تقول لويزا فيتشينازا بيدي، صانعة شوكولاته محترفة من مدينة نوتينغهام بإنجلترا، “لطالما كنت مولعة بالشوكولاته، ولكن عندما اكتشفت اختلافات المذاق والفروق الدقيقة للأصناف أحادية المنشأ – تلك النكهات المذهلة التي تضاهي النبيذ الفاخر – اكتشفت شيئا مهما”. وترى لويزا أن استخدام حبوب كاكاو من نوع واحد، من مزرعة واحدة، يعطي الشوكولاته مذاقا فريدا. تقول لـ” بي بي سي”، “إذا ما نظرت إلى القهوة أو النبيذ، فالأمر مماثل. المذاق يأتي من البيئة والمناخ والتربة. ويختلف الطعم من صنف إلى آخر بشكل مدهش”. ويعكف العلماء على اكتشاف من أين يأتي المذاق المتميز للأصناف المختلفة، لكي يتمكنوا من إعادة إنتاجها بشكل أكثر ثباتا. وتترأس الباحثة أيرين شيتشيك مجموعة مختصة في كيمياء الأغذية بجامعة زيوريخ. 95 في المئة من الشوكولاته تنمو في مزارع عائلية صغيرة، يعمل بها نحو ستة ملايين مزارع في أنحاء متفرقة من العالم وهي تعمل حاليا على تطوير عمليات تقنية جديدة من الممكن أن تؤثر على مذاق الكاكاو على المستوى الجزيئي، بغية الحصول على المذاق الأفضل من كل محصول، وتحقيق جودة تتسم بالاستمرارية والثبات. تقول، “يوجد الآن تقدير أكبر لهذا المنتج، فنحن نعرف من أين تأتي الحبوب، من أي مزرعة وأي صنف، وبإمكاننا تحقيق تنوع أكبر في المذاق”. تقليديا، يتم تخمير حبوب الكاكاو في المزرعة التي تنمو بها تلك الحبوب. وتعمل الميكروبات الموجودة في البيئة على تحليل المادة الطرية المحيطة بالحبوب. وتقول شيتشيك إن “التخمير ينتج عنه الكثير من الاختلافات فيما يتعلق بالجودة. فعمليات التخمير لا تتم جميعها بنجاح”. وحبوب الكاكاو رديئة التخمير لا تكتسب مذاقا واضحا، في حين أن الحبوب التي يتم تخميرها أكثر من اللازم يصبح مذاقها حمضيا. “الحضانة الرطبة” هي تقنية تخمير طورتها شيتشيك وفريقها، حيث يتم تجفيف بذور الكاكاو، ثم يضاف إليها محلول من حمض اللاكتيك الذي يحتوي على الإيثانول. تقول شيتشيك إن “هذه العملية تنتج نفس التفاعلات داخل الحبوب، ولكن من الأسهل التحكم فيها”. وتضيف أن “المذاق الناتج أكثر حلاوة وثراء، وله طعم كطعم الفاكهة”. وفهم عملية التخمير بشكل أفضل من شأنه أيضا أن يساعد المزارعين في التغلب على ما يواجهونه من مشكلات. حوالي 95 في المئة من الشوكولاته تنمو في مزارع عائلية صغيرة، يعمل بها نحو ستة ملايين مزارع في أنحاء متفرقة من العالم. Thumbnail وتقول يوكي آرتس من شركة “طونيز شوكولونلي” الهولندية التي ترفع شعار “من الحبوب إلى القالب”، إن “سلسلة قيمة الكاكاو لا تزال مقسمة بشكل غير متكافئ”. فهناك قلة من الشركات الكبيرة التي تجني أرباحا طائلة، في حين أن الملايين من صغار مزارعي الكاكاو يحصلون على أجور زهيدة. كما أن مزارعي الكاكاو يتأثرون كذلك بأنماط الطقس المتغيرة. وطبقا لمنظمة التجارة العادلة التي تسعى إلى مساعدة المزارعين في الحصول على مقابل عادل لمنتجاتهم، فإن الأراضي الصالحة لإنتاج الكاكاو سوف تتقلص بشكل كبير في المستقبل القريب نتيجة التغير المناخي. ويقول الخبراء إن فهم عملية التخمير في غاية الأهمية أيضا عندما يتعلق الأمر بدراسة تأثير التغير المناخي على هذه التجارة. وتقول مزارعة الكاكاو كارمن ماغالي إيراسو أدارمي، “هناك الكثير من الأمطار والكثير من الرطوبة، وهذا ليس جيدا لمزارعنا”. وتوجد مزرعة كارمن في منطقة ويلا بكولومبيا على أرض شديدة الانحدار. والوصول إليها والخروج منها صعب ومحفوف بالمخاطر، لاسيما عندما يحمل المزارعون جوالات حبوب ثقيلة على ظهورهم. وتعمل كارمن مع شركة لويزا وجامعة نوتينغهام في إطار مشروع يهدف إلى تحسين مذاق حبوب الكاكاو التي تنتجها مزرعتها. وباستخدام أجهزة صغيرة محمولة لرسم التسلسل الجيني، يمكن للباحثين والمزارعين أن يقوموا بتحليل الميكروبات التي تقوم بعملية تخمير الحبوب. ومع فهم أفضل للعوامل التي يتوقف عليها مذاق الشوكولاته الفاخرة، سيكون بالإمكان التحكم في عملية التخمير لتحسين الطعم.
مشاركة :