لاقى تهديد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بالحرب على خلفية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل استنكاراً لبنانياً واسعاً ورفضاً لإدخال اللبنانيين في «مغامرة جديدة» و«تحويلهم إلى شهداء»، فيما توقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عند مسألة المفاوضات البحرية مع إسرائيل، إذ رأى أن تصريح نصر الله وضع حداً للتسوية حول الخط رقم 23. وكان نصر الله قد صعّد من مواقفه ضد إسرائيل مهدداً بالحرب، وأعلن في كلمة له في ذكرى حرب يوليو (تموز) 2006 أن خيارات حزبه مفتوحة «براً وبحراً وجواً». وقال عن المسيّرات التي أطلقها الحزب باتجاه حقل كاريش النفطي قبل نحو أسبوعين: «رسالة المسيّرات كانت تقول: نحن جديون ولا نقوم بحرب نفسية، وخياراتنا مفتوحة جواً وبحراً وبراً، واللعب بالوقت غير مفيد، ولبنان يستند إلى قوة حقيقية رادعة ومانعة، ويجب الاستفادة من تهديدها وفعلها». وأضاف: «المعادلة اليوم هي كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش». ولم يصدر أي موقف رسمي عن الدولة اللبنانية تعقيباً على تصريحات نصر الله، فيما اكتفى الرئيس اللبناني ميشال عون بالتأكيد خلال استقباله مستشار النمسا كارل نيهامر، أن «لبنان بلد محب للسلام، ومتمسك بسيادته الكاملة وبحقوقه في استثمار ثرواته الطبيعية ومنها استخراج النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب». وأعاد مسؤولون لبنانيون الزخم لمفاوضات ترسيم الحدود بوساطة أميركية، بعد تخليهم عن الخط (29) الذي يوسّع نقطة النزاع من 860 كيلومتراً إلى 2290 كيلومتراً، ما يعني العودة إلى الخط (23) الذي أقرّته الحكومة اللبنانية في عام 2010 وأرسلت مرسوماً إلى الأمم المتحدة ترى فيه أن هذه النقطة حقها. ورد جنبلاط على نصر الله أمس، داعياً إياه إلى تحديد «ما هو المسموح وما هو الممنوع»، معتبراً أن كلامه «أنهى إمكانية الحصول على اتفاق في المفاوضات مع إسرائيل». وكتب على حسابه في «تويتر» قائلاً إن «تصريح السيد حسن نصر الله وضع حداً لإمكانية التفكير بالوصول إلى تسوية حول الخط 23»، مضيفاً: «لقد دخل لبنان في الحرب الروسية الأوكرانية، لذا وتفادياً لاندلاعها فهل يمكن للسيد أن يحدد لنا ما هو المسموح وما هو الممنوع وذلك أفضل من أن نضيّع الوقت في التخمين واحتياط المصرف المركزي يذوب في كل يوم». من جهته رأى رئيس «حزب الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، أن نصر الله يُقحم الشعب في مغامرة جديدة دون استئذانه. وكتب على حسابه في «تويتر» قائلاً: «في الأمس نصّب نصر الله نفسه مرة جديدة رئيساً، رئيس حكومة وقائداً للجيش في آن، مورِّطاً شعب لبنان بمغامرة جديدة قد يدفع ثمنها من دون استئذانه». وكان نصر الله قد أكد في وقت سابق أنه يقف خلف الدولة اللبنانية في مفاوضات الترسيم. وأوضح في خطابه مساء الأربعاء قائلاً: «قلنا: نحن خلف الدولة في الترسيم، أي إنها هي التي تفاوض وليس نحن مَن نفاوض... لكن قلنا إننا لن نقف مكتوفي الأيدي... نحن لم نلتزم مع أحد ولن نلتزم مع أحد، ونحن نتابع المجريات، ومن حقنا اتخاذ أي خطوة في الوقت والحجم المناسب للضغط على العـدو لمصلحة لبنان». بدوره توجه النائب في «الكتائب» إلياس حنكش، إلى نصر الله بالقول: «نريد أن نعيش بسلام لا أن نكون شهداء!»، وكتب عبر «تويتر»: «لا نريد حرباً. لا نريد أن نكون شهداء. نريد أن ننتج، نبدع، نعيش بسلام ونخطط لمستقبل أفضل... نعمل لأجله!». ولم يختلف موقف «حزب القوات اللبنانية» على لسان النائب غياث يزبك الذي رأى في حديث إذاعي أن لبنان دخل في الحرب. وقال يزبك: «بعد خطاب الأمين العام لـ(حزب الله)، تأكد لنا أننا في اللادولة، ويبدو أن الجميع يلعب في الوقت الإيراني الضائع فيما لبنان ضائع»، مشيراً إلى أن «نصر الله كشف من جديد ظهر لبنان كما فعل في (حرب تموز) 2006، وقال إنه لا يقف وراء أحد بل يسير بالبلاد إلى حيث يريد، وهو يلعب ضمن الأطر التي تضعها إيران، وحساباتُه ليست حسابات لبنانية»، معرباً عن أسفه لكون «لبنان اليوم، من دون إطلاق صواريخ أو خطف جنود، دخل عملياً في حالة (حرب تموز) جديدة يفرضها عليه (حزب الله)». كذلك علّق رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان عبر حسابه في «تويتر» على كلام نصر الله قائلاً: «عبثاً يحاول اللبنانيون إيجاد الحلول لمشكلاتهم السياسية والاقتصادية والمعيشية، في ظل واقع مرير أقوى من أوهام الخلاص وأحلام بناء دولة ووطن». وأضاف: «المعادلة باتت واضحة: لا حلول لدولة لبنان بوجود دويلة إيران... الباقي تفاصيل». بدوره رأى النائب السابق فارس سعيد أن نصر الله يقود لبنان إلى جهنم. وقال: «لم نتحمل حرباً دعوت لها دون استشارتنا مع دولار بـ1500 ليرة (عندما كان سعر الصرف 1500 ليرة)، لن نتحمل حرباً نرفضها بدولار 30 ألف ليرة (وفق سعر الصرف الحالي)». وتوجه لنصر الله قائلاً: «تقودون لبنان إلى جهنم اذهبوا لوحدكم وارحمونا». وأضاف: «أوكل (حزب الله) لنفسه مهمة (الدفاع) عن لبنان براً وجواً وبحراً ضارباً بعرض الحائط الإجماع اللبناني، والحقيقة أنه يخدم مصالح إيران وبالتأكيد يضر بلبنان الفكرة والدستور والطائف والميثاق».
مشاركة :