أكد المدير العام لصندوق النقد العربي جاسم المناعي، ضرورة «تطوير استراتيجيات وطنية في الدول العربية لتعزيز الشمول المالي اللازم لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة وخلق مزيد من فرص العمل». وشدد في افتتاح «المنتدى الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية»، الذي بدأ أعماله أمس في أبوظبي، على تحقيق هذا الشمول في الدول العربية. ودعا إلى إعادة النظر في نموذج التنمية في المنطقة، إذ اعتبر أن مناطق كثيرة «بقيت مهمّشة على رغم تحقيق معدلات نمو مرتفعة، لذا يجب إجراء توزيع عادل للتنمية ليشمل شريحة واسعة ومناطق أكبر من المجتمع». وينظم المنتدى صندوق النقد العربي مع «المجموعة الدولية لمساعدة الفقراء» و«الوكالة الألمانية للتنمية الدولية» بالتعاون مع البنك الدولي. وأشار المناعي إلى أن «قضايا تعزيز الشمول المالي اكتسبت في دول العالم وتحديداً في الدول النامية، أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة أثر تداعيات الأزمة المالية»، وتمثلت في «تبني استراتيجيات وبرامج وطنية لتحسين فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية والنمو والاستقرار الاقتصادي من جهة، والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر من جهة أخرى». وأوضح أن مسائل الشمول المالي والارتقاء «تشكل محوراً أساسياً من اهتمامات مجموعة العشرين إذ باتت من أولوياتها، فضلاً عما تضمنته أجندة أهداف التنمية الألفية بعد عام 2015 من مؤشرات جديدة تتعلق بالشمول المالي». ولم يغفل المناعي أن «تعزيز الشمول المالي يحظى بأهمية إضافية لدى الدول العربية لأن الأحداث والتطورات التي شهدتها المنطقة العربية، أبرزت الحاجة الكبيرة لتطوير استراتيجيات تحقيق النمو الاقتصادي الأكثر شمولاً، والذي يساعد على مواجهة مشاكل البطالة ويعزز العدالة الاجتماعية». وشدد على أهمية «تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية للمساهمة في نجاح مثل هذه الاستراتيجيات». وكشف عن أن « 82 في المئة من سكان الدول العربية البالغين لا تتوافر لهم فرص الوصول إلى الخدمات المالية والتمويلية الرسمية، وتعادل هذه النسبة 184 مليون مواطن عربي. كما لا تتاح لما بين 16 و17 مليون شركة ومشروع صغير في المنطقة العربية فرص الوصول إلى التمويل والخدمات المالية الرسمية». ولاحظ أن الصورة «تتفاوت بدرجة كبيرة بين الدول العربية، لأن بعضها في وضع أفضل نسبياً على صعيد مؤشرات الشمول المالي»، معلناً الحاجة إلى «تحسين الوصول للخدمات المالية لدى كل الدول العربية من دون استثناء خصوصاً لدى الدول العربية الأقل دخلاً والكثيفة سكانياً». وأكد ضرورة «وضع قضايا تحسين الشمول والوصول إلى التمويل والخدمات المالية في سلم أولويات السياسات الاقتصادية والمالية وتطوير التشريعات والأطر الرقابية المساعدة على تحسّن انتشار الخدمات المالية والمصرفية». وأكد محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان بن ناصر السويدي، أهمية أن «تتماشى المبادرات الجديدة في مجال الشمول المالي في الإمارات مع التوجه نحو تنفيذ مبادرة الحكومة الذكية، التي تتطلب توافر الخدمات المالية إلكترونياً وعلى مدار الساعة وفي شكل فاعل وآمن وموثوق». وذكر أن الشمول المالي «حظي في السنوات الأخيرة بالاهتمام على المستوى الدولي خصوصاً مع تبني مجموعة العشرين هذه المسألة، كأحد المحاور الرئيسة في أجندة التنمية الاقتصادية والمالية، ما شجع بدوره على إنشاء برامج وهيئات عالمية تعنى بمتابعة ما يمكن تحقيقه في هذا المجال». وأوضح أن الإمارات «حققت مستويات متقدمة في مؤشرات الشمول المالي، وتفيد البيانات المتوافرة بأن الحسابات الجارية والتوفير والودائع في آجالها المتنوعة، بلغت 7.3 مليون وهو رقم قريب من عدد سكان الإمارات الإجمالي». وأعلن السويدي، أن «عدد الفروع المصرفية شاملاً المقار الرئيسة بلغ 941 فرعاً نهاية عام 2012، وعدد وحدات الخدمات المصرفية الإلكترونية 82، فضلاً عن 4492 صرّافاً آلياً و19057 نقطة بيع». ولم يغفل ضرورة أن «يلبي الشمول المالي حاجات النساء اللاتي يشكلن نصف المجتمع»، مشيراً إلى أن المقترضات من المصارف العاملة في الإمارات لم يتجاوز 160 ألفاً نهاية العام الماضي، أي خمسة في المئة من العدد الإجمالي للمقترضين. وحصلن على قروض مصرفية لا تتخطى قيمتها 5.1 بليون دولار أي أقل من 2 في المئة من الإجمالي». وأشار إلى أن حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في الإمارات «لا تتعدى 3.2 في المئة من القروض المصرفية مقارنة بـ 8 في المئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونسبة 18 في المئة في الدول الناشئة، فضلاً عن غياب دور شركات «رأس المال المغامر» المعروفة بإنشاء المشاريع الجديدة وتمويلها». وأكد حاجة المنطقة إلى «التعرّف على التجارب العالمية الناجحة في مجال الشمول المالي ودرسها، والتأكد من مدى تطبيقها على الواقع المحلي». ويناقش المنتدى على مدى يومين أوضاع الدول العربية على صعيد الشمول المالي وحاجات تطوير الاستراتيجيات الوطنية المناسبة والتجارب الدولية والإقليمية.
مشاركة :