطة به. فضل وبركة وفوائد تحدثت بعض أحاديث النبي، صلى الله عليه وسلم، عن فضل ماء زمزم العظيم، فقال عنها: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم»، أي يشبع الإنسان إذا شربه كما يشبع من الطعام، وشفاء السقم أي يزيل المرض ويبرئ العلة. أما فوائده الصحية، فقد أثبتت بعض الدراسات والأبحاث أن ماء زمزم قلوي، وغني بالمعادن المفيدة للجسم، ومضاد قوي للأكسدة، ومزيل قوي للسموم، ويساعد على امتصاص العناصر الغذائية بكفاءة أفضل إلى داخل الجسم، بالإضافة إلى أنه يساعد على تنظيم الهضم وتحسينه بصفة عامة بإعادة التوازن للجسم. ونسبة أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم أعلى في ماء زمزم، وهذا هو السبب في أنها تنعش الحجاج. بركة ماء زمزم وفضله وفوائده العظيمة، تجعل زائري البيت الحرام، سواء من المعتمرين أو الحجاج، يحرصون على الشرب منه خلال أدائهم لمناسك الحج أو العمرة، فضلاً عن حرصهم على العودة إلى بلادهم بعبوات من مياه زمزم مختلفة الأحجام لتقديمها هدايا للأهل والأصدقاء والمعارف.
مشاركة :