شخصيات نصوص الأزوري تعيش حالة نفسية مشتركة

  • 7/12/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هي تسعة نصوص تبدأ بالدوامة التي تلفنا برحلة ممتعة نتمنى ألا تنتهي بمصعد يهبط بنا من خدر الجمال إلى قرصة الواقع. تتمحور غالبية النصوص حول الهم الأنثوي ليس السطحي بل العميق، هم الحرية ولو يقتصر على الاعتراف بآدميتها وأنها بشر فيها من البشرية تماماً كما في الرجل، وكأن المرأة مخلوق فضائي أسرته البشرية، تستعمله لأغراض حسية وخدمية، ولذلك تلجأ الكاتبة (الأزوري) لنظام السخرية، كمظهر احتجاجي على الواقع المتأزم بالجدية الزائفة وتتجلى الكوميديا في نصوص (صباح المرود لا صباح القرود، ويبلغ أوجها في كنز العرمجية، ثم تكثفها في نصوصها القصيرة، قاضي أنكحة، مستشعرة، لتتوهج باهية في ..الرقشاء) ففي نص الدوامة، هناك قاسم مشترك بينه وبين بقية النصوص. «اسجن نفسك في هذا البلد المغلق» ولو تتبعنا كل أشخاص القصص الأخرى لوجدنا أنهم في ذات الدوامة وذات السجن مهما تفاوتت العناوين؛ فالتفاوت هنا تفاوت كمي لا نوعي، فالمجتمع شيء معقد، فهو قطار ديكتاتوري يقوده الرجل. فالجهل قرين المرض وقرين الخرافة وابن عم كل الخيانات والتفاهات البشرية، إنه الواقع المرير الذي تصطدم به ففي كل مرة تظن المرأة أن قدميها ترسخت حتى تغوص في وحل من نوع آخر. «ما أن استقرت قدماي داخل المنزل ودلفت حجرتي إلا واصطدم بواقع مرير». إنها حالة نفسية مشتركة في جميع شخوص النصوص وهي حالة ليست نفسية وحسب بل فكرية أيضا أسست بها الكاتبة غالبية نصوصها، وهذا التأسيس هو حالة إبداعية تتعامل مع جوهر الإنسان باعتبار أن الجوهر يسبق العرض، وهنا تكمن قيمة الانسان الوجودية، وليس في طبيعته العارضة، فالكاتبة هنا تؤكد على الحالة النفسية والفكرية لأنها لاتقتصر على فرد دون فرد، بل مجتمع دون مجتمع، تلك إذن بوابة مطلقة على عذابات الملايين من النساء وملايين أيضاً دونها من الرجال، لارتباطها باللاوعي الجمعي لا الفردي ومفتوحة لكل التفسيرات والدلائل. براءة.. نص يحوي كل الحقائق من المولد إلى الموت، حيث تجسده الكاتبة في نص الدوامة فالخلاص يكمن في الموت ..الخلاص أمر صعب! فليس من السهل تحويل المأساة إلى مباهج ولا الجهل إلى حقيقة علمية تجريبية مفروغ منها، لكن النوابغ يمكنهم فعل ذلك، ففي الكفاح القائم بينك وبين المأساة تمسك بجانب السخرية، وهو ما نجده جليا في نص (كنز العرمجية) حيث تبرز قدرة الكاتبة بإنشائها عالما ثريا بدلالته ليست الفنية وحسب، ولا تخمته الجمالية ولكن في تجاوزها كل ذلك بطريقة إيحائية تكشف من خلالها بعداً اجتماعياً آخر ورفعه إلى مستوى العلن لتثوير المواجهة في كل خاتمة من نصوصها تقريبا. سليم سليم وش اسوي بمحبوبي... « ترى من هو المحبوب النحس هنا...؟ إنه القرد.. وفي كنز العرفجية.. «هلب مي.. هذا نفر ما فيه كويس..» ف (سارة الأزوري) أخرجت نصوصها من وقائع السير الذاتية، ومتاهات الرومانسية، إلى عالم فني أرحب يقفز عمودياً وأفقيا وزمكانيا يعري فقر الواقع وحقيقته. « دائما يردد: املي البيت أثاف ولا تملأه إناث، طلقها من زوجه وأضافها لإناثه» وكذلك بالنسبة للمستشعرة، تعري به الواقع الأدبي الذي جعل اللامنظور مرتدياً بدلة. «أجادوا النفخ فيها -بشفاه مشرومة- حد الأسن، صدقت الكذبة فأصيبت بانفلونزا الخبال» هكذا ترمز الكاتبة في كل نصوصها إلى أن المجتمع يشعر أنه ناقص تماما إلا أنه لا يتجه إلى إصلاح خلله، بسبب أن التكاليف باهظة، لكنه مؤمن موحد صرف؛ ليتساءل كل أفراده ..ألا يكفي هذا ليخلصني؟ تحياتي للكاتبة القاصة القديرة والمبدعة حقا (سارة الأزوري) ناقد عراقي إصدارات سارة الأزوري طقس خاص قصص سارة الأزوري

مشاركة :