إدارة النفايات والاقتصاد الدائري

  • 7/11/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قد يبدو مصطلح «الاقتصاد الدائري» مفهوماً جديداً شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بتبنّيه حديثاً، في ضوء اعتماد مجلس الوزراء مطلع عام 2021 «سياسة الاقتصاد الدائري لدولة الإمارات 2030». إلا أن هذا المفهوم في أبعاده وعمقه، كان في صميم الرؤية الاستراتيجية والاستشرافية للإمارات وفي صلب توجيهات قيادتها الرشيدة، منذ تأسيس اتحادها المجيد على يد الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وصولاً إلى يومنا هذا، تحت القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله». لقد كان الأب المؤسس قدوة في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية على أُسس مُستدامة وفي التطلع نحو المستقبل مع الإيمان بضرورة تحقيق التنمية بالتوازي مع تلبية احتياجات الأجيال المقبلة، ومن أقواله الخالدة في هذا الصدد: «إننا نُولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة للمحافظة عليها. وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط. ويتركوا فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء». وعليه، يُمكن القول إن وضع أُسس الاقتصاد الدائري في دولة الإمارات لم يأتِ من فراغ، ولم يكن استنساخاً لتجربة ما، ولا شك أن اعتماد سياسة الاقتصاد الدائري من قِبل مجلس الوزراء، ومن ثم تشكيل مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري ولجنة السياسات المنبثقة عنه، وما تبع ذلك من خطوات عملية وإنجازات نوعية في غضون عام ونصف العام، شكّل مرحلة مفصلية في مسيرة تبنّي الدولة لهذا النموذج الاقتصادي الحيوي، وتسريع وتيرة الارتقاء بمنظومة الاقتصاد الدائري الإماراتي في مختلف قطاعات الأعمال وأنشطتها، وبالتالي تحوّل الدولة بشكل شامل ومتكامل نحو اقتصاد مُستدام يُعزّز تنافسيتها ويُرسّخ مكانتها كمركز اقتصادي عالمي، وفق مبادئ وأهداف «الخمسين» ومحدّدات «مئوية الإمارات 2071». ولما كانت مسألة تعزيز الصحة البيئية والحد من الإجهاد البيئي من الأهداف الرئيسية ضمن سياسة دولة الإمارات للاقتصاد الدائري، بقي ملف الإدارة المتكاملة للنفايات من أبرز الملفات التي تحظى بأولوية الدولة واهتمامها، بما يتماشى مع مستهدفات الأجندة الوطنية الخضراء. وفي هذا السياق، ضاعف مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير» جهوده لإحداث قفزة نوعية في مجال الإدارة الآمنة والفعّالة للنفايات من خلال تطوير وتطبيق أحدث الأنظمة والبرامج المستدامة وفق أرقى المعايير والممارسات العالمية، انطلاقاً من خطة إمارة أبوظبي، ودعماً لجهود الدولة في التحوّل الشامل نحو الاقتصاد الدائري في قطاع النفايات. وقد حقق «تدوير» نتائج عملية مُهمّة وملموسة بالتعاون مع شركائه الاستراتيجيين في القطاعين الحكومي والخاص على المستويين الاتحادي والمحلي، لجهة تحديث وتطوير عملية إدارة النفايات واعتماد أفضل المنهجيات والطرق لمكافحة آفات الصحة البيئية العامة، وهو ما ساهم في ترسيخ ثقافة التحوّل من مفهوم إدارة النفايات البلدية الصلبة والتجارية والصناعية في إمارة أبوظبي من مشروع خدمي بحت إلى مشروع حيوي ذي قيمة وفائدة بيئية واقتصادية واجتماعية وصحية، وبالتالي المساهمة الجديّة في تعزيز فرص الوصول إلى تطبيق فكرة أنه لا يُوجد شيء اسمه النفايات وفق منطق الاقتصاد الدائري. وكان من بين أبرز مساهمات «تدوير» في دعم التحول نحو تطبيقات الاقتصاد الدائري في قطاع إدارة النفايات، على سبيل المثال لا الحصر، تعاونه الوثيق مع كل من مؤسسة أبوظبي للطاقة وشركة مياه وكهرباء الإمارات لإنشاء محطتين لتوليد الطاقة النظيفة من النفايات، عبر تحويل ما يقارب 1.5 مليون طن من النفايات البلدية سنوياً إلى طاقة بدلاً من طمرها. وجدير بالذكر أن هذه المبادرة وحدها، كفيلة بإنتاج 150 ميغاواط من الكهرباء سنوياً، بما يُعادل توفير الطاقة لنحو 38 ألف منزل في الدولة، وبخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2.5 مليون طن في العام الواحد، وهو ما يُعادل إزالة أكثر من 500 ألف سيارة من الطرقات. لقد حققت دولة الإمارات - وخصوصاً في الأعوام القليلة الماضية - قفزات كبيرة نحو ترسيخ اقتصاد أكثر دائرية يضمن تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية وترشيد استهلاكها والحد من التلوث لمواجهة تغيّر المناخ، ومن هنا، تزداد الحاجة والقناعة أكثر من أي وقت مضى، إلى غرس المفاهيم والمبادئ التي تبني إنساناً واعياً وملماً بقضاياه البيئية وقادراً على الإسهام الإيجابي في تقليل إنتاج النفايات وتحويلها إلى رافد اقتصادي، بما يضمن جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية. مدير عام مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير»

مشاركة :