لا يختلف اثنان على أن الفرنسي بول بوجبا المتوج بمونديال روسيا 2018، مع «الديوك»، يعتبر من نجوم الطراز العالمي، رغم المواسم الستة الأخيرة التي بدا فيها في صورة أقل كثيراً من إمكانياته الحقيقية، وبوجه خاص على مستوى الأندية. وبعد مرور أول على يوفنتوس تورينو الإيطالي عام 2012، حيث كان في أوج توهجه وتألقه، إذا به ينطفئ بريقه خلال 6 مواسم أمضاها في مانشستر يونايتد أعتباراً من 2016، ولم ينجح خلالها في أن يثبت جدارته بأن يكون نجماً من الطراز العالمي، لأسباب عدة بعضها يخصه، حيث كان كثير المشاكل، وأيضاً كثير التعرض للإصابات، والبعض الآخر يخص المديرين الفنيين الذين تعامل معهم خلال السنوات الست التي أمضاها في قلعة «الشياطين الحمر». والآن، وبعد أن انتهى تعاقده مع «اليونايتد»، وانتقل إلى صفوف يوفنتوس الإيطالي، بات السؤال المطروح في كافة وسائل الإعلام الأوروبية: هل من الممكن أن يعود بوجبا إلى مستواه العالي الذي كان عليه في فترة مروره الأولى على «السيدة العجوز»، أم أن المواسم العجاف التي قضاها في مانشستر يونايتد من 2016 إلى 2022، ذهبت به إلى طي النسيان، ولم يعد النجم الكبير الذي قاد منتخب بلاده للفوز بكأس العالم بروسيا 2018؟ للإجابة على هذا السؤال، لابد من العودة إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى يوليو 2016، عندما وجه ماسيمليانو أليجري المدير الفني لـ «اليوفي» تحذيراً لبوجبا قائلاً: أيا كانت الفرصة التي لاحت لك لمغادرة يوفنتوس، عليك أن تفكر جيداً، لأن «البيانكونيري» في ذلك الوقت كان أحد أفضل 4 فرق في أوروبا. غير أن بوجبا لم يستمع إلى النصيحة المغلفة بتحذير، وغادر يوفنتوس إلى مانشستر يونايتد الذي كان يدربه وقتها البرتغالي جوزيه مورينيو، وآنذاك كان مينو رايولا وكيل بوجبا، والذي توفى في 30 أبزيل الماضي، يردد دائماً مقولة أن موكله لن يترك «السيدة العجوز»، إلا من أجل «مشروع نموذجي» في «نادٍ نموذجي». وعندما طُرح اسم «اليونايتد»، لم يتردد رايولا في إقناع بوجبا بالعودة إلى هذا النادي الذي شهد بدايته الأوروبية في ريعان شبابه، وكان يأمل في الاستمرار وقتها، ولكن المفاوضات الخاصة بالتجديد، والتي دارت بين رايولا، والسير أليكس فيرجسون المدير الفني لـ «اليونايتد»، باءت بالفشل. غير أن رحيل فيرجسون لاعتزاله التدريب، أتاح لبوجبا الفرصة للعودة مرة أخرى إلى «قلعة الشياطين»، بعدها بأربع سنوات، ولكن النادي لم يكن في أفضل حالاته، عند عودته في 2016، وبدا واضحاً أن رحيل فيرجسون أثر كثيراً بالسلب على الفريق، وحاولت الإدارة إنقاذ الوضع والحفاظ على «اليونايتد» من السقوط، فقامت بتعيين مورينيو مديراً فنياً على أمل أن ينجح في الإصلاح، غير أن العلاقة بين «سبيشيال وان» والنجم الفرنسي، لم تكن في أفضل حالاتها، ولم يحقق مورينيو النتائج المرجوة، وتمت إقالته بعد سلسلة من العروض والنتائج السيئة، وأيضاً لأنه وضع بوجبا على «دكة البدلاء»، قبل مباراة ليفربول المهمة جداً في الدوري «البريميرليج». وكان خبراء الكرة الإنجليزية يتصورون أن بوجبا سيقضي أفضل فترات تألقه الكروي في مانشستر يونايتد، عندما كان في عمر23، ولكنه خيب آمال الجميع. واليوم وصل بوجبا إلى سن 29، وعليه أن يحاول إنقاذ ماي مكن إنقاذه في مسيرته الكروية، لأن المواسم الستة السابقة كانت للنسيان، وبات عليه أن يعوض الوقت الضائع من عمره والذي أستهلكه ما بين إصابات ومشاكل وخلافات مع المدربين. ويبدو أن هذا هو ما ينتويه بعودته الثانية إلى «السيدة العجوز»، غير أن النادي الإيطالي تغير فيه الشيء الكثير خلال السنوات الأخيرة، إذ أنه لم يفلح في آخر موسمين في إحراز بطولة الدوري الإيطالي «الكالشيو»، بعد أن كان احتكرها لسنوات طويلة، كما أنه تأهل بصعوبة بالغة إلى دوري الأبطال «الشامبيونزليج» في آخر موسمين بحصوله على المركز الرابع في ترتيب فرق الدوري. ومنذ وصول «اليوفي» إلى نهائي «الأبطال» عام 2017، بعد رحيل بوجبا بعام، لم ينج في أن يتخطى دور الثمانية لهذه البطولة في النسخ التالية، وعانى من الإقصاء أمام أندية تعتبر من المستوى الثاني مثل أوليمبيك ليون وفياريال وبورتو. وتبقى الإشارة إلى حقيقة اعترف بها، وأكدها جميع خبراء اللعبة، وهى أن بوجبا نجح بالفعل في صنع الفارق مع «السيدة العجوز» في فترة مروره الأولى، حيث لعب 177مباراة في مختلف المسابقات، وسجل 34 هدفاً وصنع 40 آخرين، وأسهم في فوز «اليوفي» بالدوري الإيطالي 4 مرات، وكأس إيطالي مرتين، والسوبر الإيطالي 3 مرات. ولكن يظل السؤال مطروحاً: هل ينجح بوجبا في استعادة «الأيام الخوالي» مع «السيدة العجوز»، وهل أليجري قادر على وضعه على الطريق الصحيح لإحداث الفارق في الموسم الجديد ؟
مشاركة :