ترصد الدوائر السياسية والبحثية في الغرب، موجات غضب شعبية متلاحقة بسبب الانعكاس السلبي للعقوبات الغربية على روسيا، ما تسبب في حالة رفض شعبي. وتشير مراكز دراسات استراتيجية في برلين، إلى أن تعامل أوروبا مع الحرب في أوكرانيا، كان أشبه بإطلاق النيران على أقدام شعوبها والتي تعاني حاليا من أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة، وكان على الدول الغربية أن تحدد مساعداتها لأوكرانيا، بالدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، دون السقوط في دوامة المواجهة مع روسيا وفقا لتوجهات واشنطن.. والنتيجة أن دول الاتحاد الأوروبي أصبحت في مواجهة مجموعة من التوترات الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية. السياسة تطلق النيران على أقدام الشعوب وتشير صحف فرنسية، إلى أخطاء المواقف السياسية دون مراعاة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية في أوروبا، وكأن السياسة تطلق النيران على أقدام الشعوب، وتوقعت الصحف اندلاع احتجاجات في مختلف دول الاتحاد الأوروبي مطلع الشتاء المقبل، بسبب ارتفاع أسعار البنزين ونقص إمدادات الغاز إلى دول الاتحاد، وكشفت أن الحكومات الأوروبية تتوخى الحذر من ردة فعل مواطنيها في حال استمرار ارتفاع الأسعار. وربط المحللون والمراقبون بين مواقف الدول الأوروبية من فرض العقوبات على روسيا، والانخراط في أزمة الحرب في أوكرانيا، وبين أن يصبح التضخم وارتفاع الأسعار كابوسان يطيحان باستقرار القارة الأوروبية، ودخول فصل الشتاء بدون الغاز الروسي. على القارة العجوز مراعاة المصلحة العامة ويرى الباحث الفرنسي، ستيفان سيجورني، في صحيفة «لوبينيون»، أن الأوضاع التي تعيشها دول الاتحاد والتوترات العالمية تفرض على القارة العجوز العمل بشكل موحد بعيدا عن القرارات الأحادية ومراعاة المصلحة العامة، مشددا على أن إصلاح سوق الطاقة من الأمور الضرورية التي يجب على دول الاتحاد العمل على تطبيقها، من أجل تعويض نقص الإمدادات الروسية. القارة العجوز تواجه شتاء دون تدفئة وصيفا بلا مكيفات ويؤكد الباحث البريطاني، ديفيد نيومين، قائلا “حكومات أوروبا أطلقت النيران على أقدامنا، وهي تسير في ركاب البيت الأبيض الذي يسعى للثأر من المنافسة الروسية الدولية، والنتيجة التي تواجهها شعوب القارة، هي شتاء دون تدفئة وصيف بلا مكيفات، حيث توعدت موسكو الدول الغربية برد مؤلم على العقوبات”. مشيرا إلى تصريحات مدير دائرة التعاون الاقتصادي في الخارجية الروسية، دميتري بيريتشيفسكي، بأن «الجانب الروسي لم يتخذ بعد إجراءاته بكامل قوته، وأنه من الواضح أن الدول الغربية ترهق اقتصادها ومواطنيها بالخطوات المعادية لروسياـ، وأنه ليس ذنب روسيا أن الأوروبيين قد يواجهون شتاءً بدون تدفئة وحر الصيف بدون مكيفات الهواء» التضخم المفرط وتؤكد الدوائر الاقتصادية في بروكسل، أن توقعات التضخم ارتفعت فى منطقة اليورو حتى وصل إلى ذروته فى عدد من الدول، مع ارتفاع احتمالية حدوث نقص فى الغاز الطبيعى بسبب الحرب الأوكرانية، والتى أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع إلى 0.75% بنهاية العام، وإلى 1.25% فى اجتماعه فى مارس، وفقًا لموقع بلومبرج. ويتسبب ارتفاع تكلفة المعيشة فى خسائر متزايدة للأعمال التجارية والمستهلكين الذين خرجوا من عامين من تفشى كورونا، وفى الوقت نفسه، يشكّل انخفاض شحنات الغاز من روسيا تهديداً لإمدادات الطاقة فى الشتاء. وأعلن المعهد الوطنى الإسبانى للإحصاء، ارتفاع معدل التضخم فى إسبانيا إلى 10.2% فى يونيو/ حزيران على أساس سنوى، وهى المرة الأولى التى يتجاوز فيها 10% منذ أبريل/ نيسان 1985، وجاءت القراءة أعلى من التوقعات البالغة 9%، كما توقع البنك المركزى الألمانى، ارتفاع التضخم للأشهر الـ 12 المقبلة من 7% فى مايو/ آيار إلى 7.5% فى يونيو/ حزيران، وهى أعلى قيمة يتم تسجيلها منذ بدء المسح فى عام 2019. التضخم مصدر قلق لأوروبا وفي الاستطلاع الذى أجرته شركة التأمين الألمانية «أليانز»، ذكر حوالى 57% من حوالى ألف ألمانى شملهم الاستطلاع أن التضخم هو أكثر قضية تهمهم فى الوقت الحالي..وفى فرنسا أشار 57% من المشاركين فى الاستطلاع إلى التضخم باعتباره مصدر قلق، ويحتل المرتبة الثانية بعد الرعاية الصحية باعتباره القضية الأكثر إلحاحا. وفى أول توقعاتها الاقتصادية لعام كامل، بعنوان «الحرب والأسعار»، قالت وكالة الإحصاء الفرنسية «إنسى»، إنها تتوقع أن تصبح الخدمات المساهم الرئيسى فى التضخم فى ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو، بعد أن قفزت أسعار الطاقة بعد الغزو الروسى للبلاد. أوكرانيا..ويعتبر هذا القطاع عاملاً رئيسيًا لديناميات الأسعار فى فرنسا، حيث يشكل ما يقرب من نصف إنفاق الأسر وحساسيته للآليات بما فى ذلك مؤشر الحد الأدنى للأجور.
مشاركة :