شينزو آبي .. رحيل مفجع وإرث خالد في الذاكرة

  • 7/15/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جاء حادث اغتيال رئيس الوزراء الياباني الأسبق، شينزو آبي، محزناً بقدر ما هو مروع. فنادراً جداً ما يحدث عنف مسلح في اليابان؛ ويتضح بالفعل أن شرطة «نارا» المحلية، وشرطة الأمن (جهاز المخابرات) لم تكن مستعدة بما يكفي لحمايته. وبالنسبة لليابانيين من جيلي، فهذه المأساة تستحضر إلى الأذهان اغتيال الرئيس الأمريكي، جون إيف. كينيدي عام 1963، ومحاولة اغتيال جد «آبي»، نوبوسوكي كيشي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء الياباني، والذي تعرض للطعن عام 1960، بعد أن تصدت حكومته لرفض البرلمان تأمين اعتماد المعاهدة الأمنية الأمريكية اليابانية. وبموجب هذا الاتفاق، التزمت الولايات المتحدة بتوفير مظلة أمنية تحمي الأراضي اليابانية مقابل استضافة اليابان لقواعد أمريكية برية، وجوية، وبحرية. وكانت معاهدةً بين صديقين غير متكافئين؛ وأحد أهم إنجازات «آبي» كان تطويره لعلاقة ثنائية تميزت بقدر أكبر من التوازن. وشغل «آبي» منصب رئيس الوزراء مرتين؛ استمرت الولاية الأولى من سبتمبر 2006 إلى سبتمبر 2007، واستمرت الثانية من ديسمبر 2012 إلى سبتمبر 2020، مما جعله صاحب أطول ولاية في منصب رئيس الوزراء، في تاريخ الحكومات الديمقراطية في اليابان منذ عام 1885. ورغم أنه لم يحقق نجاحاً في ولايته الأولى في منصب رئيس الوزراء، إلا أن ولايته الثانية كانت ناجحة بصورة خاصة، وحققت تحولات سياسية واقتصادية. وبعد مراجعة حكومة «آبي» الثانية لموقف اليابان بشأن مبدأ «الدفاع الجماعي عن النفس»، عززت الحكومة العلاقات مع الولايات المتحدة من خلال تمكين القوات اليابانية من حماية القوات الأمريكية في جوار البلاد. وبعد ذلك، من خلال تعزيز علاقة صداقة وثيقة مع الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، تمكن «آبي» من الحفاظ على تحالف قوي بين الولايات المتحدة واليابان خلال سنوات سياسات «أمريكا أولاً». وعلى المستوى المحلي، أطلق «آبي» برنامجاً اقتصادياً، أطلق عليه اسم «أبينوميكس»، وتضمن هذا البرنامج ثلاثة «أسهم». كان السهم الأول سياسة نقدية عدوانية صُممت للتصدي لنوبة الانكماش التي طالما عانى منها الاقتصاد الياباني. وكان السهم الثالث لـ«أبينوميكس»، الذي تمثل في اعتماد الإصلاح الاقتصادي الهيكلي كاستراتيجية للنمو، أكثر إثارة للجدل. حيث اعتبره العديد من المراقبين سياسة غير مكتملة، إن لم تكن فاشلة. ومما لا شك فيه أن متوسط معدل نمو الاقتصاد الياباني خلال الولاية الثانية لـ«لآبي» كان مماثلاً لمتوسط السنوات العشر الماضية. ولكن في ظل حكم «آبي»، كان نمو الاقتصاد أكثر استقراراً، كما أن البلاد تجنبت الركود الذي حدث قبل توليه لمنصب رئيس الوزراء. وكان لي شرف العمل مع «آبي» عندما عينني في مجلس رئيس الوزراء للسياسة الاقتصادية والمالية، في عام 2006. وخلال رئاسته الأولى للوزراء، ركز «آبي» بصورة أساسية على الإصلاحات السياسية لجعل اليابان أقوى و«جميلة». وقد أوصينا بتوسيع الاتفاقيات التي تعتمدها البلاد فيما يتعلق بالتجارة الحرة؛ وتحويل مطار «هانيدا» لاستضافة الرحلات الجوية الدولية؛ وزيادة عدد العمال الأجانب في اليابان؛ وتنفيذ إصلاحات سوق العمل لإشراك المزيد من النساء وكبار السن؛ وإصلاح المعاشات العامة.. وعندما عاد «آبي» إلى السلطة في عام 2012، بدا أنه أكثر ثقافة وحزماً من الناحية الاقتصادية. وبعبارة أخرى، استغل «آبي» مهمته في ولايته الثانية، ليبدأ من حيث توقف مجلسنا في عام 2007. وأشعر بالفخر لأنني اضطلعت بدور في هذه الإصلاحات، ولا شك أنني أتحدث نيابة عن الكثيرين عندما أقول إن موت «آبي» المأساوي والموجع - خسارة كبيرة لليابان وللعالم. وسيبقى سعيه لتحقيق الأمن القومي والإصلاح الاقتصادي خالداً في الذاكرة، وسيُتخذ مرجعاً لسنوات مقبلة. نسأل الله أن ترقد روحه بسلام. * نائب وزير المالية الياباني الأسبق، وهو أستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :