تركيا: تصاعد الاشتباكات بين الجيش التركي ومسلحي حزب العمال الكردستاني

  • 12/23/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد الأيام الحالية تصاعداً عنيفاً في الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش التركي ومسلحي حزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابيًا في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي) في مدن جنوب شرق تركيا منذ توقف عملية السلام واستئناف القتال على إثر بعض الهجمات التي شنتها عناصر العمال الكردستاني على قوات الجيش التركي وشن الجيش التركي ضربات جوية على معسكرات حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل بشمال العراق في شهر يوليو 2015م. ومن أبرز معالم تصاعد الاشتباكات في الآونة الأخيرة فرض حظر تجوال في شوارع بعض المدن المختلفة في الجنوب بسبب ضراوة الاشتباكات التي انتقلت إلى داخل الشوارع والمدن وآثار الدمار الهائلة، كما شهدت مدن سور وجيزرة ونصيبين حالات هجرة كبيرة حيث اضطر عدد كبير من السكان إلى النزوح إلى مدن أخرى أكثر أمانًا عقب تحذيرات أطلقها مسلحو حزب العمال الكردستاني للمدنيين. فيما أصيبت مظاهر الحياة العامة بشبه توقف تام على إثر الدمار الهائل وهجرة المدرسين والموظفين إلى مدنهم الأصلية. وتختلف الاشتباكات في هذة الآونة عن الاشتباكات المعهودة بين الجيش التركي ومسلحي العمال الكردستاني في التسعينات وأوائل العشرينات والتي كانت تعتمد على القيام بتفجيرات إرهابية في المدن الكبرى تستهدف المدنيين وكانت تعتمد أيضًا على القتال في المناطق الريفية. حيث يركز حزب العمال الكردستاني عملياته حاليًا على الحضر والمدن بدلًا من المناطق الريفية، كما أن عملياته تستهدف قوات الشرطة وقوات الجيش خاصة في المدن ذات الأغلبية الكردية أملًا في إثارة المشاعر القومية الكردية لدى أكراد تركيا على غرار ما حدث في مدينة عين العرب (كوباني) السورية ورغبة منه في لفت أنظار الرأي العام العالمي إلى تركيا على غرار ما حدث في المدينة السورية. ويعتمد حزب العمال الكردستاني في قتاله الحالي أسلوباً جديداً يقوم على تجنيد الشباب الأكراد في المدن الكردية في إطار حركات مسلحة مثل (حركة الشباب الثوري الوطني) بعد تدريبهم مسبقًا وتسليحهم وإقناعهم بأنهم يدافعون عن أرضهم بالإضافة إلى مقاتليه الأصليين القادمين من جبال قنديل في شمال العراق، كما قام المسلحون الأكراد بحفر الخنادق في المدن الجنوبية وزرعها بالمتفجرات في قتالهم مع قوات الجيش واتباع أسلوب حرب الشوارع لجذب عناصر الجيش إلى الشوارع والطرقات الضيقة التي يصعب دخول المدرعات والعربات المصفحة إليها وهو ما يشير إلى رغبة قيادات العمال الكردستاني في إطالة أمد الحرب مع الجيش التركي والصمود لأطول فترة ممكنة في القتال. من ناحية أخرى، أعلنت الحكومة التركية الجديدة استمرارها في المواجهات مع حزب العمال الكردستاني حتى يلقي السلاح ويخرج مسلحيه من الأراضي التركية تمهيدًا لبدء عملية سلام. كما أعلنت رئاسة الأركان التركية في 17 ديسمبر 2015م بدء عملية كبيرة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" في ولايات جنوب شرقي البلاد وخاصة ديار بكر وشيرناق بعدما استولت عناصر حزب العمال الكردستاني المُسلحة على مناطق في ولايتي ديار بكر وشيرناق وأعلنتها مناطق مُستقلة ذاتيًا، وقد لقي قرابة 100 من عناصر العمال الكردستاني مصرعهم على إثر العملية العسكرية الأخيرة. من جانبه صرح رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في معرض انتقاده الشديد لعناصر منظمة حزب العمال الكردستاني التي تحارب قوات الأمن "إن المنظمة الإرهابية ستهلك في تلك الخنادق مؤكدًا على أن العمليات الأمنية الحالية ستستمر حتى يتم تطهير المنطقة من الإرهابيين وتنعم بأجواء الطمأنينة عن طريق قوات الأمن من جنود وشرطة وحراس القرى المتطوعين". وفي ظل تصاعد الاشتباكات المسلحة تنخفض أي آمال واحتمالات للعودة مجددًا إلى عملية السلام التي أطلقتها الحكومة عام 2013م وسط تزايد الخسائر البشرية التي يتكبدها الطرفان وحالة الدمار التي تشهدها البنى التحتية للمدن الجنوبية، وهو ما قد يجعل شروط العودة للتفاوض من قبل الطرفين أكثر تعقيدًا ويرفع سقف مطالب الطرفين أعلى مما سبق. من ناحية أخرى، فإن الوضع الإقليمي المضطرب الذي يحيط بتركيا فيما يتعلق بالأزمة السورية والملف العراقي واستغلال حزب العمال الكردستاني معسكرات داخل الأراضي السورية للتدريب يطيل من عمر الصراع ويجعل آمال العودة إلى طاولة المفاوضات ضعيفة وبعيدة ويربطها بمسار مشاكل المنطقة المأزومة.

مشاركة :